القدس المحتلة - أ ف ب - وجدت المعارضة العمالية في اسرائيل نفسها أمس الخميس في وضع حرج مع ما اثير عن قيام وحدة وطنية تضمها مع ليكود، خصوصاً وقد بدأت تعاني من الارباك ازاء الصورة الجديدة التي يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تقديمها عن نفسه "كصانع للسلام". وقال عدد من القادة اليمينيين علناً انهم يفكرون في وحدة وطنية بالتزامن مع الجهود التي بدأها نتانياهو لاعادة "المعتدلين" من اليمين بقيادة وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي الى صفوف ائتلافه. ويهدد اليمين المتطرف نتانياهو بالتخلي عنه منذ توقيع اتفاق واي ريفر مع الفلسطينيين حول انسحاب اسرائيل من الضفة الغربية، وبالتالي تحريك عملية سلام تحتضر. وبدأ نتانياهو بشكل مفاجئ محاولة توسيع غالبيته باتجاه الوسط ليتجنب ارغامه على الدعوة الى انتخابات عامة مبكرة بينما تنتهي فترة ولايته سنة الفين. لكن احتمال اقامة الوحدة الوطنية لم يؤد إلا الى انشقاقات في صفوف حزب العمل. وقال زعيم العمل ايهود باراك أمس ان الحزب "لم يناقش احتمال قيام حكومة وحدة وطنية ولن يزحف للدخول فيها". واضاف مفتتحا سوق المزايدة "لن نكون غطاء لهذه الحكومة السيئة". وسجل رئيس الوزراء في 23 الشهر الماضي في واي ريفر انتصارا على حزب العمل رافع لواء عملية السلام . وكان على الحزب ان يحول دون سقوط نتانياهو فمنحه الثقة لدى التصويت على الاتفاق في الكنيست. ويجازف باراك بالتحول الى رجل يقوده حب السلطة وليس السعي الى السلام في حال رفض نداء للوحدة الوطنية قد يطلقه نتانياهو. من جهته، ضاعف رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز المعروف بموقفه المؤيد للوحدة الوطنية من اتصالاته مع وزير الخارجية ارييل شارون. واكد "وجوب تطبيق الاتفاق ومنع حدوث شلل في عملية السلام". ويتقاسم عدد من قادة حزب العمل وجهة النظر هذه، خصوصاً النائب حاييم رامون الذي قال "ستكون هناك مواضيع للنقاش في حال وجه نتانياهو دعوة علنية الى الوحدة الوطنية". وفي المقابل، يؤكد مقربون من باراك ان رئيس الوزراء لا يتمتع بالصدقية. وتساءلت رئيسة الكتلة العمالية في الكنيست داليا يتزيك كيف يمكن "التعامل مع رجل لا يتوقف عن الكذب". لكن الصحف الاسرائيلية تعطي وضعاً مغايراً، مشيرة الى ترتيبات محتملة تنص على منح حزب العمل سبعة مناصب وزارية من اصل 18 بينها حقيبة الدفاع التي سيتولاها باراك. وأظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية الاسرائيليين تؤيد حكومة كهذه. وضاقت الفروق الايديولوجية بين حزبي ليكود والعمل الى درجة كبيرة، ليس فقط بسبب قبول ليكود مبدأ الانسحاب الجزئي من الضفة الغربية، ولكن ايضاً لأن العمل بدأ ينزلق باتجاه اليمين. وللمفارقة، انتقد زعيم العمل نتانياهو لأنه "اعطى الفلسطينيين خمسة اضعاف ما كان منحهم اياه اسحق رابين" رئيس الوزراء السابق الذي اغتاله متطرف يميني العام 1995. وكدلالة على لغة العصر، وبموجب نصائح قدمها خبراء حزب العمال البريطاني، يحاول حزب العمل الاسرائيلي اكتساب هوية جديدة مضاعفا شعاراته "التقدمية" حول مسائل المجتمع والصحة والثقافة والاقتصاد، بطريقة يبدو معها ان السلام في الشرق الاوسط بات من الاهتمامات الثانوية للحزب.