واصلت الفاعليات السياسية السودانية امس استعدادتها لاستقبال اليوم الأول في السنة الجديدة بتنفيذ اول قانون يسمح بحرية انشاء احزاب منذ تولي الرئيس عمر البشير السلطة في حزيران يونيو 1989. وفيما اعلنت تجمعات سياسية نياتها التسجيل كأحزاب في اليوم الثاني من السنة في اطار القانون الذي اطلق عليه "تنظيم التوالي السياسي"، لم تحسم احزاب اخرى موقفها، خصوصاً بعض التجمعات الجنوبية. وتولى المستشار محمد احمد سالم مهمات منصبه مسجلاً للتنظيمات السياسية استناداً الى قانون التوالي السياسي الذي اجازه المجلس الوطني البرلمان ووافق عليه رئيس الجمهورية. وكان سالم يعمل مستشاراً قانونياً للمجلس الوطني وشغل قبل ذلك المنصب نفسه في كل البرلمانات السودانية السابقة التي حملت اسماء مجلس الشعب او الجمعية التأسيسية او المجلس الوطني. وساهم ذلك في ترشيحه للمنصب كونه مع كل الانظمة السياسية التي تعاقبت على السودان في مجاله القانوني. ويتوقع مراقبون الا يشهد الاسبوع المقبل حماسة في تسجيل التنظيمات السياسية، وذلك لأن غالبية الفاعليات السياسية مترددة في اختيار اسماء احزابها وقياداتها، خصوصاً الشخصيات التي اعلنت في وقت سابق عزمها اعادة تسجيل الحزبين الرئيسيين "الأمة" الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي و"الاتحادي الديموقراطي" بزعامة محمد عثمان الميرغني. وزعيما الحزبين الموجودان خارج البلاد على خلاف مع العناصر التي اعلنت تسجيل الحزبين في الخرطوم. وأبرز هذه العناصر من حزب "الأمة" الدكتور شريف التهامي الذي كان وزيراً للري واستقال الشهر الماضي، ومحمد داؤود الخليفة وكان رئيساً لاحدى لجان المجلس الوطني. اما في اوساط "الحزب الاتحادي" فكانت الدلائل تشير الى مجموعة الشريف زين العابدين الهندي الأمين العام للحزب الذي ما يزال يجري اتصالات مع قادة الحزب في الداخل تمهيداً لاختيار مئة شخص لتسجيل الحزب. وسيبادر المؤتمر الوطني الذي يمثل النظام السياسي الحاكم حالياً في البلاد الى تسجيل الحزب في تظاهرة كبيرة في الثاني من الشهر المقبل كما اعلن نائب الأمين العام عثمان عبدالقادر عبداللطيف الذي قال ان عملية اختيار مئة شخص لتسجيل الحزب جارية حالياً حتى يكون تمثيلهم لكل السودان. وعلى الصعيد السياسي، يبدو ان المؤتمر الوطني استطاع اخيراً احتواء الجدل في شأن ما تردد عن صراع على الصلاحيات في هيئة القيادة، وما افرزته من خلافات في وجهات النظر نتيجة استقالة الدكتور حسن الترابي من رئاسة المجلس الوطني والتي انتهت باعادة انتخابه في المنصب نفسه، وشارك الرئيس عمر البشير والدكتور حسن الترابي وعلي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس في افطار رمضاني في منزل نائب البشير الراحل المشير الزبير محمد صالح مع اسرته وأقاربه وعدد من السياسيين. وكما صدرت تصريحات من مسؤولين بارزين في المؤتمر الوطني تشير الى احتواء الخلاف في شأن ما اطلق عليه "مذكرة العشرة" التي نادت بتعديلات جوهرية في قيادة المؤتمر الوطني. الجنوبيون الى ذلك، يستبعد وزير النقل الدكتور لام اكول رئيس "الفصيل المتحد" الموقع على اتفاقية السلام مع الحكومة السودانية ان يؤسس الجنوبيون تنظيمات سياسية او احزاباً وفقاً لقانون التوالي السياسي. وقال اكول لپ"الحياة" ان مستقبل مجموعته وانشاء حزب سياسي سيحدد في الثاني من كانون الثاني يناير المقبل بعد تنفيذ قانون التوالي السياسي. وأشار الى ان قانون التوالي السياسي يكفل الحريات العامة والخاصة ومن بينها حرية التنظيم السياسي. وقال ان المؤتمر الوطني الحزب الحاكم يضم اكثر من رأي، ويتوالى داخله السودانيون بمختلف توجهاتهم وان التطورات التي شهدها المؤتمر خلال الفترة الماضية تشير الى تعدد الآراء فيه وان كل فرد داخله لديه الحق في اثارة أي قضية من القضايا، سواء كانت من اجل تطور العمل السياسي أو تصحيح المسار. خلافات جنوبية الى ذلك، قال الدكتور رياك قاي والي ولاية جونقلي ان الجنوبيين مختلفون في ما بينهم ما بين مؤيد ومعارض للانتظام في كيانات سياسية. وأكد ان المؤيدين لحكومة "الانقاذ" سينضمون لحزب المؤتمر الوطني فيما سيبقى المعارضون من دون تنظيمات. وقل ان جبهة الانقاذ الديموقراطية المتحدة التي تضم عدة مجموعات جنوبية ويرأسها الدكتور رياك مشار مساعد رئيس الجمهورية رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية، لن تذوب في المؤتمر الوطني وانما ستكون احد روافده نظراً لأن الحركة الاسلامية المكونة لحزب المؤتمر الوطني هي الحليف الوحيد للجنوبيين في الشمال وان اي تفريط في هذا الحليف الشمالي سيضيع عليهم فرصة السلام التي باتت تنعم بها الولايات الجنوبية. وأكد ان المؤتمر الوطني يحرص على التحالف مع جبهة الانقاذ الديموقراطية المتحدة لأن بروز احزاب جنوبية سيضعف من شعبية المؤتمر كحزب يسعى للسلطة. ودعا قاي إلى تقويم اداء مجلس تنسيق الولايات الجنوبية في المرحلة الماضية لتحديد موضع الخلل في عمل المجلس واعادة النظر في تكوينه كآلية لتنسيق شؤون الجنوب، وعبر عن استيائه البالغ من الدور الهامشي الذي قام به المجلس في المرحلة الماضية. معتقلون للمحاكمة من جهة اخرى، اوصى المجلس الاستشاري لحقوق الانسان باحالة 30 معتقلاً تحفظياً الى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة تمهيداً لمحاكمتهم بتهم ارتكابهم جرائم جنائية تتعلق بتخريب الاقتصاد الوطني الى جانب ستة سياسيين اعتقلوا بموجب قانون الأمن الوطني ولائحته لسنة 1994. ويتوقع ان يتلقى المجلس الاستشاري لحقوق الانسان في اجتماعه المقبل مجموعة من التقارير المهمة ابرزها قضايا المعتقلين تحفظياً بموجب جرائم جنائية الى جانب المعتقلين السياسيين الستة. وقال الدكتور احمد المفتي مقرر المجلس رئيس ادارة حقوق الانسان والقانون العام في وزارة العدل لصحيفة "الرأي العام" المستقلة انه لم يتلق حتى الآن اية افادة من الجهات المعنية في شأن توصية المجلس التي رفعها، مشيراً الى ان زيارة المعتقلين السياسيين التي اوصى بها المجلس، تأجلت الى وقت لاحق لم يحدد بعد.