في اول حديث بعد يوم من انتهاء تمرّد المساجين في سجن رومية المركزي اكبر سجون لبنان، قال نائب رئىس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر ل"الحياة" انه سيتقدم من مجلس الوزراء، في جلسته الاربعاء المقبل، بمجموعة من الاقتراحات تنطلق من ضرورة تحسين اوضاع المساجين وتأخذ في الاعتبار تخصيص اعتماد قيمته 16 بليون ليرة لإنشاء مبنى جديد في رومية ولإعادة تأهيل السجن. وأكد المر انه سيرفع الى مجلس الوزراء نسخة عن كتاب بعث به الى وزارة العدل ومصلحة ادارة السجون، يسأل فيه عن سبب عدم تطبيق المادة ال108 من نظام السجون التي تجيز خفض العقوبة عن المساجين في حال ثبت خلال مدة سجنهم، حسن سلوكهم وأبدوا توبة على ما اقترفوه من جرائم. ورأى ان تطبيق المادة ال108 والإسراع في محاكمة الموقوفين وخفض سنة السجن من 12 شهراً الى تسعة اشهر عمر السنة القضائية سيؤدي حتماً الى تقليص عدد المساجين. وأوضح ان عدد المساجين في لبنان يزيد على خمسة آلاف، وأن سجن رومية وحده يضم نحو 3300 سجين بينهم مئتا امرأة، ويتوزعون بين موقوفين، وعددهم 1600، ومحكومين وعددهم 1700. واعترف بوجود مشكلة لم تعد تحتمل التأجيل وباتت تحتاج الى حل سريع. وقال "اطلعت خلال انتقالي الى سجن رومية في اليوم الأول للتمرد على معظم الملفات. ووجدت ان هناك امكاناً في حال تسريع عمل النيابات العامة والمحققين الذي يستدعي زيادة عدد اعضاء الجسم القضائي، في تخلية اكثر من 400 موقوف، بكفالة مالية، ريثما تصدر الأحكام عليهم، خصوصاً ان هؤلاء موقوفون بجنح وبجرائم صغيرة". وأضاف المر "ان هذا النوع من الموقوفين يمكن ان يخلوا، ليعودوا الى السجن فور صدور الأحكام عليهم، ولا أظن انهم سيفرّون من وجه العدالة، اذ لا داعي لموقوف بسرقة آلة تسجيل من سيارة او بإعطاء شيك من دون رصيد بقيمة صغيرة، ان يفرّ الى خارج البلد اذا أخلي بسند اقامة". ولفت الى ان "من غير الممكن منح الموقوفين عفواً خاصاً او عاماً ما لم تتم محاكمتهم وإلاّ نكون بذلك عطّلنا دور القضاء في لبنان وتجاوزنا مهمته"، مشيراً الى ان "التأخر في بتّ مسألة الموقوفين أدى الى نقلهم الى سجن رومية لتعذر استيعابهم في نظارات قصور العدل نظراً الى كثرة عددهم، تطبيقاً للقوانين التي لا تسمح بوضع الموقوف في السجن ما لم يصدر حكم عليه". ودعا المر الى "الاسراع في حسم قضية الموقوفين او المحكومين من الأجانب بتهمة دخولهم الأراضي اللبنانية خلسة". ورأى "ان اللجوء الى هذا التدبير يخفض عدد المساجين في سجن رومية وبالتالي الزحمة المترتبة على توزيع المساجين ما بين 20 او 30 في زنزانة واحدة". وأضاف "ان الأمن العام يوقف الأجانب الذين يدخلون البلاد خلسة ويحيلهم على القضاء الذي يجب ان يبتّ امرهم لجهة تسريع ترحيلهم ولو على نفقة الدولة اذ ان كلفة اقامتهم في السجن تفوق ما تتحمله خزينة الدولة من أعباء ناجمة عن ترحيلهم". وأشار الى "ان مشكلة السجون ليست ناجمة عن نقل صلاحية ادارتها والإشراف عليها من وزارة الداخلية الى وزارة العدل، بمقدار ما انها تعود الى الأوضاع المعيشية للمساجين التي تحتاج الى علاج يبدأ من إعادة تأهيل السجون وإقامة المشاغل لتدريب المساجين على مهن وحرف يمكنهم الافادة منها فور انتهاء مدة عقوبتهم. فقد طلب وزير العدل الدكتور بهيج طبارة اخيراً نقل الصلاحية في ادارة السجون الى وزارته، وأنا من جهتي لا اعترض، شرط ان تحسم قضية الجهاز الذي سيشرف عليها، إذ لا يمكن ابقاء هذه المهمة على عاتق قوى الأمن الداخلي التي تخضع لسلطة وزارة الداخلية. وقد يكون الحل بإنشاء جهاز جديد لإدارة السجون يتبع لوزارة العدل، ما دام لا يمكن الإستعانة بقوى الأمن الداخلي اضافة الى ان عملية ادارة السجون تتم من خلال المناقلات التي تجريها عادة المديرية العامة من حين الى آخر، وبالتالي لا يجوز الزام عناصرها الانتقال الى سلك جديد، في وقت نحن في حاجة إليهم". وقال الوزير المر "يخطئ من يعتقد ان التقصير يقع على عاتق وزارة الداخلية، وأن حل المشكلة يتأمّن فور الموافقة على نقل الصلاحية منها الى وزارة العدل. وأنا اقول هذا الكلام لأؤكد اني لم اتردد يوماً، وقبيل اعداد مشاريع قوانين الموازنة منذ العام 1994، عن المطالبة بتخصيص اعتمادات. وكانت آخرها بقيمة 16 بليون ليرة، عشرة منها لبناء مبنى جديد في رومية كان بوشر العمل فيه وتوقف لعدم توافر المال، وستة لإعادة تأهيل سجن رومية في شكل يؤمّن توفير الحمّامات والمغاسل والمشاغل، اضافة الى تزويد الزنزانات تلفزيونات تخضع برامجها لمراقبة مباشرة من إدارة السجن وتعزيز جهاز الطبابة وتزويد المستوصف ما يحتاج اليه من أدوية". وأكد "ان هناك مطالبة انسانية للمساجين لم يعد من الجائز تجاهلها، وأنا سأعرضها على مجلس الوزراء وأطلب تخصيص الإعتمادات لنباشر اعادة تأهيل السجن". وختم "ان هناك مجموعة من المقترحات، اعتقد انها ستؤدي الى خفض العدد في سجن رومية، وبالأخص اذا سارعنا الى تطبيق المادة ال108 التي لا تعني العفو عن المساجين بمقدار ما انها تسهم في خفض مدة العقوبة بعد التأكد، بناء على تقارير مصلحة ادارة السجون، عن حسن سلوكهم، خصوصاً ان عليها ان تصدر تقريرين في السنة في هذا الشأن في 15 حزيران يونيو و15 كانون الأولديسمبر. فالمادة المذكورة وضعت كي تطبّق ولا يجوز إغفال العمل بموجب ما نصّت عليه، اضافة الى تسريع محاكمة الموقوفين".