يعلق ديفيد فريمان في ما يأتي على السبل التي تستخدمها اليهئات الخيرية الناشطة في المملكة المتحدة حتى تستفيد من الهبات الآتية من دافعي الضرائب البريطانية الحريصين على مساعدة المحتاجين في الشرق الأوسط، ومن الحكومة البريطانية كذلك. لندن مركز دولي يجتذب الزائرين من أنحاء العالم كافة. وتُعزى هذه "الجاذبية" الى عدد من العوامل منها اللغة والموقع الجغرافي والتطلع الدولي وكون المملكة المتحدة شبه ملجأ آمن من الضرائب بالنسبة لغير البريطانيين. وتجتذب العاصمة البريطانية زوارها كذلك بسبب سهولة التنقل من لندن الى دول اوروبا، وبالنسبة الى الشرق أوسطيين، تمثل لندن الموقع الملائم الذي يحتل منتصف الطريق بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة. وتُعتبر المملكة المتحدة، دولة ذات نظام حكومي مستتب. وعلى رغم التسليم بأن الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط تعود الى ما فعله البريطانيون عندما كانوا يسيطرون على المنطقة الا ان الروابط التاريخية بين المملكة المتحدة والشرق الأوسط جعل الأولى مقصداً جذاباً للشرق أوسطيين. وتعني هذه الخلفية ايضاً ان ثمة عدداً كبيراً من الشرق أوسطيين بات يعيش في المملكة المتحدة ويرغب في مساعدة المحتاجين ممن بقوا في الشرق الأوسط أو الذين يعيشون فيه. وتنشط ضمن الجاليات العربية في المملكة المتحدة هيئات خيرية عدة تروج للثقافة العربية وتساهم في تعليم الطلاب العرب وتوفير المساعدات الطبية لمحتاجيها في الشرق الأوسط. وتدعم تلك الهيئات جامعات ومؤسسات اخرى ناشطة في ذلك الشرق. ونشأ عدد كبير من تلك الهيئات الخيرية في بريطانيا وتطوَّر رغبةً من العاملين فيها في القيام بعمل خيِّر. لكن فيما ازداد عدد هذه الهيئات ونمت، لم تُدرس على نحو كافٍ بنى هذه الهيئات علماً بأن عدداً كبيراً منها كان سيستفيد اذا سجَّل نفسه رسمياً كهيئة خيرية ناشطة في المملكة المتحدة. وليس من الصعب تسجيل هيئة تسعى الى فعل الخير في بريطانيا. ولا تسمح القوانين البريطانية للهيئات المسجلة كخيرية ان تمارس أنشطة سياسية أو ان تمارس النشاط التجاري، لكن لا يوجد في تلك القوانين ما يحول دون قيام جماعة من الناس الراغبين في مساعدة آخرين بانشاء "جمعية" خيرية أو من تحويل هيئة قائمة فعلياً الهيئة خيرية تستفيد من الضرائب المفروضة ومن أبواب أخرى غير ضريبية. ولا يوجد في القوانين البريطانية الخاصة بالنشاط الخيري ما يوجب ان تتوجه المساعدات الخيرية الى قاطنين في المملكة المتحدة فقط. ومعروف ان الهيئات الخيرية الدولية كپ"اوكسفام" أو "سيف ذي تشيلدرن فند"، تساعد المحتاجين في دول عدة تنتشر حول العالم. وتساعد هيئات مثل "مديكال ايد فور بالستنيانز" ماب المساعدة الطبية للفلسطينيين الذين يحتاجون الى مساعدات طبية في الشرق الأوسط. وأكدت سعيدة نسيبة، كبيرة المسؤولين التنفيذيين في "ماب" على ما تتميّز به الهيئات المسجلة خيرية، اذ قالت: "تم تسجيل ماب عام 1984 كجمعية خيرية ما يعني اننا هيئة بريطانية بكل معنى الكلمة، مطلوب منها التقيد بأحكام الأنظمة والقوانين كافة، الخاصة بالهيئات الخيرية البريطانية، ما يضفي علينا صدقية ومكانة مرموقة في المملكة المتحدة وغيرها من الدول، وما يعني أيضاً اننا مؤهلون للاستفادة من هبات الاتحاد الأوروبي وحكومة المملكة المتحدة". وأضافت: "يدرك المتبرعون ان المال الذي يمنحونه لنا سيُستخدم على نحو جيد ومناسب. ونشعر بالامتنان للعدد الكبير من الأفراد الذين يمنحون مالاً لهيئتنا الخيرية علماً بأن عدداً كبيراً من هؤلاء يقيم ويعمل في المملكة المتحدة ويدفع الضرائب المفروضة عليه فيها، أو يعمل في شركات تنشط من المملكة المتحدة". وأشارت نسيبة الى ان الهيئة، بالنظر الى انها خيرية مسجلة، بوسعها استرداد بعض الضرائب المدفوعة الى حكومة المملكة المتحدة عن التبرعات. وتنص قوانين الضرائب البريطانية على السماح للأفراد