لم يخف المسؤولون عن الفريق الأميركي للمصارعة الذي يشارك في دورة رياضية في طهران ارتياحهم إلى ما لقوه من "حفاوة الاستقبال والضيافة" خلال الأيام الثلاثة التي أمضوها في العاصمة الإيرانية حتى الآن. لكن المصارعين أعربوا عن "دهشة" بالتشجيع الذي لمسوه من أكثر من ثلاثة آلاف إيراني جاؤوا إلى القاعة المغلقة في مجمع "الحرية" الرياضي جنوبطهران، وحضروا افتتاح بطولة الهواة للمصارعة الحرة أمس. أول اللاعبين من المصارعين الأميركيين، كان لاري زيكي جونز، بطل العالم عام 1991 للوزن 54 كيلوغراماً، واستطاع أن يفوز في مباراته الأولى في طهران على المصارع المنغولي ليش لوفان، وسط تصفيق المتفرجين الإيرانيين الذين هتفوا باسم جونز أثناء توجهه إلى الحلبة وخلال المباراة وبعد فوزه. وعلّق رئيس الاتحاد الفيديرالي الأميركي للمصارعة لاري سكياشيتانو: "الإيرانيون أول من يشجع المصارعة وهم الأكثر ثقافة وإدراكاً لهذه الرياضة في العالم". وتابع: "كل شيء رائع حتى الآن، الإيرانيون مضيفون بارعون ونحن نشعر بالارتياح الكامل". ولم يخف أسفه لتأخر زيارة وفد رياضي أميركي لإيران، خصوصاً أن الاتحاد الإيراني للمصارعة كان وجه دعوتين إلى الفريق الأميركي عشية دورتي 1995 و 1997، لكن الأميركيين لم يستجيبوا. وبدا رئيس الوفد الرياضي الأميركي واثقاً من أنه "ستكون هناك مرات أخرى، وإنني سعيد جداً بمجيئنا". وتعد المصارعة الرياضة الأكثر شعبية في إيران بعد كرة القدم. وشهد افتتاح الدورة في طهران الثلثاء للمرة الأولى منذ 19 سنة هي عمر القطيعة الديبلوماسية بين إيرانوالولاياتالمتحدة، رفع العلم الأميركي وسط القاعة الرياضية. وحاولت أوساط في طهران أن تقلل من أي انعكاسات سياسية لمشاركة الفريق الأميركي في الدورة وبدء إزالة الحواجز النفسية مع العلم الأميركي. لكن مدرب الفريق شدد على أن هذه المشاركة يمكن أن تساهم في إرساء علاقات "صداقة" بين الإيرانيين والأميركيين. وتابع: "ليس مهماً الفوز أو الخسارة في هذه المسابقات. المهم هو منافسة سليمة بين المصارعين الأميركيين والإيرانيين وإيجاد علاقات صداقة". هذه الإيماءات أثارت أوساطاً متشددة في طهران، واعتبر النائب المحافظ حجة الإسلام فاكر، خلال جلسة علنية للبرلمان أن ما لوحظ من "مجاملات ومزاح مع الأميركيين يعني خسارة للثورة والبلاد". وأبدى امتعاضاً من "حفاوة" استقبال الوفد الأميركي و"تصفيق" المشجعين ورفع علم الولاياتالمتحدة وإمكان عزف النشيد الوطني الأميركي في إيران في حال فاز أحد المصارعين من أعضاء الوفد في المسابقات النهائية. وقال: "ما كنا ندوسه بأقدامنا في السنوات الماضية سيرفعونه أمامنا وأمام العالم". وتابع: "باسم الرياضة يُستقبل أعداؤنا الذين أعدّوا ما لديهم من قوة ضد العراق، وهذا موجه ضد العالم الإسلامي برمته". ولا توحي الأجواء الشعبية العامة في إيران بنفور من الفريق الأميركي الذي حرص على استثمار أول زيارة لطهران ليقوم بجولة "سياحية" على بعض شوارعها. ولم يخف دهشته بأجواء "الأمن واللاعنف واللاإرهاب والودّ". وقال مصارعون أميركيون انهم كانوا يتوقعون إجراءات أمنية مشددة حولهم تفادياً لأي طارئ من "متطرف"، لكنهم لم يلاحظوا أي وجود أمني "غير عادي". وتزامنت زيارة فريق المصارعين الأميركيين مع نشر نتائج استطلاع للرأي أجرته "مؤسسة بحوث المستقبل" الإيرانية بطلب من رئاسة الجمهورية. وتضمنت هذه النتائج أرقاماً لافتة في إطار العلاقة مع الولاياتالمتحدة والحوار الذي أجرته شبكة "سي. ان. ان" التلفزيونية الأميركية مع الرئيس سيد محمد خاتمي. وأظهرت نتائج الاستطلاع ان اكثر من نصف الايرانيين يحبذون اجراء استفتاء على تحديد مستقبل العلاقة مع أميركا وبت مسألة التطبيع. وايد معظم الذين شملهم الاستطلاع مواقف خاتمي التي أعلنها في الحوار، علماً ان اوساطاً متشددة ومحافظة كانت وجهت اليه انتقادات لاذعة معتبرة ان الحوار تضمن "خللاً" و "ضعفاً" و "مرونة غير مبررة". وافادت نتائج الاستطلاع ان 55 في المئة من الإيرانيين يرون ضرورة اجراء استفتاء لإعادة العلاقة مع أميركا، واعتبر 18 في المئة ان المسؤول عن قطع العلاقة هو الولاياتالمتحدة، فيما حمّل 17 في المئة المسؤولية لإيران وأميركا معاً. ورأى 16 في المئة ان ايران هي المسؤولة عن القطيعة. واعرب 82 في المئة عن تأييدهم مواقف خاتمي من واشنطن واعتبر 3 في المئة فقط ان حديثه الى "سي.ان.ان" كان سيئاً.