يدخل المنتخب العماني لكرة القدم دورة كأس الخليج الرابعة عشرة التي تنطلق غداً في البحرين بمغامرة جديدة، اذ سيدفع ب 15 لاعباً يشاركون للمرة الأولى في الدورة بعد أن فسخ اتحاد الكرة عقد المدرب الإنكليزي إيان بورتفيلد قبل البطولة ب 40 يوماً فقط. والمغامرة الجديدة قد تكون سلاحاً ذا حدين: الحد الأول أن الفريق الجديد الذي سيشارك في البطولة لا يملك شيئاً يخسره، وإذا لم يوفق في إحراز نتائج متقدمة فسيكسب خبرة تعينه في البطولات المقبلة. ويرى مساندو هذا التوجه أن المجموعة الجديدة هي حطب لشتاء الكرة العُمانية. أما الحد الثاني فهو أن المجموعة التي إنتقاها البرازيلي فييرا، المدرب البديل، هي مزيج من لاعبي منتخبي الشباب والناشئين الذين حققوا بطولة كأس آسيا على مستوى الناشئين وبلغوا مرتين متتاليتين نهائيات كأس العالم 9519 و9719، واستطاعوا أن يحرزوا في المرة الأولى المركز الرابع ووصلوا في المرة الثانية الى دور الثمانية، ولذلك يعول عليهم المتفائلون بأن يواصلوا إنجازاتهم لأنهم خبروا قاعدة الانتصارات! هذه تحليلات تسبق المشاركة في بطولة تهم العمانيين أكثر من أي بطولة أخرى، ولا توازيها كأس آسيا ولا بطولة العالم، بالرغم من أنهم لم يحرزوا طوال المشاركات الإحدى عشرة السابقة أي نتائج متقدمة. وأفضل ما حققه منتخبهم حتى اليوم كان المركز الرابع قبل الأخير في دورة الخليج العاشرة بالكويت عام 1990 بعد انسحاب منتخبي السعودية والعراق. إلا أن المنتخب العُماني يحمل قصة غريبة. فهو المنتخب الخليجي الأول الذي بدأ الاستعداد للدورة عندما تعاقد مع الإنكليزي بورتفيلد قبل 365 يوماً من الآن وبدأ الإعداد في بداية العام الجاري، ولعب أولى تجاربه مع المنتخب الألماني في شباط فبراير الماضي في مسقط بعد مرحلة الإعداد الفنية، وخاض عدة معسكرات داخلية وأخرى خارجية في فرنسا وألمانيا، ولعب عدداً كبيراً من التجارب الودية مع منتخبات عربية وأخرى أفريقية، إلا أن الإنكليزي فشل في الوصول الى صياغة مقنعة للفريق الذي سيشارك به العمانيون في البطولة الخليجية المرتقبة، وفي نفس الوقت يسير الزمن بسرعة نحو البطولة والمنتخب غير واضح المعالم، فبدأ الخوف يدب في قلوب المتابعين والجمهور على حد سواء. وبعد اجتماعات ساخنة متتالية، تمت إقالة بورتفيلد قبل البطولة بأربعين يوماً وهو أول مدرب يتم التعاقد معه والاستغناء عنه من مدربي المنتخبات الخليجية الستة، ولم يكن أمام اتحاد الكرة العماني سوى البرازيلي فييرا مدرب منتخب الشباب الذي تحول من متهم بسبب إخفاقه مع فريق الشباب في كأس آسيا الى نجم مع المنتخب الأول لأنه استطاع أن يحول عقارب الساعة لصالحه في 24 ساعة من استلامه لمهمة التدريب. ولم تكن أمام أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العُماني سوى إقالة بورتفيلد الذي أضاع الوقت ولم يستطع أن يحسم الأمور فجعل المنتخب يعيش فترة أرق لعدم اتضاح التشكيلة التي ستلعب