عرفت العاصمة المغربية الرباط امس مواجهات بين قوات الأمن واعداد كبيرة من حملة الشهادات الجامعية الذين حاولوا تنظيم تظاهرة احتجاجية في الشوارع الرئيسية للعاصمة، مطالبين الحكومة بحل مشاكلهم. وكانت الجمعية المغربية للطلاب العاطلين عن العمل دعت الى تنظيم تظاهرة على امتداد ثلاثة ايام بمشاركة مئات الطلاب الذين قدموا الى العاصمة من مختلف المدن المغربية. لكن السلطات رفضت الترخيص للتظاهرة، لكن منظميها اعتبروا ان الرفض غير مبرر، لافتين ان الجمعية المعنية قدمت الأربعاء الماضي طلباً في هذا الشأن. وتقول المصادر الرسمية ان الترخيص يمنح للمنظمات المعترف بها قانونياً، كما ان دوافع أمنية تحول دون التظاهرة، كونها كانت ستعبر شوارع رئيسية، وتعطل اعمال السكان وتحدث ارتباكاً في حركة السير. وقال شهود عيان ان قوات الأمن تدخلت لتفريق الشبان العاطلين الذين كانوا يرددون الهتافات، مما تسبب في وقوع جرحى واعتقال بعض الطلاب. وصرح مصدر في جمعية الطلاب ان الجرحى نقلوا الى مستشفى ابن سيناء في الرباط للمعالجة، وان عضوين من المكتب التنفيذي للجمعية اعتقلا في تلك المواجهات. وقال صحافيون ان قوات الأمن منعتهم من التقاط صور التظاهرة، وان احدى الصحفيات سقطت أرضاً إثر اندفاع بشري، مما تسبب في اصباتها بجروح خفيفة، تلقت على أثرها العلاج في مصحة خاصة في الرباط، وأوضح شهود عيان ان بعض المتظاهرين واجهوا الصحافيين لكي لا يتم التقاط صور لهم، خصوصاً ان عمليات التفريق جعلت المتظاهرين يتوزعون الى مجموعات اخترقت شوارع فرعية في المدينة. يذكر ان هذه هي المرة الأولى التي تتدخل فيها قوات الأمن لتفريق تظاهرة غير مرخص لها، منذ تولي الحكومة الجديدة التي يرأسها السيد عبدالرحمن اليوسفي مسؤوليتها قبل اكثر من ستة اشهر، لكن سبق لها ان منعت تظاهرة كان يعتزم تنفيذها محامون ونشطاء في مجال حقوق الانسان للتضامن مع نائب رئيس رابطة حقوق الانسان التونسية السيد خميس قسيلة المعتقل منذ فترة. وفسر الموقف وقتذاك انه حرص على العلاقات المغربية - التونسية التي عرفت انتعاشاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، علماً أن صحافة الاتحاد الاشتراكي التي يديرها رئيس الوزراء كانت تنتقد سابقاً السلطات التونسية لانتهاكها حقوق الانسان. ولاحظت المصادر انه على عكس حركة الاعتصام التي نفذها دكاترة ومهندسون لفترة دامت حوالى شهرين أمام مقر البرلمان المغربي، دون ان تتدخل قوات الأمن، فإن تظاهرة امس شكلت تحدياً حتم على حكومة اليوسفي مواجهته بأقل قدر من الخسارة. فقد سبق لاحزاب المعارضة الرئيسية قبل توليها المسؤولية الحكومية ان ساندت جمعيات الطلاب حملة الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل، واستضافت مركزيات نقابية سلسلة من اجتماعاتهم، وكانت هذه الاحزاب تعيب على الحكومات السابقة عدم ايجاد فرص عمل للعاطلين الشباب، بيد انها لم تستطع ان تقر في الموازنة المالية للعام الجاري اكثر من 12 ألف فرصة عمل. وكان وزير الداخلية المغربي ادريس البصري تدخل في وقت سابق لحل مشكل حملة الشهادات المعتصمين أمام البرلمان، ودعا العاهل المغربي الملك الحسن الثاني في غضون ذلك الى عقد ندوة حول الملفات الاجتماعية، تركز على ايجاد العمل لحملة الشهادات الجامعية، على اساس تشغيل 25 ألف شاب في العام، ضمن خطة للاربع سنوات المقبلة. واستبعدت أوساط سياسية ان تكون للاحداث خلفيات سياسية، على اساس ان الاتحاد المغربي للعمل الذي ينتقد أداء حكومة عبدالرحمن اليوسفي كان تحول الى مركز لإيواء اعتصامات الطلاب في وقت سابق، لكن مضاعفات الحادث ستؤثر حسب أكثر من مصدر في الأولويات التي تلتزمها الحكومة الجديدة. من جهة اخرى أ ف ب، دانت الرابطة المغربية لحقوق الانسان مستقلة بشدة العنف الذي تعرض له المتظاهرون. وخلال المواجهات صادرت الشرطة معدات مصور وكالة "فرانس برس" ومنعت الصحافيين من الاقتراب من المتظاهرين. وصادرت الشرطة فيلماً من احد المصورين. ودفع رجال الشرطة بعنف ايضا مراسلاً لهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي فسقط على الارض خلال تفريق التظاهرة في وسط المدينة الذي طوقته قوات الامن تماما. وقالت الرابطة في بيان ان الشرطة اوقفت عشرات الاشخاص واوقعت العديد من الجرحى بين المتظاهرين. وأوضحت جمعية المجازين التي اتصلت بها وكالة "فرانس برس" ان المعلومات الاولية التي جمعتها تفيد ان اربعة من اعضائها اصيبوا بجروح بالغة في الاشتباكات، وبينهم الامين العام للجمعية ونائب رئيسها محمد صابر بن سعيد وخالد اوراهو. واعتبرت الرابطة المغربية لحقوق الانسان ان قمع الشرطة يشكل "انتهاكا فاضحا لحرية التعبير في المغرب". وأكدت دعمها للمجازين العاطلين عن العمل الذين يبحثون عن وظيفة للمرة الاولى، معتبرة ان الحق في العمل مطلب شرعي تقره قوانين البلاد.