والشركات بتقديم هبات معفاة من الضرائب. وبموجب نظام "الهبات المساعدة" يستطيع شخص ان يقدم هبة لا تقل عن 250 جنيهاً استرلينياً من دخله الذي يدفع عليه ضرائب على افتراض طبعاً ان هذا الشخص مكلف بدفع الضريبة. وبوسع الهيئة الخيرية المتلقية للهبة، استرداد الضريبة من الحكومة البريطانية التي تم دفعها بالفعل عن مقدار هذه الهبة. فاذا كان مكلفاً بدفع الضريبة يدفع 40 في المئة من دخله في هيئة ضرائب وفي الوقت نفسه يمنح جمعية خيرية 60 جنيهاً استرلينياً فإن بوسع الجمعية المذكورة استرداد 40 جنيهاً استرلينياً من الحكومة البريطانية ما يجعل قيمة الهبة مئة جنيه استرليني، وما يعني ان مانح الهبة وان كان يقدم للجمعية ستين جنيهاً فقط فإن الأخيرة تتلقى مئة من تلك الجنيهات. ويُذكر ان عدداً كبيراً من الهيئات الخيرية، التي تقدم مساعدات الى القاطنين في دول الشرق الأوسط، يستفيد من هبات لا يستهان بها يمنحها أفراد وشركات في المملكة المتحدة. وبوسع أية شركة ان تقدم منحة أو هبة بموجب نظام "الهبات المساعدة" كما انه بوسع الهيئة التي تتلقى هذه الهبة استرداد الضريبة المدفوعة عن الهبة الى الحكومة البريطانية منها كما لو ان مانح الهبة فرد، على رغم ان آلية الاسترداد تختلف قليلاً بمعنى ان الشركة تدفع للهيئة الخيرية مقداراً صافياً من المال بالاضافة الى الضريبة التي كان عليها ان تدفعها للدولة عن هذا المقدار، وعندئذ بوسع الهيئة الخيرية استرداد عنصر الضريبة من الهبة، فيما تستطيع الشركة خصم ما تمنحه الهبة زائد الضريبة عليها من أرباحها قبل احتساب ضريبة الشركات. ومن الأهمية بمكان ان ينظر أي شخص ينوي منح مال الى هيئة خيرية في ما اذا كان بوسعه الاستفادة من هذه الأنظمة والقوانين البريطانية. ومن البديهي ان هذا الشخص يجب ان يكون مكلفاً أي مسؤولاً عن دفع الضريبة المباشرة الى الحكومة البريطانية، وان الشركة التي ترغب في منح هبة ما يجب ان تكون مكلفة أو مسؤولة عن دفع ضريبة الشركات، لكي يصح التفكير في الاستفادة من تلك الأنظمة. وبالنظر الى ان المملكة المتحدة هي ملجأ آمن من الضرائب، يوجد عدد كبير من الناس فيها ممن يرغب في مساعدة الهيئات الخيرية الناشطة من المملكة المتحدة لا سيما وان بوسعه الانفاق على الخير من المال الذي يقوم بجلبه الى المملكة من دون دفع ضريبة عليه. لكن على هؤلاء جميعاً ان يتخذوا جانب الحذر اذ ان عليهم التأكد من ان المال المجلوب الى داخل المملكة المتحدة هو رأس مال وليس دخلاً اذ انه بالإمكان، اذا كان الشخص غير قاطن في المملكة أي انه لا يعتبر المملكة موئله النهائي، جلب هذا المال من دون دفع ضريبة عليه. وبناء عليه تعتبر المملكة المتحدة منطلقاً ممتازاً للهيئات الخيرية الراغبة في مساعدة الناس المحتاجين في الشرق الأوسط كما تؤكد سعيدة نسيبة الناشطة في "ماب"، اذ تقول: "بوسعنا مد جسر بين أوروبا والشرق الأوسط كجمعية خيرية بريطانيا تربطها صلات بالجالية العربية في المملكة المتحدة وفي غير المملكة من دول. ويستفيد الذين نمد لهم يد المساعدة، الموجودون في مخيمات اللاجئين وفي أماكن أخرى، مباشرة من ان الحكومة البريطانية تسمح للجمعيات الخيرية البريطانية باسترداد الضرائب التي كان مانحو الهبات لنا دفعوها وذلك بوصفنا جمعية خيرية بريطانية. وعلى هذا الأساس نستطيع أيضاً طلب الهبات من الحسابات أو الصناديق المؤتمنة والحكومات والمنظمات الدولية التي لم تكن حتى لتنظر في منحنا مالاً لولا تمتعنا بما تتمتع به الجمعيات الخيرية البريطانية من امتيازات بموجب القانون. وأنا أحض أي شخص يدفع ضرائب في المملكة المتحدة ويفكر في منح "ماب" مالاً ان يتأكد من انه يمنح هذا المال بموجب نظام "الهبات المساعِدة" أو بموجب "ديد أوف كوفينانت" بريطاني أي ان يوافق الشخص المعني خطياً على دفع مبلغ محدد من المال الى جمعية أو هيئة خيرية على نحو منتظم متكرر ما يمكِّن الجهة التي