قال الرئيس جاك شيراك في حديث نشرته امس صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الأزمة العراقية أكدت امكان "فرض احترام الحق بواسطة الديبلوماسية وليس فقط بواسطة القوة"، مؤكداً رفضه "الضربة العسكرية" التلقائية في حال لم يحترم العراق التزاماته، كما رفض "الموت المبرمج لعملية السلام" داعياً الولاياتالمتحدة "للإقدام سريعاً على مبادرة تعيد احياءها". ورأى شيراك ان الازمة العراقية التي "تقدمت فرنسا في شأنها بمجموعة من الأفكار التي تم تقبلها تظهر ان هناك حاجة لفرنسا في العالم، لأنها بلد غربي وإنما مستقل من حيث التفكير والسلوك". وأضاف ان الازمة العراقية اكدت له أن "من الممكن فرض احترام الحق بواسطة الديبلوماسية وليس فقط بواسطة القوة"، لكنه أشار الى أن فرنسا لم تكن لتنجح بمفردها وأن "التعبئة المزدوجة للجهاز العسكري الاميركي والجهاز الديبلوماسي الفرنسي أتاحت التوصل الى حل وتجنّب الضربة العسكرية التي كانت ستؤدي الى نتائج خطرة". وأشاد شيراك بالدور الذي لعبه بعض الدول في مساندة المساعي الفرنسية و"بالقدرة التفاوضية والاصرار والدقة التي يتمتع بها كوفي انان" الامين العام للأمم المتحدة، معرباً عن الشعور بالصدمة للمعاناة الناجمة عن العقوبات الاقتصادية على المواطنين الأكثر فقراً، "من دون ان يؤثر بأي شكل من الأشكال على صانعي القرارات والمسؤولين". وقال ان العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن الذي يمثل الشرعية الدولية، ينبغي ان تكون "مدروسة ومناسبة ومحددة زمنياً ومبنية على مقاييس واضحة". ودعا شيراك الى الخروج من "سياسة الاحتواء المزدوج" المتبعة حيال العراق وايران، متمنياً على البلدين ان "يعملا بطريقة توفر الظروف الملائمة لعودتهما الى المجتمع الدولي في ظل الاحترام التام للقانون الدولي". وحض بغداد على إبداء أقصى قدر من الوضوح في وفائها التزاماتها "لأن هذا هو السبيل الوحيد لرفع الحصار المفروض عليها ولعودتها الى المجموعة الدولية"، مشيرا الى أنه يعتزم توجيه رسالة في هذا الشأن الى الرئيس العراقي صدام حسين، على غرار الرسالة التي كان وجهها اليه خلال الازمة وساهمت في انجاح مهمة أنان في بغداد. وسئل شيراك عن توقعاته في حال عدم وفاء العراق بالتزاماته، فأجاب ان مجلس الامن يناقش حالياً مشروع قرار يكرّس الاتفاق الذي أبرمه أنان وأن لا مفر أمام العراقيين من الإبقاء على التزاماتهم لئلا يتعرضوا "لأخطر العواقب"، لكنه رفض "الضربات العسكرية التلقائية في حال اخلال العراق بهذه الالتزامات" ذلك أن "مجلس الأمن وحده مخوّل تقدير طبيعة السلوك العراقي وتحديد سبل معالجتها، وعندها فإن كل الاحتمالات ستكون مفتوحة". وقال انه ينبغي الآن "تسريع الأمور بحيث يبدأ تطبيق الاتفاق على تفتيش المواقع الرئاسية، وأن يجري العمل سريعاً على تطبيق القرار الرقم 1153 حول النفط مقابل الغذاء"، والذي يضاعف قيمة النفط الذي يحق للعراق تصديره، وإقامة حوار سياسي مع العراق عبر ممثل الامين العام للأمم المتحدة الذي سيتوجه قريباً الى بغداد. واعرب شيراك عن اعتقاده بأن الازمة العراقية "أعادت إظهار الوضع الذي لا يطاق بالنسبة للرأي العام العربي نتيجة جمود مسيرة السلام، وولدت لديه شعوراً بأن هناك وزنين ومكيالين". وقال ان فرنسا "ترفض الموت المبرمج لمسيرة السلام التي ينبغي العمل بالحاح على انقاذها" مؤكدا عزمه على المضي في ابداء "هذه الارادة السياسية عبر العمل الديبلوماسي القوي"، على المستوى الاوروبي وبالتعاون مع الولاياتالمتحدة. وأضاف أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة ان "تقدم سريعا على مبادرة تعيد احياء مسيرة السلام" مشيرا الى أن "الأميركيين الذين كانوا لفترة طويلة حذرين من المشاركة الاوروبية في هذه المسيرة أصبحوا أكثر انفتاحاً اليوم".