كلام بكلام وعلى الهوا، والهوا في لبنان ما زال يتحمل، على رغم ما يحمل من ميكروبات ودخان مازوت ومواد كيميائية سامة ودخان حريق مزابل خانق الخ... الدستور وأي دستور المكتوب ام الشفهي؟ دستور الطائف الرقم واحد، ام الرقم اثنين، ام ثلاثة، من يحترمه ومن يتقيد به؟ القاصي والداني رأى وسمع كيف تم التعيين والتمديد للرئيس السابق، وكيف جرى "تعيين" الرئيس الحالي قبل تعديل الدستور وقبل الانتخابات، فاجتمع الپ128 نائباً وجرى التعديل ثم الانتخاب بسرعة وكالساعة، من دون تكرار التفاصيل والأسماء "ما بتعود تمرق"!! لذلك فالدستور اللبناني في ظل وضع الوصاية السورية، ان لم نقل أكثر، كالعجينة في يدهم، وحبراً على الورق. والأسوأ من ذلك يصرح السيد عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري "انه لا يحق لأي بلد التدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر"، وتنبه دمشق بصحفها، ان المعارضة يجب ان تكون لمواجهة الحكومة ضمن اللعبة البرلمانية وليس العهد. نعم سيادة تامة للدولة على كامل اراضيها ووفقاً لدستورها. اما القانون!! فهذه قصة ثانية "اهلية بمحلية": تعديل، الغاء، تشريع، "كله بيصير". المهم ان مصالح الشقيقة بالاتفاقات الاخوية مؤمنة ومصالح المقربين من الشقيقة والعاملين في فلكها مؤمنة "والباقي معليش". دولته، رئيس السلطة التنفيذية في دستور الطائف، في الماضي القريب كان "قبضاي" باسم القانون. اما اليوم فهو ايضاً "قبضاي" ولكن بالاتجاه المعاكس، "انقاذ وتغيير". بالأمس عندما اصبحت ذقن السيد السنيورة في الدق ومُنع من السفر قبل التسليم، تهيج دولته وثارت الحمية، يا غيرة الدين، الو عضوم مدعي عام التمييز ماذا تفعل؟ المحاسبة على ما يحدث في المستقبل فقط. فأنشدت الفرامل فوراً وسكت الوزير وانتهى الأمر. عام 1990 وفي قضية مشابهة شكلاً، سبحان الله، في مطار بيروت ايضاً ولكن مع سيدة من الشرقية، حتى لا نقول مسيحية، فكان جواب دولته: جردوها، واسطوا على اموالها الخاصة، تشكيكاً واحتراساً، وحتى اليوم لم يعيدوها لها ولم يحاكموها على رغم حضورها وطلبها المحاكمة. في الماضي تشكيك واحتراز، واليوم محاسبة على ما يحدث في المستقبل فقط. نعم هذا هو القانون في لبنان، هذا هو الانقاذ والتغيير!! رهيب دولة الرئيس، كم هو قدير على تغيير لونه ومواقفه، والطبيعة خلقت مما يشبه الكثير. حامي القانون؟ يحمل ملفاً عليه اسم احد المواطنين غير المرغوب فيهم ويتقدم من السيد وزير العدل سائلا: هل تريد ان نلاحقه ام نبقي العصا مسلطة "والملف فارغا"، ويتم اختيار الحل الثاني لأنه مفروض طبعاً، على رغم انه لا شيء في الملف. بالأمس السيد امين الجميل هلل للعودة وأعلن ان صالونات الشرف حُضرت لتُفتح له، والزيارات الرئاسية تبرمجت، والخراف على المفارق حُضرت لتذبح، والزهور قطفت لتقدم له، معتقداً نفسه الرئيس العائد. كم هو طيب القلب الرئيس الأسبق، وكم هو متفائل، او ربما اعتاد على الدخول الى لبنان والخروج منه بسرعة فلم يتحسب. وقبل صياح الديك أتاه الخبر ليبقى في منفاه مريحاً ومرتاحاً، و"بلا هالتفشيخ". وقبله السيد دوري شمعون، اعتقد دوري ايضاً انها فُتحت له، ناسياً انه ابن كميل شمعون وشقيق داني، متجاهلاً ربما او، انهم قبلوا به رئيساً لبلدية الدير لن يكون له اكثر من!!! منها. فكيف يسمح لنفسه بأن ينسى الماضي ويحلم بوزارة؟ وإذا نسي هو، فهل ينسون؟ انه وعلى رغم فطنته احياناً لم ير ابعد من أنفه. صدّق الاثنان ما قيل على الهوا ونسيا مع البعض الآخر ان تغيير الاشخاص لا يغيّر الاهداف. والمحدلة ستتابع سيرها حتى يتدجن المترددون ويفنى المتمردون وتتغير ايديولوجية الشعب اللبناني لما ينشدون. يخطئ من يؤمن بما يظهره السيد الحص من حلاوة اللسان. الم يكن مستقيلاً عام 1988، وعاد وبقي في الحكم متمرداً على السلطة، متهماً الحكومة الشرعية بالتمرد، لأنهم هكذا ارادوا. الم يوقفوا بالأمس القريب عشرات الطلاب باسم القانون والسلم الأهلي لمجرد ابداء الرأي بديموقراطية سليمة هادئة؟ في لبنان منذ 1990 وحتى اليوم: إما التدجين واما الهجرة "والقبضاي يتحمل". الجريمة بمن ذهب الى الطائف وشارك في وضعه. الجريمة بمن وافق على الطائف ودخله معتقداً انه يمكنه الخروج منه. الجريمة تبقى جريمة طالما بقي من يشير اليها. وسيبقى من شعب لبنان، وفي لبنان، من يفعل ذلك، حتى يأتي الفرج. فرنسا في 16/12/1998 * ضابط سابق ووزير في حكومة العماد ميشال عون