لاحت بوادر متغيرات مهمة في مواقف حزب التجمع اليساري المصري من تنظيمات الاسلام السياسي، إذ أصدرت امانته العامة وثيقة تقر للمرة الاولى مبدأ التنسيق والعمل المشترك مع بعض هذه الحركات في اشارة الى جماعة "الاخوان المسلمين". وقال قيادي بارز في التجمع ل "الحياة" إن الوثيقة التي تم اعتمادها ستعرض الاسبوع المقبل على اللجنة المركزية لإقرارها بصفة نهائية، ولفت الى أن "الموقف السياسي الجديد يؤيد التنسيق مع فصائل معينة في جماعات الاسلام السياسي في بعض المواقف أو الموضوعات ذات الاتفاق عليها لكنه يؤكد في الوقت ذاته استحالة قيام تحالف مع الاخوان المسلمين أو الاحزاب المتعارضة جذرياً مع اتجاهات التجمع". وتؤكد الوثيقة "حق كل القوى والقيادات السياسية في اقامة احزابها طبقاً لأي مرجعية تختارها، سواء كان فكراً ليبرالياً أو اشتراكيا أو دينياً"، غير أنها شددت في الوقت ذاته على "رفض أي محاولة لفرض مرجعية أيديولوجية معينة على الدولة والمجتمع أو ممارسة تكفير الآخرين"، وهي اشارة الى رفض مبدأ الدولة والاحزاب الدينية. يذكر ان ملف التعامل مع جماعة "الاخوان المسلمين" في إطار التنسيق مع احزاب المعارضة يمثل نقطة خلاف جوهرية بين قادة حزب التجمع، إذ يرفض جانب كبير منهم التفريق بين "الاخوان" وتنظيمات "الارهاب"، فيما يرى الاتجاه الآخر أن "الجماعة" لا علاقة لها بحركات "العنف" وانها قوة سياسية داعية للاصلاح الدستوري والديموقراطي. ولا يقتصر هذا الخلاف في التعامل مع "الاخوان" على قادة "التجمع" فحسب، بل يمتد الى اليساريين المستقلين خارج التجمع، إذ يعارض القسم الاكبر منهم المواقف الرسمية للحزب في هذا الشأن، وينتقد اصراره على رفض التعامل مع جماعة "الاخوان المسلمين". وعكست تلك الاوضاع نفسها على قرارات وتوصيات مشتركة كانت تصدر من لجنة التنسيق بين احزاب وقوى المعارضة المصرية، لا سيما في ملف التعاون في الانتخابات البرلمانية أو البلدية مما كان يؤدي الى التصادم بين مرشحيها. وعلى رغم أن الوثيقة شددت على استمرار الصراع الفكري في مواجهة جماعات الاسلام السياسي الممارسة للعنف أو التي تقدم نفسها كقوى سياسية الاخوان المسلمين إلا أنها أقرت في الوقت ذاته امكان التعامل مع الاتجاهات المؤيدة لفكرة المجتمع المدني الديموقراطي. يذكر أن المرشد العام ل "الاخوان المسلمين" السيد مصطفى مشهور شدد في خطاب ألقاه في شهر رمضان الماضي على "ان "الجماعة" من المسلمين وليست جماعة المسلمين وتدين كل أعمال العنف والارهاب وتتمسك بمبدأ التعددية الحزبية وتداول السلطة بالطريق الديموقراطي والالتزام بوثيقة الاصلاح السياسي" التي أصدرتها احزاب وقوى المعارضة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وهو ما اعتبره مراقبون تأكيداً من "الجماعة" على التزامها مفاهيم المجتمع المدني.