النقد، والنقد السينمائي تحديداً، هو بالتأكيد، المهنة التي لا يريدها أحد. ولربما تكون مهنة من دون جمهور، ناهيك عن كونها مثل بقية المهن التي في طريقها الى الانقراض، مهنة يتناقص عدد المشتغلين بها، وتتزايد معدلات أعمار من يبقى فيها. من هنا احتفال الباقين، بمن يرحل منهم، ومحاولتهم إبقاء ذكراه ولو بشكل قسري. من هؤلاء الراحل سمير نصري، أحد أبرز الذين مارسوا هذه المهنة. الناقد الذي ربما يصح اعتباره المؤسس الحقيقي للنقد السينمائي الحديث في العالم العربي. في مصر، وبمبادرة من مجلة "السينما والتاريخ" وبجهد خاص من الناقد سمير فريد، صدر كتاب متواضع في عدد الصفحات هو الأول في سلسلة ستضم كتابات سمير نصري النقدية كما يفيدنا سمير فريد، يضم مجموعة حوارات اجراها سمير نصري على مراحل مختلفة مع يوسف شاهين الذي عمل معه نصري، مساعداً وكاتباً للسيناريو، على العديد من أفلامه، قبل أن يتحول الى النقد. حوارات نصري مع شاهين تتناول، خصوصاً، المرحلة الأخيرة من سينما هذا الأخير: من "اسكندريه ليه؟" الى "حدوتة مصرية"، وفيها يخوض نصري، مسانداً، مجمل الصراعات التي خاضها صاحب "الأرض" في زمن، هوجمت فيه أفلامه ووجهت اليها اتهامات عديدة. نظرة سمير نصري الى سينما شاهين معبراً عنها في حوارات ومقالات يضمها الكتاب، وكانت نشرت قبل ذلك في صحف عدة من بينها "الحياة" التي عمل فيها سمير نصري آخر سنواته نظرة متفهمة مندهشة مناصرة، ونظرة واعية أيضاً، حيث نلاحظ كيف أن الناقد يرى في أفلام معلمه، منذ وقت مبكر، أموراً لم يرها الكثيرون بوضوح إلا بعد ذلك بوقت طويل. كتاب حوارات سمير نصري مع يوسف شاهين، اطلالة جادة على عالم سينمائي، ولفتة طيبة من عالم النقد، في مصر، الى ناقد رائد، وخطوة أولى على طريق لو اكتملت لأصبح مجموعا لدينا كل ذلك الكم الجيد من الكتابات الواعية التي حملت توقيع سمير نصري ذات زمن. الكتاب: حوارات سمير نصري مع يوسف شاهين الناشر: مجلة "السينما والتاريخ" - مصر