تتعامل الشركات السعودية التي رخصتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أوائل تشرين الثاني نوفمبر الماضي لتقديم خدمات إنترنت في المملكة العربية السعودية ببعض السرية التي تثير تساؤل متابعي صناعة تقنية المعلومات في الخليج. ومنذ الإعلان عن أسمائها شغلت الشركات الأربعون الحادية والأربعون هي شركة الاتصالات السعودية المملوكة للدولة بمراجعة أوضاعها واستراتيجياتها للمستقبل في ظل حقيقتين فرضتا هذه المراجعة. الحقيقة الأولى هي العدد الكبير للشركات المرخصة مما شكل مفاجأة للجميع، والحقيقة الثانية تتمثل في نظام الأسعار الذي حددته المدينة بحيث لا يتجاوز سعر تقديم الخدمة للساعة الواحدة مبلغ أربعة ريالات ونصف الريال. وشكا عدد من مديري الشركات من هذه الاسعار باعتبارها لا تحقق العائد المادي المتوقع، خصوصاً في ظل محدودية عدد المنافذ التي توفرها المدينة وشركة الاتصالات تجنباً لتراكم الضغط على شبكة الهاتف السعودي إذ يتوفر لكل شركة 120 منفذا لكن ذلك لم يمنع عدداً من الشركات من الاستعداد للبدء في تقديم خدمة إنترنت اعتباراً من النصف الثاني من الشهر الجاري أو الأسبوع الاول من كانون الثاني يناير. ويحيط معظم الشركات المعنية تحركاته بالكتمان، خصوصاً ان مشاريع الاندماج ما زالت قيد الدرس ومعظمها تم طرحه بعد إعلان المدينة شروط تقديم الخدمة، وهو اليوم الذي جعل بعض الشركات يبدأ أيضا بدراسة جدوى تقديم خدمة إنترنت في المملكة بما في ذلك احتمالات الانسحاب أو تأجيل تقديم الخدمة إلى المرحلة الثانية. وساعد على تهيئة هذا الجو تحديداً إعلان الدكتور صالح العذل مدير مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أنه في إمكان الشركات الراغبة بالانسحاب أن تفعل ذلك خلال فترة زمنية محددة من دون الاضطرار إلى دفع الغرامة المالية المقررة. وعلى رغم حال الكتمان التي فرضتها الشركات المختلفة على تحركاتها تتوافر معلومات يسيرة عن الاندماجات، خصوصاً بعدما أعلنت مجموعة العالمية للالكترونيات تشكيل شركة جديدة مع مجموعة "مكشف" للخدمات باسم "العالمية للإ نترنت". وأبرز الشراكات الجديدة التي تسربت أنباؤها شراكة بين مجموعة الجريسي وشركة باتلكو البحرانية للاتصالات، ويُشاع أيضا أن شركة اتصالات الإماراتية ربما كانت طرفاً في إحدى الشراكات الجديدة، وهي معلومات لم تتأكد بعد. ويخوض تحالف من نحو عشر شركات مفاوضات صعبة في الرياض لتوحيد الجهود بهدف الوصول إلى معادلة تخدم هذه الشركات كلها، التي تتوزع على كل من الرياضوجدةوالدمام، وتضم إلى جانب بعض الشركات المرخصة عددا من الشركات التي أخفقت في الحصول على الترخيص. ويهدف هذا التحالف إلى تأسيس شركة موحدة باسم "شركة الإنترنت السعودية"، وعرف من الشركات المنضوية تحت لوائه شركة عذيب في الرياض ومؤسسة جمال الجاسم في الدمام وشركة أنظمة الخليج للكومبيوتر والشركة العربية للتقنيات الرقمية في جدة. وقام وفد من هذه الشركات بزيارة إلى الولاياتالمتحدة خلال معرض كومدكس لاس فيغاس