بدا أمس ان الادارة الاميركية تتجه الى حسم خيارها في معالجة الازمة العراقية غداً، علماً ان الرئيس بيل كلينتون سيغادر واشنطن الى كوالالمبور للمشاركة في قمة منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا - المحيط الهادي. وواصلت بغداد حملة التصعيد مع مجلس الأمن ولوحت بعدم التعامل مع قرارات المجلس مؤكدة انها لن تتراجع عن قرارها وقف التعاون مع فرق التفتيش. راجع ص5 وقال رئيس اللجنة الخاصة المكلفة التحقق من نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية اونسكوم ريتشارد بتلر لپ"الحياة" انه لا يرى "خطراً" في هذه المرحلة يحتم سحب جميع خبراء التفتيش من العراق، فيما حذر وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون من ان "صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد" في مواجهة تشدد بغداد. وبدا ان الرئيس كلينتون لم يكن راضياً عن الخيارات العسكرية والديبلوماسية التي عُرضت عليه في شأن التعامل مع الأزمة العراقية خلال اجتماعه اول من امس مع كبار مستشاريه لشؤون الامن القومي والسياسة الخارجية، وطلب منهم تزويده معلومات اضافية خلال 48 ساعة. ولأن كلينتون سيغادر السبت سيحسم في اجتماعه المقبل مع كبار مساعديه اتجاه تطور الازمة، وهل تأخذ منحى عسكرياً أو ديبلوماسياً. ويدرس كبار المسؤولين في الادارة خيارين عسكريين، احدهما سريع ومحدود فيما يقتضي الثاني مزيداً من الوقت لكنه اكبر بكثير، الى جانب خيار ديبلوماسي. وقال الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت امس ان انجاز ما طلبه كلينتون من كبار مساعديه سيستغرق يومين. واوضح ان "هناك العديد من المبادرات الديبلوماسية في السر والعلن، ومن الواضح ان الاسرة الدولية متوحدة حول اعتبار تصرف الرئيس صدام حسين غير مقبول". وتوقع مسؤول في البيت الابيض ان يجري كلينتون مزيداً من الاتصالات الهاتفية مع رؤساء وزعماء اثر عودته الى البيت الابيض من منتجع كامب ديفيد في وقت لاحق امس. وفي ما يتعلق بمدى استعداد الادارة للقبول ب "حل وسط" ديبلوماسي، اكد المسؤول لپ"الحياة" ان واشنطن لا تنوي المساومة على القضايا الاساسية وضرورة "تجاوب العراق في شكل كامل" مع "اونسكوم". لكنه ابقى الباب مفتوحاً امام احتمال التوصل الى اتفاق يسمح ل "اونسكوم" بأن تعاود عملها "كي نتمكن من تأكيد ان العراق لم يعد يملك اسلحة دمار شامل والانتقال من عمليات التفتيش الى نظام المراقبة الطويل الأمد". وتابع ان الولاياتالمتحدة لا تزال تفضل حلاً ديبلوماسياً، لكن العراق لم يظهر اي ميل للتراجع. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" امس عن مسؤولين اميركيين طلبوا عدم كشف هويتهم ان البنتاغون وضع خطتين عسكرييين في حال تقرر توجيه ضربة الى العراق: الاولى تشمل ضربة سريعة ودقيقة، والثانية هجوماً اكثر كثافة وقوة وتتطلب حشد مزيد من القوات. وتستهدف الخطتان قواعد عسكرية عراقية ومواقع يفترض انها تضم مصانع اسلحة كيماوية وجرثومية. الى ذلك، قال وزير الدفاع البريطاني ان الرئيس صدام حسين "يمكن ان يقتنع بالتراجع فقط اذا أيقن ان خطر تعرضه لاستخدام القوة جدي اذا استمر في عناده". ووصف الازمة الحالية بأنها "الأكبر منذ حرب الخليج"، محذراً من ان "صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد". وقال بعد محادثاته امس في الكويت مع امير الدولة الشيخ جابر الاحمد وولي العهد الشيخ سعد العبدالله انهما "ابلغاه بوضوح ان صدام اختلق الازمة ويمكنه ان ينهيها". في الوقت ذاته اكد نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان ان العراق "لن يتراجع عن قراره وقف كل اشكال التعامل مع اللجنة الخاصة لأن قراره موضوعي وعادل وحق مشروع له". وأضاف ان "التهديدات الاميركية جوفاء تزيد العراقيين اصراراً وتمسكاً بحقوقهم وعدم التنازل عنها". وقال بتلر لپ"الحياة" في اتصال هاتفي اجرته من لندن ان غالبية المفتشين باقية في العراق، واضاف "لا ننسحب من بغداد، وما زلنا نأمل بالتوصل الى حل يسمح باستئناف عملنا". وزاد، متجنباً التعليق مباشرة على احتمال توجيه ضربة عسكرية للعراق: "لن نعرضهم المفتشين للأذى، ولا نرى خطراً في الوقت الحالي. سنبقي غالبية موظفينا هناك كي نتمكن من استئناف عملنا حين يسمح العراق بذلك". وأكد ان المفتشين هناك "يتلقون معاملة حسنة". وفي اتصال مع مندوب العراق لدى الأممالمتحدة السفير نزار حمدون، أكد السفير ان بغداد "لم تطلب من المفتشين ان يغادروا، لذلك نستغرب سحب بعضهم في حين ما زال الباب مفتوحاً لحوار يلبي حاجات العراق المشروعة، وعلى رأسها مسألة رفع الحصار". وتابع: "لا نزال ننتظر من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ان يكثف جهوده للتوصل الى حل لهذه المسألة". وشدد على ان "العراق، حتى الآن، ما زال متمسكاً بالتزاماته" بموجب قرارات مجلس الأمن "لكنه في انتظار تنفيذ المجلس التزاماته". وقالت مصادر عراقية: "في حال عدم حصول العراق على تطمينات في موضوع المراجعة الشاملة فانه باق على مواقفه".