على رغم مزاحمة المغنين العالميين الجدد وطغيان موجة الپ"راب" والپ"روك" على معظم الاذاعات والملاهي الليلية، نجح المغني العالمي بول أنكا في استعادة حمّى الماضي وبريقه، ليثبت ان موهبته لا تتأثر بالزمن. طاف أنكا من بلد الى آخر مقدماً الحفلات، وعرف كيف يؤدي اغنياته بعفوية وبراعة، فلاقت نجاحاً واسعاً. لكنه كان يشعر دوماً بان ثمة جمهوراً لم يكتشفه… خصوصاً ان جذوره من الشرق. فأجداده لبنانيون من آل عنقا استقروا في كندا منذ القرن الماضي. وهناك نشأ والده وتزوج امرأة من اصل لبناني، أنجبت له بول الذي ترعرع في كندا ثم عاش في الولاياتالمتحدة بعد ان أصبح مغنياً معروفاً. أنكا كان حزيناً لحزن اللبنانيين اثناء الحرب، وانتظر كثيراً لزيارة ارض اجداده... لذا قرر تلبية دعوة "شركة باز للانتاج" واذاعة "نوستالجي" للغناء في صالة "بيروت هول" السبت 7 آذار مارس المقبل، وترافقه فرقة تضم 14 موسيقياً وجوقة لبنانية مؤلفة من 30 شخصاً. منذ صغره، بدت عليه ملامح النجومية، اذ لم يفوّت مناسبة عائلية الا غنّى فيها. ولم يمنعه أهله من المشاركة في حفلات في النوادي الليلية. اما نهاراً فكان يتابع دروساً في الانكليزية وفي الصحافة. في الخامسة عشرة، دخل كالفاتحين وكالة انتاج في نيويورك واعلن امام جميع الحاضرين بانه سيصبح نجماً يتربع على عرش العالمية. فعلاً، أظهر أنكا اتجاهاً الى احتراف الغناء عندما ألّف العام 1957 اغنيته الاولى "ديانا" انطلاقاً من علاقة عاطفية مع حاضنة اطفال كانت تكبره سناً. كان يغني في مهرجانات الهواة والاندية الليلية، وما لبث ان دخل مرحلة جديدة من النشاط الفني بعد ان تفجّرت لديه موهبة الكتابة، فانتقل الى تأليف الاغنيات لكبار المغنين أمثال فرانك سيناترا وطوم جونز وباربرا سترايسند وسيلين ديون وباري غيب وبيتر كيتيرا وباتي لابيل ودايفيد فوستر وغيرهم. وفي زمن البيتلز والفيس بريسلي، وصل أنكا الى ذروة النجاح، حتى ان اغنياته سجّلت ارقاماً قياسية، اذ بثت على الاذاعات نحو 90 مليون مرة بحسب تقديرات شركة "ب.إم.إي". ويتضمن سجله حوالى 123 اسطوانة و900 اغنية. وسجل اسطوانات بلغات عدة أهمها الايطالية والالمانية والاسبانية والفرنسية واليابانية. اما أشهر اغنياته فهي "طريقي" التي كتبها اصلاً لفرانك سيناترا و"ديانا" و"بابا" و"انت قدري" و"الحب المجنون" و"دعني أتعرف اليك" و"حرية من اجل العالم" و"أوغني فولتا" بالايطالية وغيرها. أعماله الفنية أوصلته الى ذروة النجاح فأشادت به الصحافة العالمية في كل الدول ونال وسام الشرف من رتبة فارس في الفن والادب من الحكومة الفرنسية، وبعث اليه الرئيس الأميركي بيل كلينتون رسالة تقدير، وبات اسمه مسجلاً في لائحة أفضل المغنين العالميين. الى ذلك، شارك أنكا في افلام سينمائىة عدة ووضع موسيقى تصويرية لاعمال فنية متنوعة نال عليها جوائز تقديرية. حياة أنكا الغارقة في الاضواء والشهرة لم تمنعه ان يتزوج سيدة لبنانية اسمها آن دو زغب، انجبت له ستة اولاد. وعلى رغم التجاعيد في وجهه، يظل أنكا المغني المخضرم الذي يستحوذ على اعجاب الملايين بادائه المتفوق وصوته المخملي الذي يشكل امتداداً للمغني العالمي فرانك سيناترا.