السيد المحرر، تحية وبعد، نشر بريد "الحياة" خطاباً من القارئ عادل سالم يرد فيه عن حركة "حماس" تهمة الارهاب التي وجهها جهاد الخازن من خلال قوله ان "ارهاب اسرائيل لا يحارب بارهاب مضاد". كان القارئ موفقاً في مرافعته عن حماس حتى وصل الى الفقرة الاخيرة في خطابه، ويا ليته ما كتبها لأنها كانت نشازاً اساء فيه الى "حماس" والى نفسه اضافة الى الاستاذ جهاد الخازن. أساء القارئ الى "حماس" بوضعها في المستوى نفسه مع صدام حسين وبن لادن وكارلوس، او هكذا بدا في خطابه. ان "حماس" التي تتحمل من ظلم واستفزازات وبطش السلطة الفلسطينية لها وبها، ما يستحيل على حركة وطنية شبيهة تحمّله، وتصرّ على اطفاء نار الحرب الأهلية التي تؤججها السلطة بإيعاز اميركي - اسرائيلي لا يصح مقارنتها بطاغية ذبح عشرات الألوف من ابناء شعبه ويمارس الآن لعبة دنيئة مع الاميركيين على حساب ما تبقى من هذا الشعب. وأساء القارئ الى نفسه عندما غلّب العاطفة وسوء الظن فحاد عن الموضوعية واندفع الى اصدار احكام غير سليمة وشطّ في هجومه على الخازن بقوله "لماذا تحملون بوق الغرب وتظهرون بمظهر المتبني لشعاراته". ان المتابع المنصف لمقال الخازن اليومي، يعلم ان ما قاله القارئ هو ابعد ما يكون عن الحقيقة، فكراهية الخازن لازدواجية الغرب ومؤامراته علينا واضحة في كتاباته. لكن عندما يزعم الخازن ان "حماس" تمارس الارهاب لأنها تقتل مدنيين، نقول له: مع احترامنا وتقديرنا، انت مخطئ لعدة اسباب.. اولاً: كيف نصف مستوطن غزة والخليل الذي يحمل رشاشاً او الفتاة الجالسة على مقهى في تل أبيب والعوزي يتدلى من جانبها، هل هم عسكريون ام مدنيون؟ واقع الأمر انه لا يوجد في اسرائيل مدنيون بالمعنى المتعارف عليه في اي دولة اخرى، فالمجتمع كله مجيّش والسلاح في يد الاغلبية من سكانه الذين يخدمون في القوات المسلحة اما خدمة عاملة او خدمة احتياط. ثانياً: حتى بفرض انهم "مدنيون"، فهم مغتصبون لأراضي الفلسطينيين وناهبون لخيراتها. هذه حقيقة سواء كانت في عكا او عسقلان او النقب او يافا او ام الرشراش ايلات. قد يكون فيهم من لا يدرك هذه الحقيقة بسبب غسيل الأدمغة بأساطير "الحقوق التاريخية" و"الأرض الموعودة"، الا ان هذا لا ينفي انهم في النهاية لصوص. ثالثاً: بالنسبة لقول الخازن ان "مقاومة حزب الله استشهادية لأنها موجهة ضد جنود الاحتلال"، اذا فرضنا جدلاً ان اسرائيل انشأت مستوطنات في جنوبلبنان فهل تنتفي الاستشهادية عن عمليات حزب الله في حال توجيهها ضد سكان هذه المستوطنات "المدنيين"؟ ان العبرة برمز الاحتلال بغض النظر عن الزي الذي يرتديه، ومن هذا المنطلق فلا فرق بين الحركتين المقاومتين للاحتلال الاسرائيلي. رابعاً: ان خيارات "حماس" محدودة، خصوصاً مع تزايد الضغوط عليها بعد توثيق التعاون بين اجهزة المخابرات الاميركية والفلسطينية والاسرائيلية، وهي بالتالي لا تملك ترف تحديد المكان واختيار التوقيت الملائم لعملياتها.