الهامش والمتن ومواضيع اخرى الهامش في تعريف عبدالله الغذامي يتمثل بالجماعات المقصية التي تبحث لها عن موضوع في الخطاب السردي، السود والحركة النسوية على سبيل المثال. ويشتغل في بحثه الذي قدمه الى المؤتمر على اعمال النساء الروائية التي تحاول ان تجد لها ضمن النص الذكوري المسيطر أو نص الرجل الابيض المتفوق - كما يسميه - مكانة ضدية تستطيع ان تجاهر فيها بضديتها هذه. ويأخذ القصاصة السعودية رجاء عالم نموذجاً لمسعى المرأة نحو تهشيم الوحدات السردية وتعرية عجزها ونقصها، كما فعلت نازك الملائكة حين أقدمت على تحطيم عمود الفحولة بواسطة تكسير عمود الشعر. فرجاء عالم، كما يقول، تقوم ايضاً باخلال نظام الترقيم ونظام الوحدات اللغوية ومن ثم تتجاوز نموذج الحبكة الذكورية. وهنا نجد في مشروع رجاء عالم ما يمكن ان نسميه الحالة التطبيقية لطرح الغذامي للفعل الضدي في الكتابة النسائية الذي اصبح في الآخر ممتنعاً عن القراءة وبالتالي مصاباً بخرس الاحتجاج المتطرف. وهو في جانبه الاجتماعي ربما يشكل قيمة تطبيقية مهمة، ولكنه في مقصده الادبي متقوقع في تجريبية عصية على الفهم والتجاوب. ولعلنا في هذا الصدد نجد، كما تقول فرجينيا وولف، ان الصيغة الروائية الحديثة من حبكة حديثة وبناء وطريقة تعامل مع مسرى الحساسية الانسانية في الرواية كانت من ابتكار الروائيات الانكليزيات الرائدات، أو ان المرأة في أقل اعتبار كانت مشاركة فاعلة في استكمال هذا الجنس الادبي، بل في توليد ملامحه الاوضح، فلماذا تتخلى عن هذا المنجز بحجة انه من صنع الرجل وحده، أو في الاقل لماذا تصبح تجربتها الجديدة مجرد نقض غير قادر على توليد بدائله؟ وفي مدخل مختلف يكتب محمد البحري في السيرة الذاتية النسائية ما يخرج منه باستنتاج يؤكد على ان المرأة الروائية لا تبني حدثاً بقدر ما تراكم العواطف، ولا تحدد الظاهرة بقدر ما تستوعبها عبر ذاتها. الرواية النسائية العربية، كما يراها، عبارة عن انتشار ذات الروائية في ثنايا السرد والظواهر والشخصيات والمفاهيم. في حين تقدم فاطمة موسى موضوعاً عن لقاء النسوة ككتلة في المخيلة الروائية التي توحدهن مثلما يتوحد الحريم العربي في رسوم الرحالة الغربيين الى الشرق. وما بين تمثيلات الجسد في الرواية العربية الحديثة الذي قدمه معجب زهراني وجدلية العنف في المسكوت عنه الورقة التي قدمتها عالية ممدوح ثمة رابط واضح يتمثل في ان زهراني يرى ان البعد التراجيدي يهيمن على تمثلات الجسد في هذه الرواية سواء كان ذا مرجعية اسطورية أو بمرجعيات فكرية وجمالية حديثة ودنيوية. فهو جسد جريح مشوه معذب كثيراً ما يبدو وكأنه هو ذاته ضحية أو قربان كل تحول. وفي النموذج التطبيقي يمكن تحويله الى متن جمالي وسط مشاهد العنف والخراب. وفي طرح عالية ممدوح "جدلية العنف في المسكوت عنه في الرواية العربية" نجدها تتحدث عن الروايات التي قد يسميها بعضهم الروايات المشبوهة لما تثيره من التباس وصدمة، والمسكوت عنه كما تقول لا يحصر بالايروسية ولا هو قلق الافكار الكبرى، بل هو العنف كمصير لا تحسد عليه الجماعات البشرية. وهي ترى في اعمال غالب هلسا ما يرفع العنف الداخلي الى مصاف الحب والاثارة الجنسية وتكريس النقص والفشل، وهذا ما تلمسه ايضا في بعض اجزاء روايتها "الولع". وفي موضوع السيرة الذاتية والرواية، وهو موضوع يشغل المباحث الادبية الغربية هذه السنوات، لم تطرح في المؤتمر سوى أوراق قليلة. محمد الباردي قدم بحثاً في اشكالية الجنس الادبي للسيرة الذاتية كرواية وكنص مستقل، يخرج منه باستنتاج يقول ان تداخل اسلوب السيرة الذاتية مع السرد الروائي يجعلنا نتصور ان نص السيرة الذاتية لدى الروائيين العرب أنبثق من خضم تجربتهم الابداعية وهو نص يتدخل فيه الخيال وتختلط فيه حدود الاجناس الادبية. ويعرض حسونة المصباحي تجربة "جماعة تحت السور" التي تعتبر مؤسسة للمدرسة الادبية التونسية، وابرزهم علي الدوعاجي الذي ترك عملاً صغيراً ولكن مهماً كما يقول المصباحي، يحمل عنوان "جولة في حانات البحر المتوسط" روى فيه رحلته عبر مدن متوسطية. الكثير من البحوث والأوراق طرح في هذا الملتقى وقسم منها تناول رواية واحدة كنموذج تطبيقي. وكانت روايات ابراهيم