انتخب المؤتمر الثالث عشر لحزب الاستقلال المغربي عباس الفاسي اميناً عاماً جديداً خلفاً لمحمد بوستة الذي انتقل الى مجلس الرئاسة. وأناط بالقيادة الجديدة للحزب مهمة الحسم في قرار المشاركة في الحكومة التي يعتزم عبدالرحمن اليوسفي زعيم الاتحاد الاشتراكي تشكيلها في وقت لاحق. وجاء في وثيقة بهذا الصدد "ان المؤتمر يولي اهمية بالغة لاستمرار نضال قوى الديموقراطية موحدة وقوية داخل الكتلة لتحقيق اهدافها" في اشارة الى التزام موقف يدعم حكومة اليوسفي المرتقبة. "لكن على اساس ان يحظى ضمنها الاستقلال بحقائب لا تخضع لنتائج الانتخابات الاشتراعية الاخيرة". وقال قيادي في الحزب امس ان المشاركة قائمة من حيث المبدأ لكنها رهن الاتفاق على برنامج كتلة المعارضة، وعلى ان تشكل هذه الاخيرة العمود الفقري للحكومة. وذلك في اشارة الى امكان اسناد غالبية المناصب الوزارية الى احزاب الكتلة. برنامج الحكومة ونقل عن عبدالكريم غلاب عضو مجلس الرئاسة قوله في هذا السياق: "ان المؤتمر كلف القيادة درس برنامج الحكومة المقبلة ومهماتها قبل اتخاذ قرار في هذا الشأن"، لكنه شدد ان مرحلة التحول التي تمر بها البلاد طبعت اعمال المؤتمر. ووصف قيادي حزبي موقف الرافضين للمشاركة في المؤتمر بأنه كان بمثابة اقلية اتيحت لها فرصة التعبير عن الرأي. وقال ان تنحي بوستة عن زعامة الحزب لم يكن وليد اليوم، ولكنه برز في العامين 1993 و1994، لكن التطورات التي عرفتها البلاد وقتذاك وضمنها التعاطي والاستحقاقات الديموقراطية وتطورات قضية الصحراء، حالت دون دخوله حيز التنفيذ. وأضاف ان تعديلات جوهرية ادخلت على قوانين الحزب، في مقدمها ان الامين العام ينتخب لفترة اربع سنوات تكون قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وكان لافتاً في السياق نفسه ان محمد الدويري الذي اعتبر منافساً لمحمد بوستة في قيادة الحزب في وقت لاحق تنحى بدوره عن خوض المنافسة على منصب الامين العام الجديد، واصبح الى جانب محمد بوستة وعبدالكريم غلاب عضواً في مجلس الرئاسة، وقد يكون تم الغاء منصب الامين العام بالنيابة الذي كان يتولاه محمد الدويري الذي قاد قبل نهاية العام الماضي تياراً دعا الى تسريع عقد المؤتمر الوطني للحزب. مؤتمر "الاستقلال" لكن الملاحظ في غضون ذلك ان حزب الاستقلال استطاع وحده عقد مؤتمر وطني في مواجهة الاستحقاقات الراهنة، اضافة الى ان زعيمه محمد بوستة يكاد يكون السياسي الوحيد الذي اختار التنحي، على رغم الحاح قواعد الحزب، خصوصاً ان المؤتمر شهد لحظة اندفاع وحماس كبيرين عند الاعلان عن التنحي، وحرص بوستة على رغم ذلك ان يطمئن المؤتمرين على مستقبل الحزب والتزاماته، وتحديداً في اطار تحالف المعارضة. الى ذلك بدا ان الموقف الذي يلتزمه حزب الاستقلال ازاء المشاركة في الحكومة سينعكس على مواقف شركاء آخرين، ورأى زعيم منظمة العمل الديموقراطي محمد بن سعيد آيت يدر، الذي اعتبر مسانداً لمواقف الاستقلال ان تعيين اليوسفي رئيساً للوزراء يعتبر حدثاً جديداً يجب اعطاؤه الاهتمام اللازم. وقال بن سعيد: "ان تقديري لليوسفي وعلاقتي التقليدية معه منذ الخمسينات حتى الآن تفرض ان نفكر جدياً في هذه المسؤولية الملقاة على عاتقة من اجل خوض هذه التجربة في اطار اصلاح سياسي والقيام بتغييرات حقيقية في البلاد.