يقال إن الجيوش تتشكل من اجل خوض حروب، ولكن يحصل أحياناً، ان حروباً تقع لمجرد ان الجيوش موجودة! تعيش اسرائيل حالة مماثلة. بدل ان تخوض احزاب قائمة الانتخابات تتألف أحزاب لمجرد ان الانتخابات قادمة. لقد حصل ذلك في الماضي، وهو يحصل حالياً ب "وفرة" اكبر. ستتوالد التنظيمات مثل الفطر بعدما دهمت الانتخابات المبكرة الجميع. سيكون المشهد السياسي شديد التعقيد ولكن المعالم الاولى ترتسم. والظاهرة الابرز، حتى الآن، هي البحث المحموم عن… جنرال! سيتحدى رئيس بلدية القدس ايهود اولمرت رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على زعامة "ليكود". وهو مدعوم بحلفاء من نوع رئيس لجنة الخارجية والأمن عوزي لانداو ووزيرة المواصلات ليمور ليفنات. غير انه يعتبر ان هذه الوجوه غير مقنعة لذا أعلن أنه سيحاول اقناع وزير الدفاع اسحق موردخاي بالانضمام الى التمرد وقيادته. خرج وزير المال السابق دان ميردور من "ليكود". وهذا الحدث مهم طالما ان منظمة الارغون تأسست، قبل عقود، في بيت والده. إنه أحد "امراء" الحزب. سيترشح الى الانتخابات ويؤسس بهذه المناسبة، حزباً، غير انه يعتبر ان ايجاد جنرال هو اهم من اقتراح برنامج. وبما أنه كان اختلف مع نتانياهو عن "يساره" اجتماعياً وفي مجال التسوية فمن الطبيعي ان تتجه انظاره الى يمين حزب "العمل". وصادف ان الجنرال آمنون شاحاك غادر الجيش رافضاً الانضمام الى اليسار فكان من الطبيعي ان يتباحث الرجلان في احتمال تشكيل حزب "الوسط". لم يتفقا حتى الآن ولكن ميريدور يحمل لشاحاك البعد السياسي الذي ينقصه، والثاني يغطي كتفي الاول بالنجوم اللازمة. أحسّ نتانياهو باتجاه الريح. وبما ان اصدقاءه يتناقصون. وبما ان اجواء انتفاضة ليكودية تحيط به فلقد اقدم على استباق الامور وتوجه مباشرة الى الجيش طالباً من نائب رئيس الاركان الجنرال ماتان فيلناي ان يخوض المعركة الى جانبه واعداً اياه، في حال الفوز، بوزارة الدفاع. لا يحتاج حزب "العمل" الى الانخراط في هذه "المعمعة". فهو يملك "جنراله": ايهود باراك. وهو، اي باراك، صاحب الرقم القياسي في عدد الاوسمة التي نالها في خلال خدمته العسكرية. ومع ان الحماس للجنرالات فائق فان اقطاب حزب "العمل" يتصرفون وكأنهم مرغمون بزعامة باراك. ولذا فانهم، بدل ابداء الحماسة له، يشنون هجوماً عنيفاً على شاحاك ويراهنون على ان دخوله المعترك السياسي سوف يكشف ضعف طينته السياسية. إذا سارت الأمور على هذا النحو فإن الانتخابات قد تتحول امتحاناً لرئاسة هيئة الاركان! غير ان المغزى السياسي لذلك هو من شقين: الأول يتعلق بالطابع الامني الحاد الذي سيسيطر على السجالات الاسرائيلية "السلام مع الأمن". حسب نتانياهو، "السلام ضمن الخطوط الحمراء" حسب باراك، الخ...، أما الثاني فهو المزيد من الانزياح الاسرائيلي نحو اليمين: باراك على يمين "العمل"، وشاحاك على يمين باراك، وموردخاي على يمين شاحاك، ونتانياهو - فيلناي على يمين موردخاي، الخ... حتى لا ننسى "الجنرال" رافائيل ايتان زعيم "تسوميت" وهو الذي يخشى ان يكون احد على يمينه!