البطولة الخليجية. وربما كان لبورتفيلد عذره بسبب رياح الإصابات التي لحقت بمعظم النجوم الأساسية أمثال سيف الحبسي والطيب عبدالنور وسعيد شعبان وأحمد خميس قائد الفريق. إلا أن العذر كان أقبح من الذنب لأن المدرب ظل متردداً في اختيار لاعبين بدلاء من وقت مبكر رغم اتضاح حجم الإصابات بالفريق، وهو ما عرف فييرا معالجته بسرعة البرق عندما اختار70 في المئة من لاعبي منتخب الشباب الذين شاركوا في كأس آسيا ودمجهم مع بقية الأصحاء الذين سيعينونهم بخلفية الخبرة خلال البطولة الخليجية. وفعلاً، نجح فييرا في أول اختبار بعد 24 ساعة من استلامه المهمة، وفاز المنتخب على زامبيا وقدم عرضاً أراح به الأعصاب المشدودة، وضرب المدرب الجديد عصفورين بحجر واحد، العصفور الأول أنه كسب ثقة أعضاء مجلس الإدارة والجماهير التي أصبحت تهتف به على اعتبار أنه القشة الوحيدة التي يمكن أن تنقذ الفريق من الغرق في مثل هذا التوقيت، والعصفور الثاني أنه صار مدرب المنتخب في كأس الخليج بعد أن كان يخرج مُقَالاً من منتخب الشباب. ويرى المتابعون بأن فييرا مدرب محظوظ، فهو نفسه الذي قاد منتخب ايران الى التأهل الى نهائيات كأس العالم الأخيرة في فرنسا في اللحظة الأخيرة. ومن هذه الزاوية، بنى العُمانيون تفاؤلهم بالمدرب الجديد الذي يمكن أن يحرز نتائج متقدمة في البطولة، رغم حداثة سن لاعبيه وقلة خبرتهم في بطولات الخليج! وبعدها أقام المنتخب معسكره في تونس ولعب أربع مباريات، وكانت النتائج جيدة، ومن ثم ودع جماهيره بفوز وتعادل مع منتخب بوركينا فاسو، وزاد الجماهير العمانية ثقة قبل أن يغادر الى محطته الأخيرة بطهران ومن ثم الى كأس الخليج. ورغم كل رياح التغيير التي هبت على المنتخب العماني، الا أن ذاكرة الجمهور ما زالت تسترجع أحداث مشاركات فرقها في دورات الخليج وهي التي تعرف تماماً بأن منتخبها لم يحرز طوال المشاركات الماضية سوى فوز واحد على المنتخب القطري، وعليه تأمل بأن تكون البداية موفقة في المشاركة المقبلة والتي تستهل بلقاء منتخب قطر. والأسماء الجديدة التي يعتمد عليها المنتخب فرضت نفسها بقوة في الآونة الأخيرة أبرزها هاشم صالح هداف منتخب الناشئين في كأس العالم للناشئين في مصر 9719، ومجدي شعبان قائد خط الوسط للفريق الذي تفوق على من سبقوه في الخبرة في الدوري المحلي، وهاني الضابط المهاجم الذي تخرج من نفس مدرسة يونس أمان هداف العرب في عقد الثمانينات، وتقي مبارك الذي أخذ مكان شقيقه نبيل "الوطواط". ومن المفاجآت التي يحملها منتخب عمان في مشاركته مدافعه سلطان الإسماعيلي الذي كان السبب في بلوغ منتخب عمان الى نهائيات كأس العالم 9519، ولاعبون جدد آخرون مثل خالد عباس وقاسم الحبسي. والمجموعة الباقية التي يعول عليها الجهاز الفني بأن تكون قائدة لهذه الفئة المتحمسة تكمن بوجود محمد خميس الظهير السريع وجمعة صالح حارس المرمى وحسين حسن الذي يمكن أن يضبط ايقاع اللعب بحكم أنه أكبر اللاعبين سناً.