بعد أقل من 48 ساعة من كشف وجود المواد الخام اللازمة لصناعة غاز السارين السام على متن الطائرة الاسرائيلية العال التي تحطمت فوق أمستردام قبل 6 سنوات، لم يعد أحد يجادل في ما إذا كانت اسرائيل تمتلك هذا الغاز الخطير كسلاح للدمار الشامل، اضافة الى ترسانتها النووية. ومع أن كشف هذه الحقيقة لم يحرج اسرائيل، وربما لن يحرجها مستقبلا، إلا أن العواقب السلبية لنشر وثائق الطائرة بالنسبة الى الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين واضحة تماماً، خصوصاً بعد أسابيع فقط على الغارة الأميركية على مجمع "الشفاء" في الخرطوم، وبعد التصعيد الذي شهدته المواجهة الأميركية - العراقية، وهما مسألتان ترتكزان على الاشباه في أن البلدين يطوران تجاربهما على غاز الأعصاب "في. اكس"، ضمن مواد أخرى، وهو غاز أقل خطورة من السارين بمرات عدة. وألقت الفضيحة مزيداً من الأضواء على معهد "نيس زيونا" الذي كانت الشحنة الخطيرة متوجهة اليه، إذ أكد مارك هيلير من معهد يافي للدراسات الاستراتيجية "ان المعهد يعد أكثر سرية من المجمع النووي في ديمونة في صحراء النقب، ويحظى بأعلى درجة من الحماية والكتمان". ومن ناحية ثانية، تشعر الادارة الأميركية من جهتها، بالحرج لأكثر من سبب، فالشركة المجهزة لاسرائيل وهي شركة سولكاترونيك كيميكالز لم تقدم اجوبة شافية للصحافة عن الهدف النهائي للشحنة، كما أن مادة ديميثيل ميثيلفوسفونات محظورة النقل جواً، ومدرجة ضمن المواد الخطرة التي يتعين أن تعامل معاملة خاصة اذا جرى تصديرها، وهو ما لم يحصل في الحالة الاسرائيلية. على المستوى الهولندي، تحاول الحكومة الهولندية تلافي العواقب العملية لسقوط الطائرة بحمولتها فوق ضاحية بالمير، ومنها وجود 300 حالة مرضية مرتبطة بالسموم المنبعثة من الحادث، و400 حالة أخرى من الاصابات والجروح الأخرى. كما كشفت التقارير الجديدة أن وزارة النقل أبعدت المركز الوطني للرقابة الصحية عن أي مهمة تتصل بالتحقيق في طبيعة المواد التي انتشرت في المنطقة، وهو أمر سيتولى الفصل فيه التحقيق البرلماني، ضمن قضايا عديدة أخرى منها أن الوزارة قبلت الرواية الاسرائيلية التي ادعت عدم وجود مواد خطرة على متن الطائرة. وقدمت الحقائق الجديدة التي تؤكد بشكل شبه قاطع امتلاك اسرائيل أسلحة كيماوية اجابات وافية عن سبب امتناع اسرائيل عن تصديق معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية التي كانت وقعت عليها. وأجاب أحد المسؤولين الاسرائيليين على سؤال لصحافي هولندي بهذا الصدد بالقول: "ان الدول الأعضاء في المعاهدة ملزمة السماح بالتفتيش الدولي على منشآتها، وهو ما قد يقود كشف القدرات النووية أيضاً"