امتاز سكان جزيرة أوكيناوا اليابانية بطول العمر مقارنة مع بقية شعوب العالم، حتى بالنسبة الى سكان اليابان الآخرين. ان ارتفاع اعداد المعمرين الذين تجاوزوا المئة سنة بين سكان هذه الجزيرة ونوعية الاطعمة التي يتناولونها وعدم اصابتهم بأمراض الشيخوخة تتطابق تماماً مع نتائج الدراسات التي اجريت على حيوانات المختبر. وثبت بما لا يقبل الجدل ان طيلة العمر غير العادية عند هذه الشعوب تعود بالدرجة الأولى الى ضآلة الوحدات الحرارية التي يتناولونها، كذلك قلة الدهون في طعامهم واعتمادهم على النباتات وبعض الاسماك بصورة رئيسية في غذائهم. كما وان انتشار الأورام السرطانية والأمراض القلبية وارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض العصبية هي اقل بنسبة 30 - 40 في المئة في هذه الجزيرة عنها في باقي ارجاء اليابان. كذلك فان طول القامة ومتوسط وزن السكان اقل منها عن بقية الجزر اليابانية. هذا بالاضافة الى ان الشعب الياباني بصورة عامة يمتاز عن بقية شعوب العالم بقلة نسبة هذه الامراض او شبه انعدامها بسبب عاداتهم الغذائية الطبيعية. ان مراقبة الشعوب التي حافظت على تناول المواد الغذائية الطبيعية المتوازنة والبسيطة تظهر بأن الصحة وطول العمر يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالعادات الغذائية. فالمرض في معظم الاحيان ليس اكثر من ترجمة مباشرة لوجود خلل نتيجة التناول الدائم للمواد الغذائية المكررة والمصفاة وبالتالي الخالية من العناصر الغذائية الأساسية كالفيتامينات والمعادن والألياف والأحماض الطبيعية. ويسمح تناول الاطعمة الطبيعية للجسم بتقوية جهازه الدفاعي ومناعته والمحافظة على صحته واطالة عمره. وهنا يكمن السر الذي يساعد في الاحتفاظ او في استعادة اثمن ما في الحياة... الا وهو الشباب. ويوجد شعب صغير عاش منذ القدم معزولاً ومنسياً من قبل الجميع وفي اكتفاء ذاتي تام هو شعب الهونزا. ففي اقصى شمال الهند بين الحدود الروسية والافغانية والتيبت، على كتف جبال الهيمالايا، يعيش حوالى ثلاثين الف شخص من الهونزا، تفصلهم عن غيرهم من الشعوب قمم الجبال بارتفاع سبعة آلاف متر. وحديثاً جداً وصلت اليهم المدنية بعد بناء الطرق بمنافعها وتسهيلاتها. ومنذ ذلك الحين يبدو ان حالتهم الصحية تدهورت بشكل ملحوظ. وأول من درس الظروف المعيشية لشعب الهونزا ،هو الطبيب الاسكتلندي ماك كاريسون الذي توجه على رأس بعثة طبية الى شمال كشمير لاجراء دراسة ميدانية حول الأمراض السائدة هناك، فهاله ما رأى من الصحة الممتازة التي تنعم بها هذه القبائل. فالهونزا لا يعرفون السرطان ولا الامراض القلبية ولا العقلية، وكذلك الأمراض الشائعة في مناطق الحضارة والمدنية. فموت الاطفال نادر جداً وهذا بديهي وطبيعي فهم لا يعرفون الأوبئة التي يصاب بها جميع الاطفال كالحصبة والشلل والسعال الديكي وغيرها. كما ان التقدم في العمر لا يضعفهم ولا يحد من مقدرتهم وحيويتهم، فالعديد منهم تعدوا المئة سنة ويعملون وكأنهم في سن الأربعين بالمقارنة مع سكان البلاد المتحضرة. فنظرهم وسمعهم وأسنانهم تبقى سليمة، هم يحافظون على نحافتهم وانتصاب قامتهم عند الكبر، كما يحافظون على سلامة عقولهم حتى آخر لحظة من العمر. اذن ما هي اسرار شعب الهونزا؟ ان مفتاح السر هو البساطة ومنتهى الزهد بالطعام. فالهونزا يستفيق وينهض من نومه قبل بزوغ الفجر ويتغذى بطعام مؤلف من الحبوب النشوية الكاملة كالقمح والشعير والذرة. وهم لا يعرفون المنخل او المصفاة ونادراً ما يحصلون على اللحوم والحليب ومشتقاته هي عملياً المصدر الوحيد للبروتين الحيواني. ومن المهم جداً ان جميع مأكولاتهم طبيعية وخالية تماماً من المواد الكيماوية. وهؤلاء الناس يرفضون تعاطي المواد الغذائية المصنعة ويأكلون منتوجات ارضهم فقط ويستعملون السماد الحيواني الطبيعي في زراعتهم. وهكذا تتم دورة المواد العضوية والمعدنية التي تنتقل من التراب الى المزروعات ومن النباتات الى الانسان والحيوان لتعود ثانية الى الأرض. والشمس في تلك البلاد قوية جدا ما يسمح بزراعة محصولين في السنة الواحدة، وهكذا يزرعون ويحين الحصاد قبل مجيء البرد والصقيع الكبير. ومن الفاكهة لدى الهونزا العنب والتفاح والتوت، اما الأوفر محصولاً فهو المشمش، وبذوره حلوة وصالحة للأكل وتعطي اذا عصرت زيتاً ممتازاً. ويجفف المشمش ويحفظ لموسم البرد والصقيع. ولديهم البطاطا والعدس وجميع ما لدينا من الخضار. هل تعلم؟ - ان السكر يتسبب بالحساسية ويقتل قسماً من الكريات البيضاء ويتلف جهاز المناعة ويقود تدريجاً الى امراض الانحلال؟ - ان تناول الطعام عند الشعور بالغضب او توتر الاعصاب يفسد عملية الهضم؟ - اذا كان الشخص يتذكر في الصباح احلامه في الليلة السابقة فهذه اشارة الى انه يحصل على كفايته من فيتامين B6.