نفى المغرب أمس اتهامات الجنرال خالد نزار، الرجل القوي سابقاً في الجزائر، بأنه يُمثل معبراً للأسلحة للمتشددين الإسلاميين. وقالت مصادر رسمية إن المغرب ينأى بنفسه عن التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية. واتهم خالد نزار في مقال نشرته صحيفة "الوطن" الجزائرية المغرب ب "الابتزاز" بسبب ربط مسألة التعاون المغربي في مكافحة الشبكات الإسلامية المتطرفة بتعاون جزائري في موضوع الصحراء الغربية. الرباط لكن مصادر رسمية في الرباط نفت ان تكون نقاط الحدود المشتركة مع الجزائر، أو أي نقاط أخرى، تستخدم لتهريب الأسلحة إلى الجماعات الإسلامية في الجزائر. وقالت إن المغرب ليس طرفاً في الصراع الدائر في البلد المجاور، وانه ينأى بنفسه بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر. وذكرت ان محاولات محدودة جرت قبل سنوات لتهريب أسلحة ومعدات إلى الجزائر بعد جلبها من بلدان أوروبية لكنها احبطت واعتقل المتورطون فيها وما زالوا يقضون عقوبات في أحد السجون المغربية. ولفتت إلى ان المتورطين يتحدرون في غالبيتهم من أصول جزائرية وكانوا يقيمون في بلدان أوروبية. وشددت المصادر المغربية على أن اغلاق الحدود المستمر بين البلدين منذ حوالى أربع سنوات يجعل من الصعوبة بمكان توقع مثل هذه العمليات، لأن جانبي الحدود على الطرفين المغربي والجزائري تشتد فيهما الرقابة الصارمة. وهي تطاول أيضاً تهريب البضائع والمنتجات التي كانت تشكل المحور الأساسي للنشاط التجاري في المنطقة. إلى ذلك، أبدى مثقفون مغاربة استغرابهم تصريحات وزير الدفاع الجزائري السابق خالد نزار الذي انتقد صدور بيان يتضامن من خلاله منتسبون إلى جمعيات غير حكومية في المغرب مع ضحايا المجازر التي تحدث في الجزائر. وقال أحد الموقعين على ذلك البيان إن الأمر يتعلق "بموقف إنساني" يشترك فيه المثقفون المغاربة مع نظرائهم في بلدان عربية وأوروبية. واستغرب ان يُوجه الانتقاد للمغاربة فقط، لأن ذلك يكشف مزيداً من الحساسية في الجزائر ازاء أي موقف يصدر من المغاربة. وقال إن هذا الموقف ليس سياسياً ولا يعبر عن وجهة نظر رسمية. وأوضح مسؤول في محطة اذاعة "ميدي - 1" التي انتقدها خالد نزار أيضاً، ان تعاطي المؤسسة الاعلامية مع أحداث الجزائر يندرج في سياق استراتيجية اعلامية تشمل الاهتمام بالمنطقة المغاربية، وان التعامل مع أحداث الجزائر يحظى بالأولوية في ضوء أهميته الاعلامية، وليس لأي هدف سياسي. وأكد ان ما تبثه "ميدي - 1" ينشر ويذاع في وسائل الاعلام المختلفة حول أحداث الجزائر "من دون أي خلفية سياسية". لكنه أضاف "ان للجزائر حساسية تجاه محطتنا. وهذا ليس وليد الظرف الراهن". إلى ذلك، تربط المصادر التي ترصد تطورات نزاع الصحراء بين التصعيد الاعلامي والوضع الداخلي الذي تجتازه الجزائر، أقله لفت الانتباه إلى قضية خارجية لصرف الأنظار عن المأساة الداخلية، وقد يكون لهذا السبب اتخذ المسؤولون المغاربة موقفاً واضحاً، لجهة عدم صدور أي بيان أو تصريح يمكن أن يفسر على أنه تدخل في الشؤون الداخلية للجزائر. وقال مسؤول مغربي ل "الحياة" أمس إن ملف الصحراء من اختصاص الأممالمتحدة، وان الملفات التي تطاول العلاقات بين البلدين سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو تجارية، يمكن البحث فيها على المستوى الثنائي. ولاحظت المصادر ان مستويات اللقاء بين مسؤولي البلدين تتم على درجة اقل، وبالذات من خلال مساعي السفيرين المغربي في الجزائر، والجزائري في المغرب. وعزت اوساط مهتمة صدور تصريحات خالد نزار في الوقت الراهن الى اعتبارات داخلية لها علاقة بالصراع القائم بين مراكز النفوذ في الجزائر. وعن قضية تسليم زعيم "الجماعة الاسلامية المسلحة" عبدالحق العيايدة، ذكر بعض الاوساط انه كان يرغب في ان تتم محاكمته في المغرب. ويُعتقد ان تسليمه خضع لشروط لا علاقة لها بقضية الصحراء او الملفات العالقة بين البلدين، وانما "ان تكون محاكمته عادلة وان لا يتم اعدامه". واستغربت هذه الاوساط ان يركز حديث خالد نزار على مكان وجود العيايدة في وقت كانت السلطات المغربية اعتقلته وابلغت الجزائر ذلك بهدف تأكيد حيادها في الصراعات الداخلية في الجزائر. وكان أ ف ب، رويترز خالد نزار اتهم امس المغرب بأنه مارس "ابتزازاً" على الجزائر العام 1993 في قضية تسليم عبدالحق العيايدة. وقال نزار - المتقاعد حالياً - في مقال كتبه في صحيفة "الوطن" ان المغرب كان يريد ان يربط بين تسليم العيايدة "الذي حددت الاجهزة الامنية الجزائرية بدقة مكان وجوده في فندق في وجدة" ومسألة الصحراء الغربية. وقام المغرب بتسليم الجزائر العيايدة في حزيران يونيو 1993. وهو مسجون حالياً في العاصمة الجزائرية بعدما حُكم عليه بالاعدام. واوضح الوزير الجزائري السابق ان اجهزة الاستخبارات الجزائرية أوفدت الى الرباط ضابطاً مزوداً كل المعلومات عناوين وصور… بعد تحديد مكان اقامة العيايدة، مضيفاً ان "المغاربة شككوا كثيراً في المعلومات في البداية لكن بعد التدقيق والتوضيحات اقتنعوا". وتابع نزار: "بعد تفسيرات كثيرة ورفضي ربط هذه القضية العيايدة بمسألة الصحراء الغربية، قيل لي ان عليّ ان اتصل بوزارة الداخلية والبحث في مسألة الاسترداد معها"، مشدداً على ان استرداد العيايدة استغرق ثلاثة اشهر واحتاج الى زيارات مسؤولين عدة. وردّ نزار على نداء وجهه مثقفون مغاربة تضامناً مع ضحايا المجازر. وقال: "باعتبارهم مثقفين، لماذا لا يدينون هذه المحطة الاذاعية ميدي - 1 التي يستمعون اليها باستمتاع … هذه المحطة تذيع من أجلهم ومن بلادهم وهدفها ليس الاعلام وانما اذكاء النيران في جثث الوف الجزائريين وكأنهم يقتلونهم من جديد". واضاف: "من بين الضحايا قُتل بعضهم بأسلحة جاءت عبر الحدود الجزائرية - المغربية الشبيهة بالمنخل"