ينتظر أن تظهر بدءاً من اليوم الإثنين مواقف الكتل النيابية من منح الثقة للحكومة اللبنانية التي سيتلو رئيسها الدكتور سليم الحص بيانها الوزاري أمام المجلس النيابي تمهيداً لمناقشته في جلسة تستمر من بعد غد الأربعاء حتى مساء الخميس، إلا إذا زاد عدد طالبي الكلام، الأمر الذي يستدعي اطالة المناقشة. وفي انتظار ان يتسلم النواب نسخاً عن البيان الوزاري في مستهل جلسة اليوم المخصصة لتلاوته، فأن الكتل النيابية والنواب المستقلين سيعكفون على درسه لتحديد مواقفهم من الثقة التي قد لا يكون عدد مانحيها محكوماً بعدد النواب الذين سموا الرئيس الحص رئيساً للحكومة. وفي هذا السياق ترأس رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري اجتماعاً لكتلة القرار الوطني النيابية قبل أن يغادر ليل أول من أمس بيروت الى المملكة العربية السعودية في زيارة خاصة ينتقل بعدها الى باريس في زيارة مماثلة. وذكر بيان للكتلة أن النواب ناقشوا الوضع الراهن والموقف من الحكومة الجديدة. ورأوا في وجود الكثيرين من الوزراء المشهود لهم على المستوى الشخصي بالكفاية العلمية والمناقبية الأخلاقية مؤشراً إيجابياً، إلا أنهم قرروا في ضوء التناقض التي اتسمت به تصريحات بعض الوزراء تأخير تحديد موقفهم من الحكومة ومن سياستها الى ما بعد الإطلاع على البيان الوزاري ودرسه. وفي معلومات "الحياة" ان الكتلة تمنت على الرئيس الحريري الاستعجال في عودته من الخارج الى بيروت ليسهم في مناقشة البيان الوزاري. وكلفت الوزير السابق النائب بشارة مرهج أن يرد على أبرز النقاط الواردة في البيان الوزاري بالتنسيق مع نواب الكتلة لأنهم سيعاودون مساء اليوم الاجتماع لتقويم مضمون البيان واتخاذ القرار النهائي من الثقة. وفيما تتجه الكتلة الى الامتناع عن منح الثقة للحكومة، بحسب تأكيد بعض النواب ل"الحياة"، فأن البعض الآخر أكد أن التوجه في هذا الشأن قائم، ولكن لا قرار حاسماً قبل مناقشة الشقين المالي والاقتصادي من البيان الوزاري. وأضاف النواب "ان اتجاه عدم منح الثقة لم يحسم بعد، لكن لا اتجاه واضحاً بإعطاء الثقة، إلا إذا كان هناك أمر استثنائي إيجابي في البيان وهذا ما هو غير متوقع". ولفتوا الى ان الكتلة ستميز بين تعاونها مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ودعمها له، وموقفها من الثقة. وقالوا "ان ثقتنا كاملة برئيس الجمهورية وإنما لا ضرورة لأن تترجم ثقة بالحكومة". وغمز نواب "كتلة القرار الوطني" من أداء بعض الوزراء وخصوصاً وزيري المال جورج قرم والاتصالات السلكية واللاسلكية عصام نعمان، مؤكدين "ان الكتلة ستنتظر لترى هل تتبنى الحكومة في بيانها الوزاري بعض أفكار الوزير قرم، إذ ان تبنيها سيدفعنا الى حجب الثقة؟". وبالنسبة الى جبهة النضال الوطني النيابية التي يتزعمها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، والتي كانت امتنعت عن تسمية الدكتور الحص لرئاسة الحكومة، فأن الاتجاه العام يميل الى حجب الثقة، إلا إذا طرأت تطورات غير منظورة اضطرتها الى اعادة النظر في موقفها. ويبدو على الأقل ان ليس هناك ما ينبىء باحتمال تبدل الموقف من الحكومة. "حزب الله" والثقة وفي شأن كتلة الوفاء للمقاومة النيابية التي يتزعمها "حزب الله"، وان كانت سمت الرئيس الحص رئيساً للحكومة، يبدو أنها لم تتخذ بعد موقفها النهائي، إذ لا تزال تراقب الوضع على أمل أن تحسم موقفها بعد مناقشتها