قال خبراء اقتصاديون ان دول مجلس التعاون الخليجي ربما اضطرت الى اعادة النظر في موازناتها السنوية لسنة 1998 بسبب انخفاض اسعار النفط، لكنهم استبعدوا خفض الانفاق في شكل كبير للمحافظة على مستويات نمو مقبولة. واوضح الخبراء ان معظم الدول الاعضاء في المجلس توقع ارتفاع اسعار النفط في السنة الجارية اسوة بالعامين الماضيين ما دفعها الى رفع الانفاق الى مستويات تعتبر الاعلى منذ سنين. واشار اقتصادي خليجي بارز الى ان دول المجلس "لم تتوقع ان تنخفض اسعار النفط على هذا النحو نتيجة صعوبة التكهن بحدوث ازمة اقتصادية في جنوب شرق آسيا وبعوامل مناخية خارجة عن المألوف في الجزء الشمالي من الكرة الارضية". واضاف: "هناك احتمالان يمكن حدوثهما هذه السنة: ان تخفض دول المجلس الانفاق الفعلي لانه من غير المتوقع ارتفاع اسعار النفط في شكل كبير، او ان تبقي على مستويات الانفاق وترزح تحت وطأة عجز كبير في الموازنات… والأرجح ان تلجأ دول المجلس الى الخيار الاول لأن معالجة العجز باتت من اولويات حكومات دول المجلس حسب ما اعلنت مراراً". وكانت اسعار النفط الدولية تدهورت اكثر من 40 في المئة في الاشهر الاربعة الماضية بسبب الازمة المالية في آسيا التي خفضت الطلب على النفط بنحو 600 الف برميل يومياً، اضافة الى انخفاض الاستهلاك في الدول الغربية نتيجة دفء الطقس نسبياً في شتاء هذه السنة، وايضاً بسبب موافقة مجلس الامن على زيادة كمية النفط المسموح للعراق بتصديرها الى ما يعادل نحو 5.2 بليون دولار كل ستة اشهر من بليوني دولار، كذلك قيام منظمة "اوبك" برفع سقف انتاجها بنحو عشرة في المئة الى 27.5 مليون برميل يومياً. يضاف الى تلك العوامل عدم التزام الدول الاعضاء في "اوبك" حصصها الانتاجية لتظل هناك تجاوزات للحصص من فنزويلا ودول منتجة اخرى. وكانت السعودية، وهي اكبر منتج للنفط في العالم، افترضت مستويات مرتفعة لسعر خامها هذه السنة تقدر بنحو 15 - 16 دولاراً فيما تدهور السعر الفعلي الى نحو 11.5 دولار. ويشير خبراء نفطيون الى احتمال ان تواصل اسعار النفط هبوطها اذا ما فشلت "اوبك" في كبح جماح انتاج الدول الاعضاء فيها، وفي حال عدم توصلها الى اي اتفاق في اجتماعها الطارئ الذي تقرر عقده منتصف الشهر الجاري. وبافتراض بقاء اسعار النفط على حالها المتدنية فان الايرادات النفطية للسعودية في السنة الجارية لن تتجاوز 32 بليون دولار يضاف اليها ما بين 5 الى 7 بلايين دولار قيمة ايراداتها غير النفطية، ما يعني ان اجمالي ايراد السعودية لن يزيد هذه السنة عن 40 بليون دولار في مقابل ايرادات متوقعة بنحو 47.6 بليون دولار. وهذا يعني ان العجز في الموازنة السعودية ربما كان 12 بليون دولار على اساس انفاق متوقع يبلغ نحو 52.3 بليون دولار. واوضح خبير اقتصادي في الرياض انه من المرجح ان تقوم السعودية وغيرها من دول المجلس باستبعاد النفقات غير الضرورية وتقليص مخصصات بعض القطاعات بهدف الابقاء على العجز تحت السيطرة، لما يشكل ذلك من اهمية قصوى في جهود هذه الدول الرامية لاصلاح اقتصاداتها. لكنه توقع كذلك ان يكون الخفض في الانفاق في مستويات "تحافظ على النمو الاقتصادي وتبقي على الزخم القائم في انشطة القطاع الخاص الذي لا يزال يعتمد الى حدّ ما على حجم الانفاق الحكومي".