أكد مسؤولون اقتصاديون ووسطاء ومستثمرون اماراتيون على ضرورة الاسراع في انشاء سوق رسمية للأوراق المالية بورصة في دولة الامارات لوضع نهاية سريعة لحالة الاضطراب والحذر والترقب والركود التي تسود السوق غير الرسمية في أعقاب ما عرف ب "كارثة آب" وتوابعها المستمرة على المستثمرين حتى الآن. ووافقت الحكومة الاتحادية في دولة الامارات بداية الشهر الجاري تحت وطأة الأزمة التي تشهدها السوق على مشروع قانون انشاء البورصة الذي تقدمت به وزارة الاقتصاد والتجارة، وأحالته الحكومة الى اللجنة الوزارية العليا للتشريعات لدرسه واعادته مرة أخرى للحكومة لاصداره رسمياً. وقال سيف خلفان وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة في "حوار مفتوح حول سوق الأسهم في دولة الحاضر والمستقبل" ان قانون البورصة سيصدر في وقت قريب حال انتهاء لجنة التشريعات درسه ووضعه في صيغته التشريعية النهائية. ولكنه لم يجزم بأن القانون سيصدر في نهاية عام 1998 أو في الربع الأول من عام 1999. وشارك في الحوار المفتوح الذي دعت اليه غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي ليل السبت أول من أمس ممثلون لوزارة الاقتصاد والتجارة و"بنك أبو ظبي الوطني" و"بنك الخليج الأول" وأساتذة الاقتصاد في جامعة الإمارات وأعداد كبيرة من المستثمرين والوسطاء ضاقت بهم جنبات قاعة الاجتماعات الكبرى في مقر الغرفة في أبو ظبي، وغاب عنه محافظ مصرف الامارات المركزي والمسؤولون في المصرف اضافة الى مسؤولي الاقتصاد والدوائر المعنية في دبي ما أثار تساؤلات كبيرة حول غياب أطراف رئيسية عن هذا اللقاء الكبيرالذي تصدى لأكبر وأهم مشكلة اقتصادية اجتماعية تواجه مجتمع الامارات في هذا الوقت. وتعالت أصوات بضرورة التدخل السريع من قبل الحكومة لانقاذ ما يمكن انقاذه من صغار المستثمرين الذين انتهوا في المصحات أو السجون أو في مواجهة القضاء والبنوك بعد أن ألحقت بهم عمليات المضاربة في السوق نهاية آب أغسطس الماضي خسائر كبيرة لا قبل لهم بمواجهتها. وقال خلفان ان السبب الرئيسي لما حدث في آب من تجاوزات كان سببه عدم وجود وسطاء حقيقيين يقومون بدور الناصح للمستثمر وغياب الدور الرقابي من الجهات الرسمية. ولفت الى أن مصرف الامارات المركزي لم يكن بمقدوره التدخل لمنع حدوث المشكلة في آب في غياب وجود سوق رسمية للأوراق المالية، وأنه غير مخول الآن سوى بالرقابة على الوسطاء. وجاء هذا الحوار وسط استمرار حالة من تراجع في أسعار الأسهم والركود في السوق الأمر الذي يهدد باضافة أعداد جديدة من المستثمرين الى قائمة ضحايا "أزمة آب"، حيث سجلت السوق وسط مضاربات يومية شديدة ارتفاعات متوالية في أسعار الأسهم وصل معها مؤشر "بنك أبو ظبي الوطني"الى أكثر من خمسة آلاف نقطة، ليتراجع في بداية أيلول سبتمبر بمعدلات كبيرة حتى قارب حالياً مستوى ثلاثة آلاف نقطة لتخسر السوق نحو 40 في المئة من قيمتها التي تجاوزت 180 بليون درهم 49.1 بليون دولار. وحذر مسؤولون ومستثمرون من استمرار التراجع في أسعار الأسهم مع اقتراب انشاء سوق رسمية للأوراق المالية. ودار خلال الحوار جدل واسع حول المسؤولية عن ما حدث في سوق الامارات، وكيفية تصحيح الوضع. وطالت الاتهامات البنوك والشركات التي كونت محافظ استثمارية ودخلت في عمليات مضاربة على الأسهم أشعلت السوق بدل أن تكون قائدة للسوق. وقال زياد دباس مسؤول قسم الأسهم المحلية في "بنك أبو ظبي الوطني" ان هذه المحافظ لم تقم بدورها في قيادة السوق، ورد عليه أحد المشاركين في الحوارقائلاً ان هذه المحافظ ليس لها دور أساسي في قيادة السوق، وانما ينحصر دورها في تشجيع وبلورة سلوك ادخاري واستثماري نيابة عن صغار المستثمرين الذين لا يمكنهم اللعب في السوق، وتنويع المخاطر وإدارة الاستثمارات لمعرفتها بمشاكل الاستثمار في السوق. غير أن الاتهامات وجهت في هذا المجال لمصرف الامارات المركزي باشارة كثير من المستثمرين المشاركين في الحوار الى أن معظم المحافظ الاستثمارية الموجودة في السوق غير مرخصة والمسؤول عن ذلك هو المصرف المركزي. كما وجهت الاتهامات الى "بنك أبو ظبي الوطني"، حيث اتهمه البعض بتأخير اصدار شهادات تملك الأسهم والتصديق على عمليات بيع وشراء الأسهم مما يؤدي الى ارتفاع أسعارها. وقال الدباس في معرض رده على هذا الاتهام ان التأخير في انهاء المعاملات ناتج عن مواجهة البنك عمليات بيع وشراء لا قبل له بمواجهتها في أيام ذروة المضاربات في آب الماضي زادت على خمسة آلاف عملية بيع وشراء على أسهم "مصرف أبو ظبي الاسلامي" وثلاثة آلاف عملية على سهم "الواحة" العالمية للتأجير. وأكد الدباس ان أسباب المشكلة تنحصر في عدم وجود سوق رسمية للأوراق المالية، ووجود الوسطاء غير الرسميين، والأموال الوافدة التي دخلت في مضاربات سريعة لجني الأرباح والخروج مرة أخرى بسرعة، والإعلام الذي ساهم في بث ونقل الاشاعات. وطالب عادل الحوسين نائب مدير "بنك الخليج الأول" بعدم السماح بتداول أسهم الشركات الحديثة في السوق قبل مرور ثلاث سنوات الى خمس سنوات على انشائها وتقديمها ثلاث موازنات سنوية عن أعمالها وتحقيقها أرباحاً لا تقل عن 10 في المئة سنوياً في محاولة للحد من المضاربات على أسهم الشركات الحديثة. ولفت المستثمرون الى أن عمليات التنازلات المفتوحة عن الأسهم لحساب الوافدين كانت احدى وسائل شراء الأسهم من قبل غير المواطنين. وأكد الدباس ان هذه العمليات لعبت دوراً كبيراً في عمليات المضاربة في آب الماضي الى جانب دخول أموال وافدة للمضاربة السريعة في سوق الإمارات. غير أن اتهامات وجهت الى "بنك أبو ظبي الوطني" وبنوك أخرى بالقيام بعمليات الوساطة في بيع وشراء الأسهم دون ترخيص رسمي بذلك الأمر الذي أفقد مكاتب الوساطة دورها وحدّ من عملياتها. غير أن الدباس أكد ان "بنك أبو ظبي الوطني" يلعب هذا الدور منذ عام 1975 وكان له الدور الأساسي في تنظيم السوق واصدار أول مؤشر للأسهم في دولة الإمارات.