يعلن رئيس الوزراء البريطاني هذا الاسبوع عن فوز المهندسة المعمارية العراقية زهاء حديد بتصميم "منطقة العقل" في "القبة الألفية". كلفة القبة التي ستبنى في منطقة غرينيتش جنوبلندن بليون دولار. وهذه مرة اولى يمنح البريطانيون فيها مشروعاً كبيراً للمهندسة العراقية، التي حرموها 4 مرات من بناء نصب معمارية فازت بها في بريطانيا، كيف حدث ذلك؟ من الصعب الحصول على تفسير لهذا الموضوع المحاط بالأسرار، وأصعب منه الحصول على معلومات عن "منطقة العقل" و"القبة الألفية" التي ستفتتحها ملكة بريطانيا وتعتبر أهم مشروع للاحتفالات الألفية الثالثة للميلاد. واعتذر المسؤول الإعلامي عن المشروع ل "الحياة" عن عدم الادلاء بأي تفاصيل، كما اعتذرت زهاء نفسها وقالت ان العقد يمنعها من التصريح بشيء، المعلومات الوحيدة التي انفردت بها أمس صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تشير الى أن "منطقة العقل" نصب معماري ارتفاعه 300 قدم وفيه 7 قباب تحتوي على مبتكرات فنية وعلمية "تبهر العقل من دون استخدام عقاقير هلوسة". زهاء موجودة حالياً في الولاياتالمتحدة حيث تشرف على بناء متحف الفنون الحديثة في ولاية سينسيناتي الذي فازت به على 97 مهندساً عالمياً. وبنايات زهاء، التي اشتهرت بأنها المهندسة العربية التي لا تسمح لها بريطانيا بالبناء في أراضيها، تمتد من نيويورك وسينسيناتي الى فيينا وميونيخ وطوكيو. والأعمال الكاملة لها موضوع كتاب مرجعي أصدرته أخيراً دار النشر العالمية المختصة بالفنون "تيمس آند هدسن". هذه "الروعة التي تبهر وتذهل وتؤنس"، وفق تعبير مقدمة الكتاب، التي كتبها مدير متحف الفنون الحديثة في سان فرانسيسكو، لماذا تلقت معاملة سيئة في بريطانيا طوال العقدين الماضيين؟ بعض الجواب عن هذا السؤال يكشفه كتاب "يا نصيب الأوبرا" الذي صدر بالانكليزية الاسبوع الماضي ويعرض الأسرار السياسية وراء حرمان زهاء من ثمار فوزها أربع مرات على أبرز المعماريين البريطانيين والعالميين، مؤلف الكتاب اللورد كريكهاول رئيس لجنة التحكيم في مسابقة بناء دار الأوبرا في كارديف التي حرمتها من تنفيذ تصميمها. ويعترف كريكهاول بأن اللجنة فرضت على زهاء في أغرب قرار معماري أن تجري تعديلاً على التصميم الذي فازت به ويعاد طرحه للمسابقة مرة أخرى. وفازت للمرة الثانية، مع ذلك منحت دار الأوبرا لمعماري محلي استنسخ تصميم زهاء. يعرض الكتاب تفاصيل هذه الفضيحة الدولية والمناورات التي ساهم فيها سياسيون ومعماريون يحملون لقب سير. وتقدم الكتابات البريطانية الكثيرة التي تصدر الآن عن زهاء قراءة ممتعة في الذهنية الانكليزية. صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية المحافظة خصصت بمناسبة تصميمها لمعرض "فنون وأزياء القرن العشرين" المنعقد حالياً في لندن تقريراً بالألوان على 4 صفحات، منها صفحة كاملة لصورة زهاء مرتديه ما يشبه "القبقاب" الخشبي التقليدي للنساء العراقيات. تبدأ المقالة بالسطور الآتية: "زهاء حديد امرأة ومعمارية من نوع الأساطير المعاصرة ذات السمعة الغرائبية التي تثير نعوتاً وأسماءً لاذعة، مثل: حدية ودلوعة وبركانية وصاحبة رؤيا ووهاجة وظاهرة فريدة ونجمة". وتزلزل زهاء التفكير السطحي عن العرب ونسائهم حين تقدم التفسير التالي لسر موهبتها: "ان تكون عربياً وامرأة تعيش في لندن... في هذا قدر كبير من التركيز على الابداع. وربما لأنني غير مقيدة بالقواعد المفروضة على الناس هنا. هذا يعطيك الحرية لتفعلي الأشياء بشكل مختلف". وتسخر زهاء من سؤال الناس لها كيف وصلت هذه المكانة في لندن مجيبة: "بالطائرة"! وتوضح أنها لم تأت من خيمة في بغداد. وتتحدث عن خلفيتها التي تشبه حياة معظم فتيات الطبقة المتوسطة العراقية المرفهة والمثقفة. وتجيب عن سر تحملها الرفض المرة بعد الأخرى وعدم تخاذلها ونكوصها "انك تحتاجين الى قدر فظيع من الثقة". وماذا عن فلسفتها المعمارية؟ تجيب زهاء المشهورة بتصاميمها المعمارية التي تتجاهل قوانين الجاذبية: الناس يقولون لي دائماً ما الخطأ في الزاوية القائمة 90 درجة؟ وأنا أقول: هناك 360 درجة للزوايا، والزاوية 90 درجة ليست سوى واحدة منها، ويبقى لدينا 359 خياراً".