اعلن مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي صموئيل بيرغر ان سياسية الولاياتالمتحدة تجاه العراق هي العمل على احتواء الرئيس صدام حسين وكذلك معارضته، معترفاً ان الاحتواء غير كاف "كونه يُلحق الأذى بالاستقرار في المنطقة والتغيير الايجابي فيها" واكد عزم ادارة الرئيس كلينتون على مساعدة المعارضة العراقية وتقويتها خطوة خطوة لتحقيق قيام "قيادة جديدة في العراق". وقال بيرغر في خطاب رئيسي القاه مساء الثلثاء في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا "ان التغيير في العراق قادم في وقت وبطريقة نستطيع التأثير فيها من دون ان نتمكن من توقعهما… واننا نعرف ان التغيير عندما يحدث غالباً ما يكون مفاجئاً وفي اوقات غير متوقعة". واضاف بيرغر "ان لاستمرار حكم صدام حسين الارهابي داخل العراق وتخويفه في الخارج مضاعفات واسعة على مصالحنا في المنطقة، ومستقبل العراق سيؤثر في الطريقة التي سيتطور بها الشرق الاوسط والعالم العربي في العقد المقبل وأبعد من ذلك… ويجب ان تأخذ سياساتنا تجاه العراق هذا الامر في الاعتبار". وقال "ان ما هو على المحك هو قدرتنا على محاربة الارهاب وتفادي النزاعات الاقليمية وتدعيم السلام وحماية أمن اصدقائنا وحلفائنا". وقدم عرضاً تاريخياً لتطورات الاوضاع منذ حرب الخليج وبدء عملية السلام وتراجع قدرات النظام العراقي على التهديد عبر سياسة الاحتواء. وقال "وحتى صدام كابح مضر للاستقرار وللتغيير الايجابي في المنطقة. وبالعكس فان عراقاً بناء سيساعد على تغيير المعادلة في المنطقة". واوضح بيرغر ان "استخدام الرئيس صدام حسين معاناة العراقيين وهي من صنع يده، وأثارته موضوع التضامن العربي يشكل رمزاً ملائماً لاؤلئك الذين يسعون الى استغلال الشعور بالمعاناة والاحباط والهزيمة الذي لا يزال قوياً في العالم العربي". وقال ان "شخصاً مثل اسامة بن لادن الذي يختلف كلياً عن صدام حسين لا يزال قادراً على استغلال نزاعه صدام حسين مع العالم لجمع متطوعين لقضيته". وتابع بيرغر قائلا: "ما دام صدام في السلطة وفي مواجهة مع العالم، فسيكون من الصعب تحقيق التطور الايجابي في المنطقة، اذ ان عراقه سيبقى مصدر نزاعات ممكنة في المنطقة، ومصدر إلهام لاؤلئك الذين يساوون العنف بالقوة والتسوية بالاستسلام". وان "التغيير في العراق ضروري كونه سيساعد على تحرير الشرق الاوسط من مشاغله بالأمن والكفاح والبقاء وسيسهل على شعوبه تركيز طاقاتهم على التجارة والتعاون". وتطرق المسؤول الاميركي الرفيع المستوى الى الحديث عن استراتيجية الولاياتالمتحدة لاحتواء العراق المرتكزة على المحافظة على العقوبات الدولية ودعم مهمة لجنة "اونسكوم" والمحافظة على قوة قادرة على الردع والعمل على بقاء الاصدقاء والحلفاء متحدين. كما تحدث عن الجهود الدولية للتفريق بين الشعب العراقي والنظام وعن النفط مقابل الغذاء والدواء. وكرر تفاصيل المواجهة الاخيرة بين العراق والمفتشين الدوليين والتي انتهت بتراجع الرئيس العراقي وبعودة المفتشين الى عملهم وقرار الرئيس كلينتون عدم تنفيذ العمليات العسكرية التي كان قد أمر بها. واعترف بيرغر ان السياسة الاميركية الحالية رغم نجاحها غير قادرة على البقاء في المدى البعيد "وكلما طالت المواجهة زادت صعوبات المحافظة على الدعم الدولي … وعلى نظام العقوبات" وشدد على القول "ان استمرار صدام حسين في اساءة حكم العراق يشكل ضرراً على الشرق الاوسط ككل"، مشيراً الى ان ذلك يساهم في الشعور العام في المنطقة بعدم الامان "ويخلق الانطباع الخاطئ بوجود نزاع بين المسلمين والولاياتالمتحدة وهو انطباع عمل الرئيس كلينتون على محوه خلال السنوات القليلة الماضية، علماً انه مستمر لدى بعض الناس في العالم الاسلامي". وتابع قائلاً ان الولاياتالمتحدة مستمرة في احتواء التهديد الذي يشكله العراق على المنطقة. وان الرئيس كلينتون قال - للاسباب التي عرضها بيرغر - ان افضل وسيلة لمواجهة التحدي الذي يشكله العراق هو من خلال حكومة جديدة في ذلك البلد. وقال: "ان سياستنا تجاه العراق اليوم هي احتواء صدام وكذلك معارضته". وكرر القول "ان التغيير في العراق سيأخذ وقتاً وعلينا ان لا نستهتر بأرواح اولئك الذين يخاطرون بأرواحهم بمعارضة صدام. وعلينا ان نكون حذرين من الايحاء بالتزامات قبل ان يتوضح لدينا ثمن المخاطر". وقال: "ما نستطيع القيام به، وما سنقوم به، هو تقوية المعارضة العراقية ودعم الشعب العراقي والعمل معهما خطوة خطوة بطريقة عملية وفعّالة لإزالة الشرعية عن صدام ثم، عندما يكون الوقت ملائماً، مساعدتهم على تحقيق قيادة جديدة في العراق". وتعهد بيرغر بأن الولاياتالمتحدة ستكون "مستعدة لمساعدة حكومة جديدة في العراق تحترم حقوق شعبها وتنفيذ واجباتها تجاه العراق. وسنعمل على تخفيف العقوبات الاقتصادية ضد عراق جديد كهذا في اقرب وقت ممكن. وسنعمل على اعفاء العراق من ديونه الاقتصادية الضخمة التي كدسها صدام حسين لبناء اسلحة لم يردها الشعب العراقي او كان بحاجة اليها".