يعتقد الفنان التشكيلي المغربي محمد اللشاني انه مهما تعددت المدارس التشكيلية، ليس في المغرب فحسب وإنما في باقي الوطن العربي، فان ما يمكن ان نلامسه حالياً هو سيادة الاتجاه الواقعي، وهو اتجاه لا يمكن ان يفهم في معناه الضيق وان يقصد به مميزات المدرسة الواقعية التي سادت في حقب تاريخية معينة في المجتمعات الغربية، وإنما المدرسة الواقعية العربية التي تملك قاعدة متأسسة على ما افرزته الحضارة العربية والاسلامية من معطيات ثقافية واجتماعية. ويبرز هذا الاعتقاد جلياً في مختلف المعارض التشكيلية للفنان اللشاني التي احتضنتها القاعات المغربية او العربية. وفيما اذا كان هذا المنعطف الجديد في عالم الفن التشكيلي العربي ناتج عن عدم خلق نوع من التجاوب بين المدارس التشكيلية وخاصة منها الانطباعية والتجريدية والفنان التشكيلي العربي، يقول محمد اللشاني: "ان الفنان التشكيلي في الوطن العربي يحمل مخزوناً فكرياً ومعرفياً وعلاقة بباقي المدارس من الممكن انها تأتس من باب "الفضول المعرفي". انها مرحلة اكتشاف واضطلاع على المكونات الثقافية للآخر". ويضيف: "عموماً فان التجريد والانطباعية ليسا فناً تشكيلياً وإنما علاجاً، وهذا اعتراف منطقي من طر رواد ونقاد المدرستين". وحول تعامل الفنان محمد اللشاني مع هذه المدارس في احدى مراحل نشاطه التشكيلي، يقول: "لقد ظلت علاقتي بعدد من المدارس التشكيلية علاقة اكتشاف لمكوناتها الأساسية والأساليب المعتمدة في كل واحدة على حدة. لكن رغم اضطلاعي الواسع، سواء عند تتلمذي بأحد المعاهد المغربية والاجنبية على الاساتذة المتخصصين في الاتجاهين الفنيين، فان المدرسة الواقعية ظلت تجتذبني اليها. انها مدرسة تملك قاعدة في تراثنا المغربي الأصيل، مدرسة تشغل جزءاً مهماً من ذاكرتنا المغربية. ويمكن ان نلامس تجلياتها في المسجد، الضريح، المدن العتيقة، وفي كل ما هو أصيل مغربي". واللافت عند الفنان التشكيلي محمد اللشاني انه ظل مرتبطاً بما يمكن ان نسميه بپ"الثقافة الشعبية المغربية"، لكن ما يسجله النقاد على نشاطه التشكيلي هو تموقعه بين ما يسمونه "الفضاء الروحي" وهذا ما يجسده عدد من لوحاته. يقول في هذا الاطار: "عملياً هناك تحول ملموس في ابداعاتي الفنية. صحيح انني اتجهت الى ما يمكن ان اسميه بفضاء الروح، وبدأت أصوغ الواني ومواضعي الى اشياء وقضايا يمكنني ان اجملها في القيم الانسانية، والقيم العقائدية الاضرحة - المساجد، التكافل الاجتماعي. انها اشكاليات لا يمكن ان تبقى متوقفة على الأديب والمثقف والسياسي... بل لا بد وان يساهم الفنان التشكيلي بدوره في معالجتها وملاحقتها، ولعل هذا الحافز هو ما جعلني اسلك هذا المنحى في اعمالي الفنية ليس إلا".