اكد وزير خارجية فرنسا هوبير فيدرين في تصريحات إلى "الحياة" أن التقارب في وجهات النظر الفرنسية والسعودية "مذهل جداً، إذ توصلنا الى استنتاجات متقاربة حول ما يتعين علينا أن نقوم به من جهود في اتجاه الولاياتالمتحدة واوروبا والبلاد العربية، وتجاه إسرائيل نفسها". وقال أن محادثاته مع ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ووزير الدفاع الأمير سلطان بن عبدالعزيز ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل "شملت القضايا ذات الاهتمام المشترك". وقال الأمير سعود عقب جلسة المحادثات الأولى: "أكدنا ضرورة تنفيذ العراق كل التزاماته المتعلقة بتطبيق جميع قرارات مجلس الأمن، كما استعرضنا عملية السلام في الشرق الأوسط وأكدنا ضرورة بذل كل الجهود لدفع هذه العملية". ووصف الديبلوماسية الفرنسية بأنها حيوية ونشطة وطموحة، معتبراً أنه "عندما يتعلق الأمر يإيجاد خطر مشترك بين الأوروبيين والغرب عموماً فإن فرنسا هي التي يسمع صوتها بشكل قوي". وشمل تطابق وجهات النظر القضايا الأساسية، وفي مقدمها الأزمة العراقية وعملية السلام بما فيها المسارين السوري واللبناني، والاضطرابات في كوسوفو وتعزيز العلاقات الثنائية. وسلم فيدرين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي ظهر أمس رسالة الى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز من الرئيس الفرنسي جاك شيراك لم يفصح عن مضمونها، ولكن في ما يبدو أنها تتناول القضايا الأساسية التي بحثت بين الطرفين. وقال الوزير الفرنسي ل "الحياة" أن التقارب يؤكد أنه "من مصلحتنا أن نلتقي باستمرار وأن نقوم بتحليلات مشتركة لكل قضايا الساعة وصولاً إلى حوار مستمر" لاعطاء هذه العلاقة النشطة والتاريخية "بعداً اضافياً جديداً". ولفت الى ان عملية السلام "توقفت للأسف الشديد"ولكن من الضروري متابعة الجهود "إلا ان الخطر يتمثل في أن تحبط الولاياتالمتحدة بسبب عدم استجابة حكومة نتانياهو وتقديمها أية تنازلات، ولذا لا بد أن يبقى الأميركيون ملتزمين فعليهم مسؤولية معنوية وأخلاقية وتاريخية تجاه هذه المسيرة" باعتبارهم أحد راعييها. وقال ان مطالبة السلطة الفلسطينية بتنفيذ الشروط لا بد أن يقابله مطالبة الحكومة الاسرائيلية بالشيء نفسه، فهي يجب أن تلتزم التعهدات التي قطعتها الحكومة السابقة، وهذه التعهدات ليست تابعة لحكومة ولكنها تابعة لدولة". وأكد ان البلدان الاوروبية "حبذت إلى حد بعيد" اتفاق اوسلو وانها وجهت "نقداًً قاسياً نسبياً تجاه السياسة الحالية للحكومة الإسرائيلية لعدم التزامها تعهداتها. ولكن الاختلاف بين الدول الأوروبية هو في درجة الالتزام إذ أن بعضها يعتبر أن هذه القضية معقدة الى حد بعيد ولا تمثل أولوية بالنسبة اليها وفرنسا تسعى لاقناع مجموع الدول الاوروبية بضرورة الالتزام بدرجة اكبر" مؤكداً أن الديبلوماسية الفرنسية "هي في المقدمة في هذا المجال". وطالب فيدرين ايران "بموقف اكثر انفتاحاً واكثر جاهزية للعمل"، مرحباً بالتغير الواضح فيها الذي "يعبر عن نزوع للتغيير ولكن يجب توخي الحذر واليقظة لأننا نعلم أن هذا الاتحاه لا يؤيده الجميع في ايران". وزاد : "نحن نتمنى ان تتحسن فعلاً هذه التوجهات الجديدة، واعتقد انها رغبة السعودية كذلك". ولدى سؤاله عن الوضع في الجزائر قال "أن الحكومات الأوربية تعتقد أنه ليس للحكومة الجزائرية ضلع في العمليات الارهابية وهو ماثبت بعد التحقيقات والزيارات الأوروبية المتعددة". وأضاف أن الدول الأوروبية "أعربت عن تعاطفها الكبير مع الشعب الجزائري واقترحت المساعدة بكل الأساليب، ولكن الرد الجزائري كان دوماً هو نفسه ان الجزائر بلد كبير وذو سيادة وأنه سيحل مشاكله بنفسه حتى وإن كانت عويصة". وبخصوص التعاون الاقتصادي مع السعودية، قال فيدرين ان فرنسا "تأمل في تطوير مبادلاتها الاقتصادية مع السعودية، صحيح ان الشق العسكري مهم في هذه المبادلات ولكن هناك جوانب أخرى عدة"، مؤكداً ان السعودية وفرنسا ترغبان في تشجيع الشركات الفرنسية الكبرى للمشاركة في المشاريع السعودية خصوصاً تلك التي تملك فرنسا فيها تقنية متطورة مثل معالجة المياه الذي تميزت فيه فرنسا على الآخرين، بالأضافة الى مجالات أخرى من هذا النوع. وشدد على ضرورة تنمية التعاون الاقتصادي بمختلف مساراته.