توحدت الساحة الأردنية أمس في الهجوم على قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية، ابتداء من رئيس الوزراء والأعيان والنواب وانتهاء بأحزاب المعارضة التي اعتبرت ما بثه برنامج "الاتجاه المعاكس" بمثابة "اهانة واساءة" للأردن. لكن ناشطين في مجال حقوق الانسان تحفظوا عن اغلاق مكتب "الجزيرة" في عمّان. وتعرض الهجوم الإعلامي الأردني الى الحكومة السورية واتهمها ضمناً وصراحة بالوقوف وراء معد البرنامج فيصل القاسم والمشارك فيه الكاتب محمد خليفة وهما سوريان. وتجنب الكتاب مهاجمة الحكومة القطرية مع ابداء "العتب الشديد" لسماحها "ببث السموم". وكذل كان الرد الرسمي. وأجرى وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني اتصالاً أول من أمس مع رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة عرضا فيه "العلاقات الطيبة" بين الأردن وقطر "وأكدا ضرورة دعمها وترسيخها"، بحسب وكالة الأنباء القطرية. وجاء ذلك عقب الاحتجاج الأردني الذي نقله السفير القطري في عمان فهد بن جاسم آل ثاني الذي اعتبر في تصريحات صحافية ان علاقات بلاده مع الأردن "أكبر من أمثال البرنامج الذي قدمته محطة الجزيرة الفضائية". وزاد ان المحطة "مستقلة ولا تنطق باسمنا". وكان برنامج "الاتجاه المعاكس" استضاف الكاتب السوري محمد خليفة ووزير خارجية الأردن السابق كامل ابو جابر في مناظرة عن دور الأردن في مسيرة السلام اعتبر فيها خليفة ان الأردن لم يكن غير "صحراء قاحلة فيها بعض البدو". ووصف الملك حسين عاهل الأردن بأنه "معزول عربياً بعد تحالفه ضد أمته". وقالت صحيفة "الرأي" شبه الرسمية، وهي أوسع الصحف انتشاراً في الأردن: "إذا كان الاعدام من نصيب كلب نهش مواطناً أوليس من العدل أن يقطع لسان من ينهش كرامة الشعب الأردني وقيادته الفذة". إلا أن صحيفة "العرب اليوم" المستقلة عبرت عن رفضها لاغلاق مكتب "الجزيرة" في عمان حتى لا تؤخذ "بجريرة برنامج نشاز.. وشخص موتور يعمل لحساب أجهزة معروفة". اعتذار وأبدى نشطاء في منظمات حقوق الانسان قلقهم من قرار وزارة الإعلام الأردنية اغلاق مكتب محطة "الجزيرة" في عمان معتبرين اجراءات الحكومة "مبالغاً فيها". ورد وزير الإعلام ناصر جودة في تصريح الى "الحياة" على ذلك بالقول ان "الاجراء رمزي يعبر عن احتجاجنا مثلما تطرد دولة سفيراً، والمكتب سيعاود عمله في حال اعتذار البرنامج". وزاد ان "الحكومة لا تبالغ. وأشعر بأنني مقصر". واعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مصطفى الحمارنة رد فعل الإعلام والحكومة الأردنية بأنه "بدائي" يعود الى عقلية الخمسينات. وقال: "على رغم شدة وقاحة المتحدث في البرنامج، لا يجوز ان تنشغل الدولة بسبب شخص مغمور لم نسمع به من قبل". ويرد وزير الإعلام ناصر جودة على ذلك بالقول: "المحطة شاهدها الملايين حتى لو كان الكاتب مغموراً، وسبق ان اتصلت وزيرة الخارجية الأميركية بولي العهد الأردني الأمير حسن بسبب مقال نشرته صحيفة اسرائيلية". وقالت الكاتبة سائدة الكيلاني وهي باحثة وناشطة في مجال حقوق الانسان ان "ما بثته قناة الجزيرة لا علاقة له بحرية الرأي، اذ تضمن تشهيراً بشعب بعبارات عنصرية، وهذا ما تمنعه المواثيق الدولية". لكنها عارضت اغلاق مكتب "الجزيرة" قائلة ان "ثمة وسائل أخرى للرد تتناسب مع سياسات الأردن السمحة". وشاركها في هذا الرأي مصطفى الحمارنة واصفاً الاجراء بأنه "ضار بالعملية الديموقراطية في دولة جادة تمر بمرحلة اصلاح سياسي".