أسست مجموعة من المصريين والاجانب المقيمين في مصر جمعية تحت اسم "الصديق المقرب" تهدف الى محاربة فكرة الانتحار بعد أن أكد بحث طبي حديث ان ما يزيد على نصف مليون مصري يقدمون على الانتحار سنوياً. وتقول مديرة الجمعية السيدة تيلي مولدر، وهي انكليزية تقيم في مصر، ان للجمعية 40 فرعاً منتشرة في انحاء العالم من الهند شرقاً الى البرازيل غرباً، ومن انكلترا شمالاً الى السودان جنوباً. تأسست الجمعية الاولى سنة 1953 في انكلترا، بعدما لاحظ الاطباء زيادة حالات الاقدام على الانتحار بسبب الضغوط المادية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، بالاضافة الى انتشار الكثير من الامراض النفسية التي لا تحتاج الى طبيب اختصاصي وانما الى شخص مقرب "يفضفض" معه المريض. وتقول مولدر انه يفضل ألا تكون هناك سابق معرفة بين هذا الشخص والمريض، والا تكون هناك مواجهة وجهاً لوجه بينهما، ولذلك فإن أنسب وأسرع هذه الطرق هي الهاتف. ولا يطلب عضو الجمعية من المريض معرفة اسمه أو عنوانه او ديانته او جنسيته. وتستطرد مولدر قائلة: "يعمل في الجمعية حالياً نحو 30 مصرياً واجنبياً، لا يتقاضون أجراً نظير عملهم، بل يقومون به تطوعاً للتخفيف عن آلام الناس ومعاناتهم". وللجمعية برنامج تدريبي موضوع على اساس علمي يخضع له المتطوعون، وقد وضعت هذا البرنامج مجموعة من علماء واطباء النفس، ويعتمد على ان يكون المتطوعون بمثابة حائط صد للتخفيف من معاناة الناس. والمتطوعون يؤدون هذه المهمة من دون اي تدخل في الحديث، بحيث يسترسل صاحب الشكوى بحرية من دون حرج، وليس عليهم في هذه المرحلة سوى الاستماع من دون اصدار احكام وانطباعات شخصية. ويشمل البرنامج تدريب المتطوع على كيفية مواجهة المشكلات التي يسمعها من صاحب الشكوى، وطريقة التصرف مع كل حالة على حدة. والعامل الاساسي لإنجاح هذه الطريقة هو إشعار المشتكي بالأمل في الحياة وجماليات الدنيا من حوله، وقد يُنصح البعض باستشارة الطبيب النفسي إن احتاج الامر. ومن نتائج دراسة اجرتها الجمعية على 3500 مكالمة تلقتها في العام الاول، وجد القائمون عليها ان المسنين هم الاكثر إقداماً على فكرة الانتحار بسبب فقدان اهتمام الابناء والاقارب، ومعاناتهم من الوحدة سواء في منازلهم او في دور الرعاية التي يقيمون فيها. ويليهم المراهقون الشباب إما لفشلهم في الحب او الامتحانات الدراسية، ومن مشاكلهم الرئيسية أيضاً الازمات الاقتصادية والبطالة ما يسبب لهم توترات نفسية جمة قد تؤدي الى التفكير في الانتحار. كما لاحظت الدراسة، من دون أن تؤكد ذلك، ان الانتحار ينتشر بين الطبقات ذات المستويات المادية المرتفعة والمشاهير اكثر من الطبقات المتوسطة. وإذا كانت شريحة الطبقة المتوسطة تحاول الانتحار فإنها تترك فرصة لإنقاذها، اي أن أفرادها يقدمون على الانتحار للفت أنظار من هم حولهم فقط! وأكدت الدراسة أن الاعتقاد السائد هو أن الانتحار يصيب اهل المدن والحضر أكثر من اهل الريف، وذلك لسرعة الحياة المدنية، والسعي الدؤوب وراء لقمة العيش، واستخدام الادوات الحديثة من اجهزة منزلية وسيارات وطائرات ما اعطى الشعور بالتسابق مع الزمن. اما في الريف فالنزعة الايمانية التي تحيط بالحياة اليومية، بالاضافة الى اللون الاخضر والهواء المنعش والحياة الهادئة، تقاوم الافكار السوداء وتساعد في تحمل اعباء الحياة.