دكار، باريس - رويترز، أ ف ب - زار الرئيس الاميركي بيل كلينتون امس الاربعاء السنغال المحطة الاخيرة في جولته الافريقية التي استغرقت 12 يوماً. وقبل وصوله الى دكار اجرى الرئيس الاميركي اتصالاً هاتفياً بنظيره الفرنسي جاك شيراك اتفقا خلاله على تعاون بلديهما في دراسة السبل الكفيلة بتخفيف ديون الدول الاكثر فقراً في القارة وانشاء صندوق لمكافحة الايدز في افريقيا. وجاء الاعلان عن التعاون الفرنسي - الاميركي في افريقيا في وقت تزايدت في باريس الشكوك والاتهامات لفرنسا بشأن الدور الذي لعبته في رواندا عشية المجازر التي اودت بحياة مئات الآلاف من المواطنين هناك عام 1994. وأثارت الصحف الفرنسية مجدداً هذه المسألة اول من أمس مركزة على الدعم التسليحي الذي قدمته باريس في عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميتران الى النظام الرواندي السابق. وفي السنغال، قام كلينتون بزيارة الى جزيرة غوري قبالة سواحل العاصمة دكار التي كانت مركزاً لتجميع العبيد تمهيداً لشحنهم الى اميركا. كما زار قاعدة عسكرية قريبة من العاصمة ثم توجه الى قرية صغيرة تدين ببقائها للمساعدات الاميركية. كما زار كلينتون مسجد دكار. واستغل الرئيس الاميركي هذه الزيارات للحديث عن خطط حفظ السلام والتنمية في القارة فضلاً عن موضوع الديموقراطية وحقوق الانسان الذي شارك في طاولة مستديرة بشأنه في العاصمة السنغالية. وأختار كلينتون الاتصال بالرئيس الفرنسي ليدحض شكوكاَ فرنسية في ان الولاياتالمتحدة تحاول احتلال مكانتها في المنطقة. وأكد مسؤول في البيت الابيض كان برفقة كلينتون على متن طائرة الرئاسة الاميركية ان الاتصال الذي اجراه الاخير مع شيراك يهدف في جانب منه الى تبديد اي احساس بوجود منافسة بين فرنساوالولاياتالمتحدة في افريقيا. واقترح شيراك نظراً الى النجاح الذي حققته رحلة كلينتون الافريقية مناقشة شؤون افريقيا وديونها وسبل تخفيف اعبائها خلال قمة الدول الصناعية السبع التي تعقد في ايار مايو المقبل في بيرمنغهام البريطانية وتشارك فيها روسياً. وقالت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا ان الرئيس الاميركي اطلع شيراك على مجريات رحلته وعلى الانطباعات التي كونها". وأضافت ان شيراك "هنأه على نجاح هذه الجولة وحيا الاهتمام الاميركي" بهذه القارة معرباً عن استعداده "لقيام تعاون بين الفرنسيين والاميركيين في افريقيا بروحية ممتازة". وقالت كولونا ان الرئيسين يرغبان بشكل خاص في "مواصلة التفكير بتخفيف ديون" الدول الاكثر فقراً، مذكرة بالقرارات الخاصة بهذه المسألة التي اتخذت اثناء قمة الدول الصناعية السبع الكبرى في ليون عام 1996. وقال كلينتون ان ادارة الطيران والفضاء الاميركية ناسا ستبدأ اجراء مسح لافريقيا لتحديد اثر التغير المناخي. وتعهد ببذل جهود جديدة لدى الكونغرس الاميركي لاقرار معاهدة دولية لمقاومة التصحر. وجعل كلينتون قضية الديموقراطية وصلاح الحكم والتجارة وحقوق الانسان اهم موضوعات جولته التي قادته الى جنوب افريقيا واوغندا ورواندا وغانا. فرنسا - رواندا وفي باريس، عادت صحيفة "لو فيغارو" لتؤكد من جديد اول من أمس ان الصواريخ السوفياتية الصنع التي اسقطت في 1994 طائرة الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، جاءت من المخزون الفرنسي الذي صادرته فرنسا في العراق اثناء حرب الخليج. وأدى هذا الحادث الى وقوع مجزرة راح ضحيتها ما بين 500 ألف و800 ألف شخص. وكان ضغط الرأي العام اجبر باريس على تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق لالقاء الضوء على هذه المسألة علماً ان المقربين من الرئيس الراحل فرنسوا ميتران نفوا ان يكون تجاهل وقوع المجازر في رواندا وواصل امداد السلطات التي تهيمن عليها قبائل الهوتو بالاسلحة في صراعها مع قبائل التوتسي. وقال رئيس الوزراء الفرنسي السابق ادوار بالادور الذي كان في حينه يتولى رئاسة الحكومة اليمنية في عهد الرئيس الاشتراكي انه "يجب ان نعرف اذا كانت المجزرة استخدمت من قبل قوى عظمى لغايات سياسية" او انها وقعت "نتيجة نزاعات اثنية أو دينية قديمة". وذكر بالادور في تصريحات الى صحيفة "لوموند" التي نشرت تحقيقاً طويلاً عن المجزرة بأن فرنسا "ارسلت آلاف الجنود الى رواندا في 1994 في اطار عملية للفصل بين الجانبين وتجنب وقوع مجازر". وأضاف ان فرنسا "كانت الدولة الوحيدة الكبرى التي اتخذت مبادرة القيام بكل شيء لتجنب النتائج المأسوية لهذه المجزرة". وكانت السلطة الحاكمة حالياً في كيغالي تسيطر عليها اقلية التوتسي اكدت ان فرنسا سهلت عبر العملية فرار مرتكبي المجزرة الهوتو الى زائير. ومنذ ان جاء الى السلطة، يصر النظام الرواندي الجديد على تطويق كل مبادرة فرنسية في منطقة البحيرات الكبرى. وشكلت الاحداث في رواندا واطاحة نظام الماريشال موبوتو في زائير ضربة قاسية للسياسة التي تتبعها فرنسا في افريقيا. واصبحت الانظار مركزة الآن على عمل اللجنة التي يرأسها الاشتراكي بول كيلي الذي يتولى ايضاً رئاسة لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية. واكد كيلي لدى بدء الجلسة اول من أمس ان "القيود الوحيدة المفروضة على عمل اللجنة كغيرها من لجان التحقيق، تتعلق بالمواضيع ذات الطابع السري المتعلقة بالدفاع الوطني والشؤون الخارجية وامن الدولة.