تتلقى المال أو الهبة من استرداد الضريبة التي يدفعها مانح الهبة على مبلغ من المال يدخله ويعادل المنحة يمكِّننا أيضاً من استرداد الضريبة على المال الممنوح والعملية الحسابية بسيطة جداً فالمانح يعطينا 60 جنيهاً استرلينياً على سبيل المثال، وبالنظر الى اننا جمعية خيرية بريطانية تمنحنا الحكومة البريطانية ما يبلغ 40 جنيهاً استرلينياً اضافياً. وسبق ان ذكرت في هذا المقال ان القانون البريطاني لا يسمح للهيئات الخيرية بممارسة أي نشاط تجاري. لكن مما لا شك فيه ان المرء يشاهد "مخازن خيرية" في مدن المملكة المتحدة وبلداتها وقراها كافة، ما يعني ان القانون البريطاني لا يحول دون ان يكون لهيئة خيرية مسجلة من الهيئات شركة أو شركات تابعة لها يسمح لها القانون بممارسة النشاط التجاري على ان تَعد أو تتعهد بأن تمنح أرباحها كافة الى الهيئة الخيرية الام. وبهذه الطريقة لا تدفع الشركة التابعة أي ضرائب، ما يعني ان بوسع الهيئات الخيرية ان تصبح فعالة جداً بالنسبة الى موضوع الضرائب اذا تمسكت بأهداب التخطيط الواعي الحكيم. وبناء على ما تقدَّم يتعيَّن على كل هيئة، تريد ممارسة النشاط الخيري، ان تنظر جدياً في طلب اعتبارها وتسجيلها هيئة خيرية. وتفرض أي هيئة قيوداً على نفسها اذا أصبحت رسمياً خيرية، فلا يعود بوسعها ممارسة أي نشاط تجاري أو سياسي. لكن القوانين البريطانية لا تمنع أي هيئة خيرية من السعي وراء هدف التربية والترويج للثقافة العربية وللتاريخ العربي، اذ ان الحد الفاصل بين "السياسي" و"التربوي" غير بيّن ومائع. لكن المهم هو ان يدرك الذين يتولون شأن هيئة خيرية تمام الادراك "الخطوط الحمراء" أي الحد الذي بوسعهم ان يذهبوا اليه، وما بوسعهم فعله وما لا يجوز لهم ان يفعلوه كهيئة خيرية. وربما تساءل القارئ عما يجب عليه ان يفعله اذا كان يدير هيئة تساعد آخرين ولكنها ليست مسجلة حتى الآن كهيئة خيرية. والجواب ذو شقين: أولاً - يجب ان ينظر الشخص المعني في ما اذا كان الأفضل ان يتسجل كهيئة خيرية، وفي ما اذا كان بوسعه مواصلة النشاط الراهن رغم القيود التي تفرضها الصفة الخيرية. ثانياً - اذا كان بوسع فاعل الخير ان يتسجل كهيئة خيرية عليه ان يطلب تسجيله كذلك لكي يتمكن المانحون من تقديم المال له ولكي يتمكن هو من استرداد الضريبة من حكومة المملكة المتحدة، ومن تنمية صدقيته كهيئة خيرية مسجلة رسمياً في المملكة. وربما تساءل أحدهم عمّا يجب عليه فعله اذا كان مانحاً مساعدات لجمعيات خيرية. والجواب على التساؤل هو: اذا كان الشخص ينظر في منح ما يزيد على 250 جنيهاً استرلينياً، أو كان على استعداد لالزام نفسه بمنح جمعية خيرية مالاً بانتظام، عليه الاتصال بالجمعية التي يرغب في منحها مالاً وسؤالها عما اذا كانت تنشط بموجب نظام "الهبات المساعِدة" أو بموجب ترتيبات "ديد أوف كوفينانت". ومما لا شك فيه تقريباً ان الجمعيات الخيرية البريطانية كافة تنشط بموجب هذا النظام وهذه الترتيبات، ما يعني ان بوسع أية جمعية خيرية ان توفر للشخص الراغب في المساعدة الوثائق الضرورية اللازمة لكي تمكنها من استرداد الضريبة من حكومة المملكة المتحدة على النحو سالف الذكر. ان المملكة المتحدة مسؤولة عن جزء لا يستهان به من الصعوبات التي يواجهها سكان الشرق الأوسط حالياً ومن المناسب والحسن ان تضمن قوانين هذه المملكة ان يحصل الذين يرغبون في مساعدة الذين يتضررون ويعانون، لأسباب منها الصعوبات المشار اليها، على مساعدة ولو ضئيلة من حكومة المملكة المتحدة. على من يرغب في منح "ماب" المساعدة الطبية للفلسطينيين الاتصال بالجمعية على هاتف رقم 4114 226 - 0171 وعلى فاكس رقم 0880 226 - 0171. تستطيع أي جمعية خيرية أو غير خيرية ترغب في ان تكون خيرية رسمياً أو ترغب في التعمق في موضوع هذا المقال ان تتصل بپديفيد فريمان الناشط في شركة "داونز"، للمحاماة على الهاتف 2818 936 - 0171 والفاكس 2381 - 936 - 0171 .