أكد رئيس الحكومة الجزائرية السيد أحمد أويحيى أن العنف ينحسر في البلاد، وأن الجماعات المسلحة تتقهقر يومياً. ونفى وجود اتصالات مع "الجيش الاسلامي للانقاذ"، الذراع العسكرية ل "الجبهة الاسلامية للانقاذ" المحظورة، أدت الى الهدنة التي أُعلنت في الاول من تشرين الاول اكتوبر 1997. وقال اويحيى في رده على النواب في جلسة المجلس الشعبي الوطني البرلمان التي بدأت بعد ظهر الجمعة وانتهت فجر السبت، ان لا وجود لاتصالات بين السلطة و"جيش الانقاذ" الذي كان اذاع في السابق أنه أعلن هدنة لعملياته المسلحة بعد اتصالات اجراها مع قيادة الجيش الجزائري. وكرر رئيس الحكومة النفي الرسمي لوجود مثل هذه الاتصالات، قائلاً: "لا تفاوض ولا اتفاق مع من أعلنوا الهدنة". ونفى ايضاً اتهامات وجهها نواب في جبهة القوى الاشتراكية معارضة إلى قوات الأمن باستخدام قنابل نابالم في قصفها مناطق تلجأ اليها الجماعات المسلحة. وكذّب اتهامات بتورط قوات الامن في المجازر، وطالب النواب بتقديم أدلة على مثل هذا الاتهام. واعتبر اويحيى مشاركة بلاده في قمة شرم الشيخ مصر عام 1995 بأنها بمثابة "إدانة للارهاب" والتصدي له بالاشتراك مع دول العالم. ورحب بمبادرة بدعوة حركة مجتمع السلم الى اقامة "ندوة وطنية للسلم". وعن الوضع الاقتصادي، أشار إلى أن انخفاض اسعار النفط لن يؤثر في برنامج حكومته هذه السنة ولا السنة المقبلة. ولفت الى وجود 5،8 بليون دولار في احتياط الدولة من العملات الصعبة. ورفض دعوات نيابية إلى رفع حال الطوارئ، قائلاً ان هذه الحال ترفع في الوقت المناسب. وجدد رفض الجزائر أي بعثة تحقيق دولية في المجازر لأن ذلك يُعتبر مساً بسيادتها وتدخلاً في شؤونها الداخلية، مثلما رفض عروضاً لتقديم مساعدات انسانية اجنبية، معتبراً ان لدى بلاده الوسائل لتدبير حاجات الشعب الذي لا يحتاج إلى هذه المساعدات، وان لديه اساليبه الخاصة لتدبير حاجات المواطنين. وقال اويحيى رويترز، أ ف ب ان العنف ينحسر يومياً، وانه لن يكتب له البقاء في البلاد في المستقبل بفضل تعبئة القوى الشعبية والجهود التي تبذلها الدولة. وأضاف ان الحكومة نشرت 18 وحدة اضافية من قوات الحرس المحلي و150 من جماعات الدفاع الذاتي في كانون الثاني يناير الماضي في إطار مساعيها الرامية الى مكافحة العنف. وأكد أن "مرحلة جديدة" من الكفاح ستبدأ في الاسابيع المقبلة مقترنة بإعادة إعمار قرى دمرتها الجماعات المسلحة. وكان نواب من الائتلاف الحكومي والمعارضة انتقدوا، قبل رد اويحيى، بعض سياسات الحكومة. وقالت دليلة صالحي النائبة عن حزب جبهة القوى الاشتراكية انها زارت بعض المناطق وعلمت ان السلطات اجبرت مزارعين على تسليح أنفسهم ضد الجماعات المسلحة. وأضافت ان الناجين من المذابح يموتون جوعاً وان سلطات محلية لم يعد لديها من وسائل للتعامل مع هذه الكارثة. أما لويزا حنون النائبة عن حزب العمال اليساري، فقالت ان الحكومة تنتهج سياسة خرقاء عن طريق "تسليح" المجتمع وتوزيع مزيد من الاسلحة على المدنيين، مشيرة إلى ان ذلك لم يساهم في تخفيف حدة التوتر. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن نواب دعوتهم الى رحيل الحكومة بسبب "فشلها" في مكافحة "الارهاب"، وانتقادهم صيغة "فلول الارهاب" الشهيرة التي درجت الحكومة على استعمالها للتقليل من أهمية أعمال العنف التي تشهدها البلاد. وقال النائب عبدالعزيز بن مهيدي من حزب التجمع الوطني الديموقراطي الذي يرأسه اويحيى نفسه، ان مصير الحكومة في يد البرلمان وهدد ب "استخدام الصلاحيات الدستورية" في حقها. وانتقد أيضاً تأخر الحكومة في تقديم المساعدة الى ضحايا المجازر. وحمل على الديبلوماسية الجزائرية وعجزها عن رد "الهجوم السياسي" الخارجي، في اشارة الى المساعي الاوروبية ازاء الازمة الجزائرية. وأعلن النائب عبدالرزاق مكري من حركة مجتمع السلم، المشاركة في الائتلاف الحكومي: "لقد فشل اسلوبكم في إدارة البلاد وفي كل الميادين". وذكر عمارة بن يونس رئيس الكتلة البرلمانية لحزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية المعارض ان حكومة اويحيى "تفتقر الى الشجاعة السياسية". فيما اتهم نائب آخر من الحزب نفسه رئيس الوزراء بأنه "تجاوز حدوده". وأعرب رئيس كتلة جبهة القوى الاشتراكية عبدالسلام الراشدي عن تأييد حزبه تشكيل لجنة تحقيق دولية في المجازر وتقديم مساعدة انسانية دولية، الأمر الذي أثار غضب نواب التجمع الوطني الديموقراطي. الوضع الأمني وتفيد الاحصاءات الرسمية ان اعمال العنف في الجزائر حصدت حتى الآن 26636 قتيلاً بينما تحدث التقرير الاخير لوزارة الخارجية الاميركية عن سبعين ألف قتيل، وهو ما نفته الجزائر. وقتل عشرة اشخاص وجرح 14 آخرون أمس وأول من أمس في أعمال عنف وانفجارات متفرقة. وأعلنت أجهزة الأمن ان عبوة ناسفة انفجرت صباح أمس داخل مقهى في بلدة المعالمة جنوب غرب العاصمة وتسببت فى مقتل ثلاثة أشخاص واصابة ثمانية بجروح. كذلك قتل شخصان واصيب أربعة آخرون في البليدة 50 كيلومتراً جنوب العاصمة في انفجار قنبلة يدوية الصنع في مدخل بناية سكنية. وأفادت صحف ان قنبلة انفجرت الجمعة لدى مرور قطار بجوار شبلي القريبة من البليدة مما أسفر عن مقتل اثنين من الركاب واصابة أربعة آخرين. ونشرت صحيفة "ليبرتي" ان عبوة ناسفة انفجرت داخل بناء قديم في قرية بوعشون قرب المدية في الجنوب، ادت الى مقتل فتاة في التاسعة واصابة اثنين من افراد عائلتها بجروح خطرة.