ضيّقت قوى الجيش اللبناني حصارها على بلدة بريتال البقاعية امس، في خطوة تؤكد نيتها توقيف المطلوبين بموجب الاستنابات القضائية الصادرة عن النيابة العامة العسكرية وبلاغات التحري عن هؤلاء وفي مقدمهم قائد "ثورة الجياع" الشيخ صبحي الطفيلي بتهمة تشكيل عصابات مسلّحة تمس بالأمن. راجع ص 3 وفيما عادت الحياة الى طبيعتها في معظم المناطق البقاعية، خصوصاً مدينة بعلبك، وفتحت المدارس ابوابها في المدينة بعد المواجهة بين انصار الشيخ الطفيلي والجيش مساء الجمعة الماضي. وتوالت ردود الفعل على الصدامات التي حصلت بين انصار الطفيلي والجيش فأشاد معظمها بقوى الجيش مثلما دعا معظم القادة السياسيين والروحيين، خصوصاً الشيعة منهم، الحكومة الى خطوات تعالج الوضع الاجتماعي المعيشي في منطقة البقاع المحرومة وتغلب لغة الحوار وتلملم آثار ما حصل من صدامات. وكان الجيش واصل تعزيز قواته في محيط بلدة بريتال، مسقط رأس الطفيلي، وعلى الطرق الرئيسية في البقاع وأقام حواجز تفتيش وسيّر دوريات راجلة. وأخذ يعزز مواقعه ويقترب اكثر من البلدة بدءاً من الساعات الاولى بعد الظهر. وتمركزت قوات له في مواقع جديدة في اطار تشديده الحصار على البلدة والاجراءات الامنية أهمها تلّتا النبي صالح ومغارة الزبيبة، اللتان تقعان على مسافة قريبة منها. وأوضح مصدر في البلدة ل "الحياة" ان السيطرة على هاتين التلّتين "تعني إحكام الطوق الامني على البلدة"، مشيراً الى "ان التعزيزات الامنية والعسكرية ترافقت مع استكمال إقامة الجيش السواتر الترابية في بعض المناطق المحيطة بالبلدة". ومساء تقدّم الجيش من هاتين التلّتين الى منازل البلدة القريبة منها، فيما تقدّم من جهة السهل، شرقاً في اتجاه البلدة ليصبح على بعد مئات الامتار من المنازل الواقعة على أطرافها. ورفضت مصادر رسمية رفيعة المستوى التأكيد ل "الحياة" نية الجيش دخول بريتال، قائلاً "لا نعتقد ان هدف الجيش الدخول، لكن المؤكد انه يريد القبض على المطلوبين، بمن فيهم الشيخ الطفيلي". وحين سئل المصدر عن احتمال ان يكون الطفيلي لا يزال في البلدة، أجاب: "لا نعرف. وهذا شأن القوى الامنية والعسكرية فهي التي تملك المعلومات في هذا الصدد". وأكدت مصادر العائلات ل "الحياة" ما قاله المصدر الرسمي انها تبلغت ان "لا نيّة لدى الجيش لدخول البلدة"، لكنه "يصرّ على تسلّم جميع المطلوبين والشيخ الطفيلي، وسط تضارب المعلومات عن وجوده في البلدة أو مغادرتها إلى جرودها أو إلى مكان آخر". وقال مصدر مسؤول في حزب الله تعليقاً على احداث بعلبك ونتائجها ... "ان الحزب لا يريد لأهلنا في بريتال الا الخير والأمن والعافية ولن يتركهم نهباً للاشاعات المغرضة تفتك بوحدة صفوفهم ولا لحملات الاستقطاب السياسي الموجه ان تستفيد من لحظات الازمة لتسطر أوهام الحرص الطارئ، ولن تغيب حملات التشكيك والتضليل التي يشنها مغرضون ضد حزب الله". زيارة منعم على صعيد آخر، بدأ الرئيس الارجنتيني كارلوس منعم زيادة للبنان تستمر ثلاثة ايام ، وأجرى محادثات مع الرئيس الياس الهراوي تناولت العلاقات الثنائية وتطورات العملية السلمية. وشدّد منعم على ضرورة استكمال المفاوضات وفقاً للقرارات الدولية والاتفاقات المعقودة في أوسلو وواشنطن، مبدياً استعداد الارجنتين للمساهمة في مبادرات لتوطيد الأمن الراسخ في لبنان ضمن حدوده المعترف بها دولياً. وفي كلمة للرئيس الهراوي، في مأدبة عشاء على شرف نظيره الارجنتيني، قال: "ان الزيارة تأتي في ظل ظروف سياسية دولية صعبة وفي ظل اوضاع اقليمية متقلبة ودقيقة، الامر الذي تستغله اسرائيل لنقض الاتفاقات التي وقعتها ولتجميد عملية السلام العادل والشامل. ...، ومنذ عشرين عاماً واسرائيل تتعامى عن القرار الدولي الرقم 425، واليوم تتعامل معه من باب المناورة". من جهة أخرى، أجرى رئيس الحكومة رفيق الحريري مشاورات في دمشق التي وصلها امس آتياً من باريس، مع نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام وعدد من كبار المسؤولين السوريين تركزت على نتائج الاتصالات مع العواصم العربية والاجنبية في شأن المسائل الاقليمية، و"تحصين الوقفة السورية - اللبنانية الواحدة حيال مختلف القضايا"، و"تداعيات الموقف المتأزم بين العراق والولايات المتحدة والامم المتحدة في ضوء الجولة الراهنة لوزيرة الخارجية مادلين أولبرايت على المنطقة". على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسته الاسبوعية قبل ظهر الخميس المقبل للبحث في عدد من المواضيع، وخصوصاً الوضع في البقاع، على ان يلتقي كبار المسؤولين رئيس مجلس الشورى الايراني علي ناطق نوري الذي سيزور بيروت بعد ظهر الخميس، آتياً من دمشق.