لإجراء مفاوضات مع شريك استراتيجي تسربت أنباء أنه شركة أميركا أون لاين المعروفة. وفي المقابل، بدأت شركات عدة الانسحاب التدريجي من المنافسة، إما انسحابا نهائيا أو انسحابا مؤقتا بانتظار المرحلة الثانية من تقديم الخدمة في نيسان أبريل المقبل كما فعلت كل من مجموعة فال السعودية والشركة الوطنية للصيانة والتشغيل وهما في الرياض وشركة كومبيوتر كنفغريشن في جدة. وبدا لنا ونحن نتصل بشركات عدة أن بعضها لا يزال في انتظار ما سيفعله الآخرون قبل الإقدام على أ ي خطوة باتجاه تقديم خدمات إنترنت. وكانت شركات كبرى مثل سلكي نت المملوكة لشركة سلكي لاسلكي انسحبت من المنافسة قبل إعلان الأسماء المرخص لها، وذلك بهدف تركيز جهودها في توفير نوع آخر من الخدمات يتمثل في حلول إنترنت. وفي الوقت نفسه، غيرت شركات عدة ميادين عملها، فشركة نسمة التابعة لشركة الاستثمار التجاري والانماء ستعمل من الرياض على رغم حصولها على ترخيص في جدة. أما مكتب تماس للتقنية الذي حصل على الترخيص في الدمام، فسيعمل من جدة. ومن بين الشركات الأربعين التي تم ترخيصها توجد ثلاث شركات فقط سبق لها أن قدمت خدمات إنترانت محلية في المملكة، هي شركات النظام العربية المتطورة شبكة نسيج وصحارى الجزيرة شبكة ص ح ارى وشبكة الخليج السعودية شبكة غلف نت وتدير أيضا شبكة زاجل للغرف التجارية، بينما قررت شركة الأفق في جدة أن تستفيد من شهرة الموقع الذي تمتلكه المجموعة الأم باسم عرب نت، فقررت أن تستخدم الاسم نفسه في تقديم خدماتها. ويتوقع مراقبون لساحة تقنية المعلومات السعودية أن يبقى في ميدان توفير خدمة إنترنت في المملكة عشر شركات تقريباً تتكون في شكل رئيسي من الشركات العاملة أصلاً في مجال تقنية المعلومات أو في توفير الخدمات المباشرة. وتتأكد هذه التوقعات إذا لاحظنا أن معظم المنسحبين حتى الآن هم من الشركات التجارية التي كانت ترغب في إضافة نشاط تجاري جديد لها تحت مسمى خدمات إنترنت، ويبدو أن بعضها لم يكن أجرى حتى دراسة لجدوى المشروع عند تقديمه الطلب. ويتوقع هؤلاء المراقبون أن تكون سيدة الحلبة هي شركة الاتصالات السعودية مستفيدة من انتشارها الجغرافي أولاً، ومن كونها هي التي ستوفر جزءاً أساسياً من البنية التحتية للشركات الأخرى، مما يعطيها هامشاً أفضل للمناورة السعرية. إلى ذلك، تجد الشركات العالمية المختلفة في فكرة البدء بتقديم خدمات إنترنت في السعودية خبراً ساراً للغاية، خصوصاً أنه ينهي حوالي سنتين من الترقب في انتظار هذه اللحظة. وخلال هاتين السنتين افتتحت شركات عدة مكاتب تمثيلية خصوصاً في الرياض موجهة للسوق السعودية، أبرزها مكاتب مايكروسوفت وكومباك وأوراكل وسيسكو ونوفيل عدا عن وكيلين في صفة تمثيلية كاملة لكل من أبل و "آي.بي.أم" اللتين حصل وكيلاهما في المملكة الجريسي والسعودية 3للحاسبات الآلية على تراخيص لتقديم خدمة إنترنت، فيما أعادت صخر لبرامج الحاسب تنظيم أدواتها، فافتتحت مكتبا خاصاً لتسويق منتجاتها هناك بعدما كانت هذه مسؤولية العالمية للإلكترونيات