البيان الوزاري. وينطلق "حزب الله" في تحديد الموقف من منح الثقة من التمييز بين انتخابه العماد لحود رئيساً للجمهورية ومن ثم تسمية الحص للحكومة، ومنح الثقة أو حجبها، إذ لا يجوز تلقائياً - استناداً الى أوساطه - التعاطي مع الحزب من خلال تأييده لمجيء الرئيس الحص كأنه سيجيّر أصواته لمصلحة الحكومة. وأكدت أوساط الحزب ان ليس هناك موقف سياسي من الحكومة حيال رؤيتها السياسية وبالأخص ملف دعم المقاومة ومساندتها في تصديها للاحتلال، مشيرة الى ان لا خلاف على هذا الصعيد ما دام الرئيس لحود في خطاب القسم أكد دعمه لها ورسم خطاً أحمر ليس في مقدور أحد تجاوزه، فضلاً عن ان للرئيس الحص موقفاً مماثلاً على هذا الصعيد. وتابعت الأوساط "ان موقف الحزب من منح الثقة يتوقف على مدى التطابق من حيث الأولويات بين البيان الوزاري ووجهة نظرنا من المسائل المالية والاقتصادية والاجتماعية"، مؤكدة "ان لا مشكلة للحزب مع الوزراء، وإنما في رؤيتنا وتقويمنا لبرنامج العمل". حتى ان مصادر سياسية مراقبة اعتبرت "ان الحزب يتوجس من التحرك الأميركي حيال لبنان ويخشى محاولة واشنطن الالتفاف على الوضع الداخلي عبر المشكلة الاقتصادية بعدما أخفقت في السابق في تسويق مشاريعها بالنسبة الى فك الارتباط بين المسارين اللبناني والسوري عبر طروحات جزين أولاً ومن ثم لبنان أولاً في شأن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب". وأضافت "ان الإدارة الأميركية تراهن على فرز واقع جديد من خلال المشكلة الاقتصادية لتبادر بالانفتاح، كمقدمة للالتفاف على الوضع السياسي بذريعة انها تستطيع أن تملي على لبنان شروطاً كان سبق للحكومات المتعاقبة ان رفضتها، وسترفضها الحكومة الحالية". ورأت ان المشكلة بالنسبة الى الحزب "لا تكمن في عودة واشنطن الى تثبيت حضورها على حساب الدور الأوروبي وإنما في تسجيل اختراق اقتصادي تعتقد أنه سيكون له مردود سياسي". وفي مقابل ما ستقرره كتل القرار الوطني وجبهة النضال والوفاء للمقاومة، فأن غالبية النواب والكتل ستمنح الحكومة الثقة، ولن يكون من معارض لها سوى عدد قليل من النواب المستقلين الذين سبق لبعضهم ان امتنعوا عن تسمية الحص لرئاسة الحكومة. وفي تقدير الأوساط السياسية ان النواب، في غالبيتهم، وان كانوا ينظرون الى الحكومة من زاوية غياب التمثيل السياسي الذي اقتصر على حضور رمزي، ستسارعون الى منح الثقة لسببين: دعم العهد الجديد، وضرورة اعطاء فرصة للحكومة العتيدة التي قررت اعتماد خطاب القسم أساساً لبيانها الوزاري. إلى ذلك، رأى وزير الإعلام وشؤون المهجّرين أنور الخليل "أن التحديات كبيرة والمشكلات ليست بسيطة، ولكن حين تتوافر الإرادة والنية الصالحة يوفّقنا الله". وأشار إلى أن "الرئيس لحود يعرف حقيقة حاجات الناس وإرادته الأكيدة أن يكون فعل تغيير في حياة لبنان". ولفت، أمام وفود شعبية أمّت دارته في عاليه مهنئة إياه بتسلّمه مهامه في الحكومة، إلى أن "هناك فريقاً لا يريد للحكومة والحكم أن ينجحا، لكنه فريق ضعيف جداً وعدده قليل ولن يكون مؤثراً في مسيرة النزاهة والصدق". وتمنى النائب جنبلاط على الحكومة الجديدة الإهتمام بالطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود. وحذّر من الإخلال بتعويضات المهجّرين والمتضررين. وأكد أمام وفد من بلدة كترمايا زاره في المختارة أمس أنه سيطالب بتعويضات للمتضررين من الغارات الإسرائيلية على البلدة عام 1982