يبدأ رئيس الحكومة رفيق الحريري صباح اليوم زيارة للنمسا هي الأولى من نوعها لمسؤول لبناني رفيع منذ اقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. ويجري رئيس الحكومة محادثات مع المستشار النمسوي فيكتور كليما . وتتناول المحادثات تعزيز التعاون بين البلدين والافادة من الخبرة النمسوية في مجال حماية البيئة والتحريج واقامة المشاريع السياحية الشتوية اضافة الى دعوة النمسا الى الاستثمار في بيروت، خصوصاً انها تسهم الآن في مشروع توسيع مطار بيروت عبر الشركة الالمانية التي تتولى عملية التنفيذ. وتكمن أهمية زيارة الحريري للعاصمة النمسوية على رأس وفد يضم وزير الدولة للشؤون المالية فؤاد السنيورة ووزير الصناعة نديم سالم وعدد من المستشارين، في ان النمسا تستعد بدءاً من مطلع تموز يوليو المقبل لتولي رئاسة الاتحاد الاوروبي وستستضيف قمة أوروبية سيكون على جدول اعمالها مجموعة من الملفات ابرزها متابعة الحوار مع الدول العربية للدخول في الشراكة مع أوروبا التي سيطرح لبنان وجهة نظره في شأنها. وستحاول النمسا، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية، اطلاق مبادرة لإعادة تحريك محادثات السلام، بالتعاون مع أميركا، على غرار الذين تولوا قبلها رئاسة الأسرة الاوروبية. واللافت ان المستشار كليمار يحاول ان يستعيد دور فيينا في ملف الصراع العربي - الاسرائيلي الذي كان مهد له المستشار النمسوي الراحل برونو كرايسكي، وهو اخذ يدرس امكان اطلاق مبادرة. وكان زار لهذه الغاية منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني والتقى الرئيس ياسر عرفات ومن ثم إسرائيل حيث اجتمع مع رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو، اضافة الى انه على علاقة جيدة بسورية ومصر وبدول الخليج العربي. وينطلق كليما، على قول مصدر ديبلوماسي عربي ل "الحياة"، من ان اسلافه باستثناء كرايسكي تراجعوا عن اداء أي دور في الشرق الاوسط، وهو يشعر الآن بغصة في نفسه، من جراء التوصل الى اتفاق أوسلو بدلاً من ان يحمل الاتفاق المذكور اسم اتفاق فيينا، لما كان بذله المستشار الراحل من جهد على صعيد الحوار الاسرائيلي - الفلسطيني، لم يكتب له النجاح ربما لأن الظروف لم تكن لمصلحته. حتى ان كليما الذي يحاول ان يقتحم ملف ازمة الشرق الاوسط يتصرف في هدوء وبأسلوب يبتعد عن الابتزاز، وهذا ما ظهر من خلال زيارة نتانياهو للنمسا اذ انه سمح له بأن يطلق حملة اعلامية في معرض الدفاع عن سياسته، ليرد عليه فور انتهاء الزيارة بموقف يرفض الاستيطان ويدعو الى سلام عادل وشامل شرطاً لإنهاء ازمة الشرق الاوسط. وسيكون وجود الحريري في فيينا مناسبة لتوثيق العلاقات بين البلد على نحو يجيز للبنان كسب صداقة هذا البلد، ومن ثم توظيفها في الضغط على تل أبيب في حال بادرت بالتصعيد، إذا اخفقت في تمرير مشروع التطبيق المشروط للقرار الرقم 425. وستتطرق محادثات الحريري الى مستقبل الحوار الاسلامي - المسيحي، خصوصاً مع الكاردينال كونيغ، الذي يعتبر في مقدم المتحمسين له. وهو زار لبنان منذ اكثر من عامين ورعى مؤتمراً للحوار عقد في جامعة الكسليك. وعلى هذا الصعيد علمت "الحياة" ان الكاردينال كونيغ يلقى كل الدعم من البابا يوحنا بولس الثاني وينظر الى لبنان كبقعة صالحة لإطلاق الحوار بين الاديان، خصوصاً بين المسيحية والاسلام، فضلاً عن انه كان له دور في تحضير الاجواء للحوار بين الفاتيكان والجمهورية الاسلامية في إيران مستفيداً من العلاقة الجيدة القائمة بين فيينا وطهران. يذكر ان فيينا كانت استضافت الاجتماع الموسع للسفراء الايرانيين في دول أوروبا، وحاولت بعيداً من الاضواء التوسط في قضية الفتوى الدينية التي صدرت في حق الكاتب سلمان رشدي، وتقدمت باقتراح يقضي بالتعامل مع الفتوى على انها دينية ولا علاقة للدولة الايرانية بها. الا ان التقلبات في إيران ادت الى تجميد الوساطة النمسوية من دون ان تلغيها. وكان الحريري وصل ليل امس الى مطار فيينا حيث أقيم له استقبال رسمي شارك فيه مدير البروتوكول في وزارة الخارجية والسفراء العرب وسفير لبنان سمير حبيقة والقائم بالأعمال ميشال كترا الذي يمثل لبنان لدى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والتي تتخذ من العاصمة النمسوية مقراً لها. وأقام له حبيقة عشاء شارك فيه الرئيس النمسوي السابق الامين العام السابق للامم المتحدة كورت فالدهايم ومسؤولون نمسويون بينهم نائب المستشار النمسوي وزير الخارجية وولف كنغ سوشيل الذي يترأس "حزب الشعب" أحد أبرز الأحزاب التي تشارك في السلطة مع الحزب الاشتراكي برئاسة كليما. ودار حديث بين الحريري وفالدهايم على القرار الرقم 425 باعتبار ان الاخير هو "ابوه الروحي" إذ صدر عن مجلس الامن اثناء توليه الامانة العامة للأمم المتحدة. وفي برنامج اليوم الأول من محادثات الحريري في فيينا، لقاء وكليما يبدأ ثنائياً ثم ينضم اليه اعضاء الوفد اللبناني ويعقبه مؤتمر صحافي لرئيس الحكومة في مقر المستشارية النمسوية. وينتهي بغداء عمل، على ان يزور الحريري بعد الظهر القصر البلدي ومقر المجلس النيابي.