قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" في انقرة ان وزارة الخارجية السورية استدعت مساء اول من امس السفير التركي في دمشق جنيغ دوعاتبه وسلمته "احتجاجاً رسمياً" على التهديدات التركية التي صدرت عن المسؤولين الاتراك في الفترة الاخيرة. وأشارت الى ان مسؤولاً رفيع المستوى في الخارجية السورية نقل الى دوعاتبه "استغراب" دمشق التصريحات التركية رغم عدم حصول اي تطورات تستدعي ذلك، واستغرابها عدم استجابة انقرة للبيان الرسمي السوري الصادر مساء السبت الذي دعا الى "الحوار الديبلوماسي بين الطرفين". وقالت ان المسؤول شدد على "تمسك دمشق بالحوار الودّي والديبلوماسي ورفض اسلوب التهديد باستخدام القوة". وكان السفير دوعاتبه عاد الى دمشق يوم الجمعة الماضي بعدما امضى اسبوعاً في انقرة بناء على طلب الخارجية التركية ل"اجراء مشاورات حول العلاقات السورية - التركية". ونفت مصادر السفارة التركية في العاصمة السورية صحة معلومات عن ان موظفيها سيعودون قريباً الى بلادهم. ورحبت مصادر سورية في تصريحات ل"الحياة" بجهود الوساطة التي بدأها الرئيسي المصري حسني مبارك ل"ازالة فتيل التوتر بين دمشقوانقرة رغم استمرار المسؤولين الاتراك في تصعيد اللهجة ضد سورية وعدد من دول المنطقة"، وأشارت الى ان عودة الرئيس مبارك الى دمشق بعد انقرة "مرتبطة بنتائج محادثاته" مع المسؤولين الاتراك. وكان وزير الخارجية الايراني الدكتور كمال خرازي اتصل مساء اول امس بنظيره السوري السيد فاروق الشرع لتأكيد "وقوف ايران الى جانب سورية ضد التهديدات التركية الاخيرة". وقالت مصادر رسمية ان خرازي أكد ايضاً "قلق بلاده البالغ من التصريحات التركية الموجهة" الى دمشق. ولفتت مصادر ديبلوماسية ايرانية الى احتمال دخول طهران على خط الوساطة الى جانب الجهود المصرية. وقالت المصادر ل"الحياة" في دمشق :"من الطبيعي ان تلعب ايران رئيس منظمة المؤتمر الاسلامي دور الوسيط في ازمة سياسية ظهرت بين دولتين اسلاميتين" هما تركيا وسورية. تركيا: لا تراحع في غضون ذلك، اكدت تركيا امس انها لن تتراجع عن موقفها من سورية بسبب الدعم الذي تقدمه لمقاتلي حزب العمال الكردستاني ما لم ينقل الرئىس المصري حسني مبارك تعهدات قاطعة من دمشق عندما يصل الى انقرة اليوم ضمن مساعٍ ديبلوماسية لنزع فتيل الازمة. وواصلت تركيا استعدادتها العسكرية فيما ركزت وسائل الاعلام اهتمامها على سيناريوات الحرب. وقام قائد سلاح الجو التركي الجنرال ايلهان كيليج بجولة في قواعد جنوب شرقي البلاد وسط تكهنات صحافية حول ضربة جوية تستهدف في مرحلة اولى تدمير الدفاعات السورية اذا لم تتراجع دمشق. وقال كيليج للصحافيين في قاعدة ديار بكر قرب الحدود السورية "اذا لم تحل المشكلة من خلال الوسائل الديبلوماسية يمكن حينئذ اللجوء الى وسائل اخرى لكن الدولة والامة لا تريدان الحرب". ولم تنقطع دعوات وجهها زعماء عرب الى الطرفين لضبط النفس. اذ تحادث ولي العهد الاردني الامير حسن بن طلال هاتفياً امس مع الرئىس التركي سليمان ديميريل، وحض على حل ديبلوماسي للازمة. لكن مسؤولين في الخارجية التركية لم يخفوا، في احاديث خاصة، شكوكهم في فرص نجاح مبارك ما لم يحمل تعهدات قوية من الحكومة السورية بتسليم زعيم الانفصاليين الاكراد عبدالله اوجلان الى تركيا او طرده من سورية. وتفجرت الازمة الاخيرة عندما اعلنت تركيا بشكل مفاجىء عن نفاد صبرها ازاء ايواء اوجلان في سورية. وقال نجاتي اوتكان الناطق باسم وزارة الخارجية التركية امس ان زيارة مبارك تأتي "في اطار العلاقات التركية - المصرية، ورغم انها ترتبط، بالطبع، بالتوترات مع سورية فإنها ليست مهمة وساطة". ولفت الى ان "الوساطة تحتاج الى ارادة كلا الطرفين وقبولهما. هل تقول سورية ان مصر هي وسيطها كي يمكن لنا ايضاً ان نقول ذلك"؟ واضاف: "سنرى ما سيحمله مبارك الى تركيا. نتوقع ان يأتي بمعلومات موثوق بها وبانطباع ما حول نيات سورية". ومن المتوقع ان يقوم مبارك بزيارة ثانية الى دمشق بعد اجتماعه بالمسؤولين الاتراك في انقرة. ونفى نجاتي تقارير تحدثت عن قمة ثلاثية تُعقد في مصر. جيم: كلام وافعال وقال وزير الخارجية اسماعيل جيم في تصريح لمراسلين في مدينة قيصري وسط البلاد امس ان تركيا "لا تصدق الكلام الذي لا تتبعه افعال، وكل بلد له الحق في الدفاع عن نفسه من الارهاب". واوضح ان "ليس لتركيا الاّ مشكلة واحدة مع سورية، وهي وقف الدعم الذي يقدمه هذا البلد الى الارهاب ... لقد اغلقت سورية الطرق الديبلوماسية، ولكن تركيا لن تبقى مكتفة الايدي في وجه ارهاب الانفصاليين الذين يحظون بدعم من سورية". وحظيت حكومة الاقلية في تركيا بزعامة رئيس الوزراء مسعود يلماظ بتأييد نادر من مختلف الاحزاب فيما يتعلق بموقفها ازاء سورية. ونقلت وكالة الاناضول للانباء عن رجائي قطان زعيم المعارضة الاسلامي الرئيسي وصفه للنظام السوري بأنه "عدونا". آلية للحوار وفي القاهرة، أكد وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى أن زيارة الرئيس مبارك لتركيا، اليوم، تهدف الى "احتواء الأزمة"، معترفاً بأنها "معقدة لكنها لا تستعصي على حل ديبلوماسي ولا تستدعي أي تصعيد أو عمل عسكري. ورفض الافصاح عن المقترحات المصرية التي يحملها الرئيس مبارك الى تركيا، مشيراً الى أن البيان الذي صدر عن سورية يدعو الى الحوار، وقال "إنه موقف لا بأس به لحل الأزمة والمشاكل القائمة بين البلدين". واضاف أن الرئيس مبارك عندما يذهب الى تركيا "يذهب باعتباره ممثلاً للجانب العربي وكرئيس للقمة العربية التي تدعو الى السلام في المنطقة". واكد ان مصر "تتدخل لحل المشكلة من جذورها وتسعى الى اقامة علاقة ايجابية بين البلدين الجارين"، مشيراً الى سعي مصري "لإقامة آلية للحوار".