ينوي حزب الفضيلة الاسلامي منع تمرير قوانين محاربة الأصولية التي اقترحها رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز على العسكر في اجتماع مجلس الأمن القومي، مساء الجمعة الماضي، وذلك عند عرضها على البرلمان التركي. أكد ذلك ل "الحياة" القيادي البارز في "الفضيلة" وعضو البرلمان عبدالله جول، الذي يعتقد ان حزبه يستطيع ان يوفر غالبية كافية لمنع تمرير القرار الذي يحتاج الى 276 صوتاً. يشكل "الفضيلة" أكبر كتلة برلمانية تضم 143 نائباً، ويأمل بأن يقف معه حزب الطريق القويم وحزب الوحدة الكبرى والحزب الديموقراطي وبعض الليبراليين الذين يرون في القوانين المقترحة انتهاكاً للحقوق الأساسية التي كفّلها الدستور التركي. ولا تلحظ القوانين الجديدة تلبية للمطالب المعتادة من جانب العسكر وانما تسعى الى احياء القوانين القديمة التي لم يلغ بعضها رسمياً وانما تم تجاهله في المؤسسات الحكومية، مثل قانون اللباس الذي يمنع ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات ودوائر العمل العامة حكومية كانت أم خاصة، ومراقبة تمويل ونشاط الجمعيات الخيرية ونشاطاتها، كذلك مراقبة محطات الاذاعة والتلفزيون الأصولية ومنع التظاهر أمام المساجد. ويرى عبدالله جول ان أخطر قانون مقترح ويصطدم بالحريات الأساسية هو فرض عقوبة السجن المؤبد لمن "يروج للدعاية الرجعية". ويقول جول ان مصطلح "الارتجاع" الذي يستخدمه العسكر والقوى العلمانية المتطرفة غير محدد، ويستطيع النائب العام ان يتهم به من يريد. ومعروف في تركيا ان "الارتجاع" يعني الدعوة الى تطبيق الشريعة أو العودة الى الخلافة الاسلامية أو الدولة العثمانية. غير أن هذا المفهوم توسع ليشمل مختلف الناشطين المتدينين بمن فيهم البعيدون عن العمل السياسي، وآخر المستهدفين في ذلك الحركة النورسية النقشبندية التي يرأسها فتح الله جولان، وهي حركة ثرية اقتصادياً وتمتلك مئات المدارس داخل تركيا وخارجها بالاضافة الى مؤسسات اقتصادية ومحطة تلفزيون واذاعات ودور نشر عرفت بتأييدها عادة للقوى اليمينية العلمانية، خصوصاً حزب الوطن الأم وحزب الطريق القويم، منذ أن كان زعيم رئيس الجمهورية الحالي سليمان ديميريل رئيساً لهذا الحزب قبل أن تتولى رئاسته تانسو تشيلر. وفي العادة يحرص زعيما الحزبين على استقطاب انصار الحركة وعلى زيارة فتح الله جولان والظهور الاعلامي معه، أو يتنافسان على استرضائه بمنحه رخص بناء مدارس الدين وتحفيظ القرآن الكريم، ما لم يعد العسكر مستعدين لتحمله. ويعتبر عبدالله جول ان قانون مكافحة الأصولية الذي يتضمن الحكم بالمؤبد على مروّج الرجعية، على أن تكون السنوات العشر الأولى من السجن انفرادية "قانون ينتهك قواعد حقوق الانسان والحريات العامة وسوف يقف معنا لرفضه حتى القوى الليبرالية التي تختلف معنا في قضايا أخرى". وتردد ان العسكر حاولوا الضغط على رئيس الحكومة لاصدار قوانينه المقترحة بتشريعات حكومية، تجنباً لمواجهة في البرلمان، غير أنهم وافقوا في لقاء الجمعة الماضي على عرض القوانين على البرلمان كونها تمس مسائل دستورية. ويواجه يلماز ضغوطاً شديدة من بعض قواعد حزبه التي تعارض فرض قيود على ارتداء الحجاب أو تعلم القرآن. ويتوقع ان يتجدد الخلاف بين يلماز والعسكر إذا نجح حزب الفضيلة والقوى المحافظة الأخرى في منع تمرير القوانين، خصوصاً اذا شارك في التصويت ضده اعضاء في الحزب الحاكم الوطن الأم. وكانت أوساط عسكرية اشارت الاسبوع الماضي الى أن الوطن الأم "موبوء" بعناصرأصولية في داخله. وسربت المصادر العسكرية اسماء ثلاثة مسؤولين في هذا الحزب الى الصحافة التركية وهم اغا اتوكي جونر وعلي آر وأيوب عاشق. وقالت المصادر العسكرية ان "هؤلاء يحتاجون الى تحذير واضح" كما لفتت المصادر نفسها الى أن اللجان التي شكلها رئيس الوزراء لمراقبة "الحركة الرجعية" تتضمن "خريجين من مدارس الائمة والخطباء" وهي المدارس التي ضغط العسكر العام الماضي لحظرها إذ يعتبرونها "معامل لإنتاج الاصوليين".