بغداد، لندن - أ ف ب - واصلت فرق التفتيش التابعة للجنة الخاصة المكلفة التحقق من نزع أسلحة الدمار الشامل أونسكوم مهماتها في العراق لليوم الثاني منذ عودتها الى هذا البلد. وأكدت بغداد انها تقدم كل التسهيلات اللازمة لخبراء "أونسكوم"، لكنها جددت مطالبتها الاممالمتحدة بوقف طلعات طائرات الاستطلاع الاميركية من طراز "يو - 2" التي تستخدمها اللجنة فوق أراضي العراق. واستمر الجدل حول "تسريب" موعد الضربة العسكرية للعراق التي تراجع عنها الرئيس بيل كلينتون اثر تراجع بغداد في اللحظة الاخيرة عن قرارها وقف التعاون مع فرق التفتيش. وشدد مكتب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على انه لا يملك "قطعاً أي دليل" على ان فرنسا كانت ابلغت بغداد عن الموعد المقرر للضربة كما قيل نهاية الاسبوع الماضي في الولاياتالمتحدة. وقال ناطق باسم رئاسة الوزراء ليل الاربعاء: "لا نملك قطعاً أي دليل على ان أحداً أبلغ صدام حسين. انطباعنا هو انه صدام فهم الاشارات التي أرسلت اليه، أقله عبر الصحافة، ونحن ممتنون لفرنسا الدعم الديبلوماسي الذي قدمته خلال الأزمة". وفي حديث نشرته الاربعاء صحيفة "نيويورك تايمز" لم ينف بلير ذلك صراحة، وقال ان "هذه الفكرة في الصحف، وبالتأكيد قرأتها، ولا أعرف هل ذلك صحيح وآمل بألا يكون الأمر كذلك. لا يمكنني أن أصدق ان تقوم دولة قريبة الينا أياً تكن بالتصرف على هذا النحو". وأشارت الصحيفة الى ان السفير البريطاني لدى الاممالمتحدة جيريمي غرينستوك شكا الاسبوع الماضي لنظيره الفرنسي آلان دوجاميه من "صعوبة اجراء مفاوضات حساسة داخل مجلس الأمن عندما تبين بوضوح ان العراقيين ابلغوا فوراً مضمونها بفضل تسريب معلومات". وكان السيناتور الاميركي الجمهوري جون ماكاين لمح الأحد الى ان فرنسا ربما تكون حذرت بغداد من قصف اميركي وشيك السبت، مما سمح لها بتغيير موقفها في اللحظة الأخيرة. وبثت "وكالة الانباء العراقية" امس ان العراق طالب الاممالمتحدة مجدداً بوقف تحليق طائرات الاستطلاع الاميركية من طراز "يو - 2" التي تستخدمها "أونسكوم" فوق أراضيه. وأوضحت الوكالة ان وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف بعث برسالة الى الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان أكد فيها ان تلك الطائرات "توظف لأغراض أخرى غير أغراض اللجنة الخاصة، ونشاطها يمس سيادة العراق وأمنه". وجاء في الرسالة التي تحمل تاريخ 17 تشرين الثاني نوفمبر الجاري ان العراق كان طالب بپ"ضرورة استخدام الوسائل العراقية في أعمال اللجنة الخاصة بدل الوسائل الاجنبية لاستبعاد اي امكان للاستفادة منها في اغراض اخرى تمس سيادة العراق وأمنه". وأ ضاف الصحاف في رسالته: "على هذا الاساس على الاممالمتحدة ان تعاود النظر في موضوع احترام المساواة والسيادة لكل الدول الاعضاء". وزاد ان "العراق يحتفظ بحقه في المطالبة بتعويضات عن الأضرار المادية والمعنوية التي تسببها هذه الخروقات". وذكر ان تلك الطائرات ارتكبت 422 خرقاً للأجواء العراقية. وكان العراق هدد خلال أزمة مع الاممالمتحدة في تشرين الثاني 1997 باسقاط طائرات "يو - 2". ورفضت اللجنة الخاصة وقف طلعات هذه الطائرات لكنها وافقت على مشاركة طائرات اخرى غير اميركية آنذاك في مراقبة الأراضي العراقية. وتشارك طائرة استطلاع فرنسية في أعمال المراقبة منذ تلك الأزمة. مواقع تحت الرقابة الدائمة وعلى صعيد عمليات التفتيش علم من مصدر في اللجنة الخاصة ان خبراء تابعين للجنة غادروا امس مقرهم في بغداد لإجراء عمليات تفتيش لليوم الثاني. وقالت الناطقة باسم اللجنة كارولاين كروس لوكالة "فرانس برس" ان المفتشين "يواصلون عملهم" كما فعلوا أول من أمس، لكنها رفضت تقديم ايضاحات. وشاهد الصحافيون حوالى عشر سيارات تنقل مفتشين وهي تغادر فندق "القنال" الذي تستخدمه اللجنة الخاصة مقراً لها، متوجهين الى مواقع لم يعلن عنها. وكانوا أجروا الأربعاء عمليات التفتيش الأولى منذ عودتهم الى بغداد التي انسحبوا منها في 11 تشرين الثاني الجاري تحسباً لضربة اميركية للعراق. وأعلنت "وكالة الانباء العراقية" الاربعاء ان المفتشين تفقدوا مواقع خاضعة للرقابة المستمرة. ولم تشر اللجنة الى موعد استئناف عمليات التفتيش المفاجئة التي اوقفتها بغداد في 5 آب اغسطس الماضي. وذكر اللواء حسام محمد أمين المدير العام لدائرة الرقابة الوطنية المكلفة العلاقة مع اللجنة الخاصة مساء الاربعاء ان "الجانب العراقي قدم كل التسهيلات اللازمة للفرق" التابعة للجنة. وأوضح ان سبع مجموعات تفتيش وثلاث مجموعات صيانة تفقدت أول من أمس مواقع في بغداد وخارجها خاضعة للرقابة الدائمة. يذكر ان العراق تعهد السبت الماضي بالتعاون مع "اونسكوم" تفادياً لضربة جوية اميركية - بريطانية. لكن الولاياتالمتحدة وبريطانيا اعلنتا انهما لا تزالان مستعدتين لضرب العراق في حال عرقل عمل المفتشين. وأشار أمين الى ان "مجموعتين من الخبراء في الصواريخ البالستية زارتا عدداً من المواقع للاطلاع على المعدات والتدقيق فيها" موضحاً ان "فريقاً آخر من الخبراء في الأسلحة الكيماوية زار احدى المنشآت خارج بغداد للاستفسار عن المعدات والاطلاع على السجلات". واكد ان "مجموعة مكلفة الاسلحة النووية زارت عدداً من المنشآت داخل بغداد وخارجها، فيما زارت المجموعة المكلفة الاسلحة البيولوجية احد المواقع في مدينة بغداد حيث صورت المعدات". وتابع ان "فريق منظومة الرقابة بالكاميرات الذي قسم الى ثلاث مجموعات زار مجموعة من المنشآت لاجراء عمليات الصيانة وتبديل أشرطة الفيديو".