عبدالمجيد وبهاء طاهر وحيدر حيدر اضافة الى محفوظ والرعيل الأول من الروائيين العرب موضع دراسات مستقلة. النص وكاتبه: شهادات الروائيين تحدث ابراهيم عبدالمجيد ارتجالا عن نفسه وعن مدينته الاسكندرية بما يشبه الطرف والموالح والقفشات التي مرت بها رحلته مع الكتابة. وكانت الشهادات الاخرى تتراوح ما بين النص الادبي الوجداني والآخر النظري الذي يتحدث عن التجربة الروائية اما كتقنية أو كدوافع ومسببات وضرورات تمليها الظروف على الكاتب، وهي مجتمعة تطل على مشهد من السيرة الذاتية للكاتب أو سيرة الكتابة في حياة الكاتب، أدوار خراط يكتب في نصه "ليست المسألة ولعاً قصدياً متعمداً متدبراً بتقديم شيء جديد فقط. المادة من ناحية وطريقة الكتابة، المضمون والصياغة هي نفسها التي تخلق وتوجد في هذا النوع من الكتابة، فاذا كان جديداً فليس ذلك ذنبي، ولا قصدي، وليس في هذا اعتذار لهذا النوع". ولعل النساء أكثر من الرجال في هذه الشهادات، قرباً من ذواتهن. النص - الوثيقة يتخذ صيغة حميمية حتى وان تجاوز الخاص الى العام كما في شهادة احلام مستغانمي فالرواية لديها "مفتاح الاوطان المغلقة في وجهنا. هناك حيث ينتظر العشرات من المبدعين موتهم، حالمين ان يثأروا لغربتهم يوماً بالعودة في صناديق مفخخة بالكتب، فيحدثوا اخيراً ذلك الدوي الذي عاشوا دون ان يسمعوه: دوي ارتطامهم بالوطن". سهيل ادريس يقول في شهادته التي يعنونها "لم اعط في الرواية كثيراً" انه كتب ثلاث روايات وصمت منشغلا بأمر الثقافة والمثقفين العرب. وصاحب "الاداب" الدار والمجلة التي اسهمت في التعريف بمجموعة مهمة من الادباء العرب، يحق له ان يشعر ببعض حسد لمن صرفوه عن مهمته الابداعية، ولكن تلك مهمة لا تقل ابداعاً عن الرواية، فنشاط سهيل ادريس الخمسيني والستيني اثمر تياراً أو اتجاهاً وجودياً خفف من غلواء الاتجاه الماركسي وتمثلاته الادبية انذاك. وكانت الرواية التي كتبها من بين الاختبارات الجمالية لهذا التيار عربياً. ويقدم ابراهيم نصرالله مطالعة عن علاقة تجربته بالفنون الاخرى: الفن التشكيلي، الفوتوغراف، السينما. ويهتم فؤاد التكرلي باللغة القصصية التي يشرح من خلالها تكنيك قصة، موضحاً الاختلاف بين لغة الرواية ولغة الاقصوصة، ففي الاولى تتوسع طاقة اللغة التأثيرية في حين تنحو القصة القصيرة الى التركيز والشفافية والبساطة. اهداف سويف تكتب نصاً بالعربية لتجيب على السؤال الذي يلاحقها: لماذا لا تكتب بلغتها؟ تقول: "ان اللغة الاخرى كانت مطواعة وسلسة بين يدي وهي بعد ان تعبر ذاتي تصبح اداة ووسيلة للوصول الى الآخر". ولكن اسماعيل فهد اسماعيل يقول ان الكتابة دوران في الفلك الابعد، فهو لا يعرف ان كان شاهد عصره أم مجرد متفرج مندهش. ليانة بدر تحدثت عن اشكالات التلقي التي واجهتها كروائية كتبت في المنفى ووجدت جمهوراً جديداً في الوطن، هذا الجمهور يتأرجح بين قبول ورفض لأتجاه نسوي تستشعره خلال كتابتها ولغربة توزعتها بين المنفى والوطن وقضيتها كامرأة. وتتحدث هدى بركات عن تقنيتين في روايتها تسمى الاولى تقنية الاستعادة والثانية تقنية التأليف، وتتحدث عن علاقة الشخصية الروائية بمؤلفها أو ما تسميه الانا الدفينة للكاتب التي تجدها دائماً في الشخصيات الرئيسية للرواية. وفي شهادة خليل النعيمي اشارة الى المكان الذي يغدو لدى الروائي المغترب طريقة وعي جديد بذاته "نحن لا نستبدل مكاناً باخر، وانما وعياً بوعي اخر". كلمة حسن داوود كانت تتميز بتنافذ العلاقة فيها بين الذاتي والعام عبر موشور وجداني يشف عن فيض من الاحاسيس الجميلة العميقة. فهو يتتبع شخصية روائية مفترضة منذ وقوفها في شارع بيروتي حتى استواء وضعها في مشروع روائي، تختلط فيه ملامحها بحقيقتها المجردة ومتخيلها بحمولة الافكار التي تحف بها، وبما يشابهها في ابداع اخر. هل استمع الجمهور الى اخر السطور في شهادة نجوى بركات؟ في عبارة مبتسرة تقفل توقعاتها عن نفسها ككاتبة بما يشبه الحيرة الواثقة: "كي تسقط عني الالقاب والتسميات، لاني أكثر مما يظنون، وأقل مما يفترض بي ان أكون. ضدهم حين يكونون معي وينحازون اليّ. ضدهن حين لا اشبههن فلا يعترف بي ويسقطني من الحسبان، وضدي لأني اكثر عداوة لنفسي من كل الاخرين".