أحيط لقاء المصارحة الذي عقد مساء الأحد الماضي بين الرئيس اللبناني المنتخب العماد إميل لحود ورئيس الحكومة رفيق الحريري عشية سفره إلى طهران، بسرّية تامة، إذ رفض الذين عملوا على التحضير له الإفصاح عما دار فيه، واكتفوا بالإعراب عن ارتياحهم إلى الأجواء التي سادته. وعلى رغم الكتمان، يؤكد العارفون أن اللقاء لم يتطرق إلى تأليف الحكومة الجديدة ويجزمون أن مجرد عقده يعتبر مهماً لقطع الطريق على محاولة التشكيك في مستقبل العلاقة بين لحود والحريري والتكهن باستحالة التعايش بينهما. وفي تقدير المراقبين أن اللقاء تجاوز الشكليات والإشكالات إلى الدخول في مصارحة متناهية لم تتوقف عند السجال الذي دار أخيراً على الفقرة الثانية من المادة ال53 من الدستور المتعلقة بالإستشارات النيابية، خصوصاً بعدما تراجع من جراء الإجماع على عدم تحويله مشكلة. ورأوا فيه "أول خطوة أتاحت لهما التوافق على العناوين الرئيسية بما فيها تلك المتعلقة بتأليف الحكومة، من دون الدخول في الأسماء". وقالوا "أنها رسمت آلية تأخذ في الإعتبار مبدأ الكفاية ونظافة الكف والتوجه الوطني والتمثيل الشعبي والسياسي". وأكدوا أن "العلاقة بين الرئيسين، وإن كانت محكومة بالتعاون، تنطلق من تعزيز دور المؤسسات على قاعدة التعاون وفصل السلطات ورفض التجارب السابقة التي أدت إلى قيام الترويكا"، ولفتوا إلى "أن تغيير الذهنية سيقود حتماً إلى تفادي الوقوع في أخطاء جديدة". ويفترض أن تسلّط الأضواء في النصف الثاني من الأسبوع المقبل على موضوع تأليف الحكومة، وولادتها مرجحة في غضون أيام قليلة، وإن كان لحود لا يزال يمسك بزمام المبادرة رافضاً أن يستدرج إلى لعبة الأسماء المرشحة لدخولها التي يتداول بها البعض. واستناداً إلى المداولات غير الرسمية الجارية، ثمة شبه إجماع على أن الحكومة ستكون عادية غير موسّعة، تتيح للعهد الجديد الإطلالة على الرأي العام على نحو يعزز الإرتياح الذي ساد البلد فور انتخاب لحود رئيساً. وتتوقّع الترجيحات ألا يرتفع عدد أعضاء الحكومة إلى أكثر من 20 وزيراً، في حال لم تؤد صيغة ال16 إلى مراعاة التوزيع المعمول به لدى تأليف الحكومات. وعزا الذين لا يحبّذون المجيء بحكومة موسّعة السبب إلى "أن التوسع قد يقود إلى خرق المعايير الموضوعة من جهة وإلى التقليل من وهج الإطلالة الموعودة لئلا يقال أنها خضعت أو أُخضِعت لمبدأ جوائز الترضية، خصوصاً أن دمشق لا تود التدخل وتترك الأمر للتوافق عليه بين لحود ورئيس الحكومة المكلّف". حتى أن أوساطاً سياسية أخذت تجد صعوبة في إمكان رفع العدد من 16 وزيراً إلى 20. ورأت أن الحكومة ستكون إستثنائية لجهة الحفاظ على تركيبة عادية غير فضفاضة يراعى من خلالها ما أمكن من التمثيل الذي يقطع الطريق على قيام معارضة، ويحول دون افتعال مشكلة بذريعة القفز فوق التوزيع الطوائفي ولمرة وحيدة.