هل بدأت هوليوود تهاجر من معقلها في لوس انجليس؟ منذ سنوات والبحث لم يتوقف عن فضاء جديد لانتاج وتصوير أفلام أميركية التمويل خارج الولاياتالمتحدة، لأسباب كثيرة، على رأسها التكاليف الباهظة، من دون شك. والمعروف أن إسرائيل استدركت هذه الحاجة بفضل علاقات اليهود الأميركيين الوطيدة بتأسيس وإدارة معظم الشركات الهوليوودية الكبرى مثل "ميترو غولدن ماير" و"باراماونت" و"فوكس". وجرى بالفعل تصوير عشرات الأفلام الأميركية في إسرائيل، بل عرفت الصناعة الفيلمية حقبة ذهبية من التعاون الإسرائيلي - الأميركي جعلت المنتجين العرب القلائل مثل مصطفى العقاد وماريو قصّار يتحرّقون ويتبرقون غيظاً من دون جدوى. ذلك أن بلداً عربياً واحداً، هو تونس، استطاع ان ينتزع قطعة متواضعة جداً من الجبنة الهوليوودية الدسمة، بينما لم يظهر في الدول الأخرى ما ينبئ بوجود وعي سياسي - ثقافي - تجاري لأهمية اجتذاب دولارات الشاشة الفضية. ثم بدأت الأفلام الاسترالية وجارتها النيوزيلندية بالحصول على جوائز عالمية، ناهيك بالرواج التجاري والقوة النضرة التي تمتعت بها أفلام بات بعضها كلاسيكياً مثل "البيانو" و"شاين" و"كروكودايل داندي". وعزز حركة الجذب نحو استراليا ظهور نجوم استراليين جدد كان لهم الفضل في تجديد أمجاد ايرول فلين وشيبس رابيدي وبيتر فيتش ورود تايلور مثل ميل غيبسون وجورج لازمبري جيمس بوند مرة واحدة فضلاً عن جودي ديفيز ونيكول كيدمان. واليوم تشهد ستوديوهات "شوفراوند" القديمة وصول الاسطول الثاني بعد اكتشاف استراليا على يد الكابتن كوك مع تغيير واضح في أسماء الأبطال: الملكة فيكتوريا بات اسمها شركة "فوكس" وبطل الحملة جورج لوكاس، مخرج "حرب النجوم"! في أواخر السبعينات عندما اطلق لوكاس شريطه "الخرافي" وحصد به نجاحاً عالمياً مؤثراً كانت صناعة السينما في استراليا لا تزال على قدر كبير من المس الخطي في الظلام، أما اليوم فيقول لوكاس خلال مؤتمر صحافي أخير في سيدني: "نحن هنا في أكثر العواصم الواعدة على صعيد صناعة السينما". ويقول ديك مالالم مدير الانتاج: "إن النقلة ليست فقط بسبب الفارق في أسعار العملة، بل هناك مواهب وامكانات في استراليا نود العمل معها". وليست مفاجأة صاعقة لأحد ان يكون الملياردير الاسترالي روبرت مردوخ هو مالك "فوكس انترناشونال"، ومحرك الخيوط الرئيسية في اللعبة. فمردوخ في السابعة والستين، على شفير التقاعد، لكنه متحمس لانجاح المغامرة الاسترالية. بات أكيداً ان "حرب النجوم" المقبل سيجري تصويره في استراليا على مشارف العام 2000 بعد الانتهاء من بناء مدينة فضائية جديدة، وانجاز الكاميرات المدمجة التي خطط لها لوكاس كي تصوّر من دون استعمال الشريط الفيلمي، ما سيوفر أموالاً طائلة ويفتح للسينما مطلع القرن المقبل فضاء تقنياً أبعد من النجوم.