ارتفعت وتيرة المواجهة امس بين الحكومة المصرية والمنظمات الحقوقية بعد اعتقال الامين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان حافظ ابو سعدة لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق بتهمة تلقي اموال من دولة اجنبية. وفي وقت دعت منظمات حقوقية دولية القاهرة الى إطلاق ابو سعدة، أصدرت المنظمة المصرية تقريراً يتضمن ما أسمته "وقائع التعذيب في السجون خلال خمس سنوات مضت". وافادت وكالة "فرانس برس" ان المنظمة المصرية لحقوق الانسان اعربت امس عن "قلقها وتوجسها الشديدين" على سلامة امينها العام. واكدت في بيان انها لم تتلق اي معلومات واضحة عن ابو سعدة رغم مرور اكثر من سبعين ساعة على احتجازه، معبرة عن القلق لاحتمال المعاملة السيئة. وقالت ان شكوكها "تتفاقم حول سلامة الامين العام ما يعيد الى الاذهان ما حدث من قبل في واقعة الاستاذ عبدالحارث مدني" الذي توفي في السجن بعد ايام من اعتقاله بسبب نقص الرعاية الصحية قبل بضع سنوات. وعقدت تسع منظمات حقوقية وناشطون بارزون في مجال حقوق الإنسان اجتماعاً مساء اول من امس للبحث في ما تعتبره المنظمات الحقوقية حملة سياسية حكومية ضدها. وقرر المجتمعون تنظيم "حملة مضادة" لإبراز "اساءة المعاملة والتعذيب في السجون". ويبدو ان تنظيم هذه الحملة سببه اعتقاد المنظمات ان التطورات الاخيرة في شأن علاقتها بالحكومة المصرية تعود الى استياء الأخيرة من تقارير أعدتها في شأن الاختفاء، والعقاب الجماعي، وأوضاع السجون. وقال الناشط احمد سيف الاسلام المحامي لپ"لحياة" إن "الاتهامات التي وُجّهت الى المنظمة المصرية لحقوق الانسان بعد تقريرها عن أحداث قرية الكشح واهية لأن تقرير المنظمة اكد عدم حدوث اضطهاد على خلفية دينية. والحقيقة ان الحكومة ضاقت ذرعاً بنشاط رصد الانتهاكات والتجاوزات فبررت حملتها الاخيرة بمزاعم الإضرار بأمن الوطن". ومعلوم ان اتهامات بالاضرار بالامن القومي لمصر ونشر اخبار غير صحيحة وُجهت الى المنظمة بعد تقريرها عن أحداث الكشح التي حصلت في آب اغسطس الماضي. ومعلوم ان التقرير أشار الى عمليات تعذيب استهدفت أقباطاً في هذه القرية في الصعيد على خلفية التحقيق في مقتل اثنين من مواطنيها. ورأى "مركز الارض" في بيان اصدره امس ان الحملة على المنظمات الحقوقية تستهدف تمرير القانون الجديد للجمعيات الاهلية. في غضون ذلك، يعتزم "مركز المساعدة القانونية" إقامة دعوى قضائية اليوم للطعن في قرار النائب العام حرمان محامي حافظ ابو سعدة من زيارته. وقال مصدر مأذون له في المركز ل "الحياة" إن نيابة امن الدولة رفضت التصريح لهيئة الدفاع عن ابو سعدة بزيارته و"سنقيم دعوى امام القضاء الاداري ضد القرار المخالف للدستور والقانون". وقالت زوجة ابو سعدة السيدة نهاد ابو القمصان انها حصلت على تصريح بزيارته في السجن الاحتياطي في جنوبالقاهرة، غير انها لم تتمكن من لقائه "لأسباب ادارية". وقالت لپ"الحياة" إنها واجهت مشاكل عدة للحصول على الترخيص ثم فوجئت بإخطارها بانتهاء الموعد المحدد للزيارة اليومية وأن المسؤولين طلبوا منها العودة اليوم السبت. من جهة اخرى، يعقد مجلس امناء المنظمة العربية لحقوق الانسان اجتماعاً طارئاً مساء اليوم لمتابعة الأحداث الاخيرة. وقال مصدر في المنظمة إن ما جرى اليومين الماضيين "يمثل منعطفاً خطيراً في وسائل التعامل مع ناشطي حقوق الانسان ويتطلب وقفة جادة وموقفاً موحداً ومتماسكا". وأوردت وكالة "رويترز" امس ان منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا لها ومنظمة "هيومان رايتس ووتش" التي تتخذ من نيويورك مقرا لها اعربتا عن قلقهما لاعتقال أبوسعدة. وقالت "هيومان رايتس ووتش" أنها كتبت الى الرئيس حسني مبارك في شأن ما وصفه مديرها في الشرق الاوسط وشمال افريقيا هاني مجلي بأنه تطور أصابهم "بصدمة". وقالت منظمة العفو الدولية أن أبو سعدة يمكن ان يواجه السجن 15 عاما اذا دين. ووصفته بأنه من سجناء "الضمير". وقالت ان اعتقاله يهدف الى عرقلة عمل المنظمة المصرية لحقوق الانسان. وكانت المنظمة المصرية اعلنت الخميس انها ستجمد نشاطها احتجاجا على اعتقال ابو سعدة. كذلك قالت منظمة "فريدوم هاوس" الاميركية انها بعثت برسالة الى الرئيس مبارك الاربعاء تحتج فيها على اعتقال ابوسعدة.