ما حصل يوم الجمعة الماضي في بعلبك يُسمّى التفافاً "انتهاء ظاهرة صبحي الطفيلي"، ويمكن ان يسمى واقعياً ضربة أولى لپ"حزب الله". صحيح ان شيخ "ثورة الجياع" تحوّل ظاهرة مزعجة للهانئين في الحكم وفي ادارة الأزمة الاقتصادية، الا انه قبل انهائه وبعد انهائه مجرد جناح في ذلك الحزب. سمح الطفيلي لنفسه بأن يُستفرد، ولعله زيّن لنفسه أو زيّن له القيام بعملية "احتلال" لحوزة علمية لا يُعرف من تخص فعلاً فكان ما كان. وحتى يوم احتلال الحوزة لم يكن قد سجل ضد الطفيلي أكثر من قيادته حركة عصيان أو شغب، لكنه بات الآن متهماً مع أنصاره باطلاق النار على الجيش اللبناني. كان الطفيلي وحركته مشروع انشقاق في "حزب الله"، على غرار الانشقاق الذي عرفته سابقاً حركة "أمل". وفي البقاع تحديداً. وبما ان "الحزب" يرمز الى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي للجنوب، فإن انشقاقه لو حصل لكان اساء الى الرمز. ثم ان الانشقاقات لا تحصل برغبة من يعملون لها، وانما بموافقة "المرجع الأعلى" الذي يحدد هذه الأيام أي حزب يمكن ان يوجد أو لا يوجد في لبنان. لذلك يكون الطفيلي دفع ثمن اوهام اخترعها لنفسه أو اخترعها له البعض وشجعه على ركوب المركب الخشن فاستدرجه الى السقوط. ليس سراً على أحد ان الطفيلي سقط أو أسقط لأنه فقد حظوته لدى السوريين والايرانيين على السواء، ثم ان حزبه كان فصله، فضلاً عن ان الحزب لم يماشه في نهجه الاجتماعي المسمى "ثورة الجياع" كونه منشغلاً بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي ولا وقت لديه، او بالأحرى ليس في برنامجه الآن ان يهتم بالجياع. والأرجح ان الطفيلي استخدم ثورته تلك لترتيب موقع سياسي كان له في الحزب ثم تآكل وأدى الى تهميشه. صحيح ان الشيخ فقد الحظوة لأنه تعجّل مشروعه السياسي، إلا ان "التوافق الاقليمي" على انهاء ظاهرته قد لا يصل الى حد التوافق على وضعه وراء القضبان. ثمة روايات كثيرة عن الطريقة التي خرج أو أُخرج بها من الحوزة، ومن رافقه لضمان سلامته، ومن سهل له التواري والاختفاء. وليس مؤكداً انه موجود الآن حيث يجري البحث عنه، لكن الاكيد انه لن يظهر قريباً، وقد لا يظهر ابداً. غير ان أهل الحل والربط في منطقة نشاطه لا بد ان يحتاجوه لتهدئة انصاره وعائلات الذين سقطوا في مذبحة الحوزة. من الواضح ان الشيء الوحيد الذي لم يستطع "حزب الله" ان يدعيه بعد الحادث، انه حقق انتصاراً. اذ يبقى عليه الآن ان يعالج وضعاً انشقاقياً حاصلاً على الارض لكي يتمكن قياديوه من التجول بسهولة في منطقة بعلبك. الى ذلك، من شأن الحزب وحده ان يدرك الى أي حد ترتبط تصفية الطفيلي بتحجيم مرتقب للحزب نفسه في اطار اي تسوية سلمية قد تكون قريبة للاحتلال الاسرائيلي في جنوبلبنان. لبنانياً - باعتبار ان ما حصل لم يكن لبنانياً فعلاً وان كان الضحايا لبنانيين - قد يجد بعض الاذكياء والمتذاكين في الحكم ان ضرب الطفيلي يمكن "بيعه" محلياً كأنه "عدالة" و"توازن" في معاملة جميع الاطراف من مختلف المذاهب. واذا وجد من يشتري مثل هذه السلعة فهنيئاً له. على فكرة: ماذا عن الجياع، هل هم خرافة سقطت بسقوط قائد ثورتهم؟