ظهرت مؤشرات على بدء رضوخ بلغراد الى صيغة مشروع أميركي لحل مشكلة كوسوفو تم تعديلها مرات عدة في الجولات المكوكية التي قام بها المبعوث الأميركي ريتشارد هولبروك وفي اجتماع مجموعة الاتصال الأخير في لندن. ورفض البان الاقليم المشروع وصفوه بأنه سيؤدي الى استمرار تصاعد الصراع وبقاء شبح الحرب يهدد كوسوفو. واستمرت تهديدات حلف شمال الأطلسي بتوجيه غارات جوية فيما تصاعدت المخاوف في صفوف الأجانب في يوغوسلافيا. وأوقف المركز الاعلامي الأميركي في بريشتينا اعماله وأخذ العاملون في المنظمات الانسانية ووسائل الاعلام الأجنبية بمغادرة الاقليم في حين اعتقلت الشرطة الصربية مدير مركز اعلام البان كوسوفو أنور ماليوكي واستولت على ما كان بحوزته من مواد اعلامية وصور بما في ذلك، هاتفه النقال. وهدد عضو في الحكومة الصربية بأن اتفاق دايتون للسلام في البوسنة "سيصبح ملغياً" اذا تعرضت يوغوسلافيا الى غارات الحلف الأطلسي. وقال ان مصير الجنود الأميركيين "سيكون العودة الى بلادهم في نعوش". في غضون ذلك، اعتبرت وسائل الاعلام في بلغراد ان التهديدات المتصاعدة بالتدخل العسكري هي "للاستهلاك الاعلامي واستعراض القوة في البلقان وصولاً الى تنفيذ مخططات معدة سلفاً كما كان الحال عليه عشية ابرام اتفاق دايتون للبوسنة". ونقلت صحيفة "بلوس" المستقلة الصادرة في بلغراد امس الجمعة عن مصدر رفيع المستوى في حلف شمال الأطلسي ان قرار التدخل العسكري "لن يتخذ ما دام يعتقد المبعوث هولبروك بوجود أمل لانهاء الأزمة عن طريق محادثاته مع الرئيس ميلوشيفيتش". وأكد ان قرار التدخل العسكري "لن يصدر خلال الساعات القليلة المقبلة". ورفض المصدر الأطلسي الاجابة عن سؤال حول ما سيعرضه هولبروك لدى عودته الى بلغراد. ووصف مصدر صربي مطلع في مكالمة هاتفية مع "الحياة" من بلغراد ما أعلن من مطالب مجموعة الاتصال الدولية التي عاد بها هولبروك الى بلغراد بأنها "لن تلقى اعتراضاً من الرئيس ميلوشيفيتش في حال خلوها من ملحقات مطالب اخرى غير معلنة مثل نشر قوات عسكرية دولية او تدخل مباشر في شؤون دولة يوغوسلافيا". وجرى تحديد المطالب التي اعلنتها مجموعة الاتصال في اجتماعها أول من أمس الخميس في لندن ب "الوقف الفوري لكافة أعمال العنف وانسحاب قوات الأمن الصربية والأسلحة الثقيلة والسماح بحركة المنظمات الانسانية وعودة النازحين الى ديارهم والبدء بمفاوضات حول الحكم الذاتي والتعاون الكالم مع محكمة جرائم الحرب في لاهاي". ويغلب الاعتقاد لدى مراقبين ان هولبروك سيتوجه الى بريشتينا بعد اجتماعاته في بلغراد. ونشرت صحيفة "كوخا ديتورا" الالبانية الصادرة في بريشتينا أمس نص المشروع الأميركي الجديد المعدل لحل أزمة كوسوفو ووصفته بانه "لا يمنح الألبان ما كانوا يتمتعون به من حكم ذاتي في عهد يوغوسلافيا السابقة والى حد لا يطلق على كوسوفو أي اسم ولا يحدد بصورة واضحة صفة الاقليم". وفي تعليقه على المشروع قال رئيس تحرير "كوخاديتورا" فيتون سوروي ان "الاقليم يحصل بموجبه على ادارة ذاتية تقتصر على قوانين تخص الشرطة والبرلمان وحكومة محلية وهيئة رئاسة ولسي رئيساً، كما هو في البوسنة. ويشترك في هذه الادارة جميع سكان الاقليم بينما سيكون للالبان 20 نائباً في برلمان جمهورية صربيا من مجموع 250 نائباً و10 ممثلين في برلمان الاتحاد اليوغوسلافي من مجموع 138 نائباً وعضو واحد في كل من حكومتي صربيا ويوغوسلافيا". وأشار سوروي الى أنه "ستكون صلاحيات الدفاع والخارجية والمال والسوق التجارية والجمارك في اطار يوغوسلافيا وصربيا". واعتبر سوروي المشروع بأنه لا يمكن ان يقبله الالبان لأنه "سيؤدي الى تصاعد النزاع واستمرار بقاء احتمالات اندلاع الحرب في كوسوفو". وختم مقاله بقوله: "اذا أرادوا التزام حقوق الألبان المشروعة وايجاد حل حقيقي لمشكلة كوسوفو فلا بد من معاقبة بلغراد لا بشن غارات جوية فحسب وانما بنشر قوات برية".