النقاش الدائر ليس على مستوى أفلام مهرجان "قرطاج السينمائي" الذي يُقام هذه الأيام ما بين الثالث والعشرين والحادي والثلاثين من الشهر الجاري، بل على مستوى أفلام مهرجان الفيلم العربي في باريس الذي اقيم في تموز يوليو الماضي. عدد من أفلام ذلك المهرجان انصب هنا أيضاً من بينها فيلم "الترحال" لريمون بطرس المخرج السوري الذي يعتقد أن عضو لجنة التحكيم في المهرجان السابق المخرج المصري محمد خان لعب دوراً سلبياً في عدم منح "الترحال" الجازئة الأولى، أو أي جائزة اخرى. ويحاول ريمون أن يؤكد لمحمد أن ما سمعه من تدخل محمد لحجب الفيلم عن الجائزة، أو العكس، كلام موثوق به، ويحاول محمد ان يؤكد لريمون ان فيلمه لم يصل إلى الترشيحات الأخيرة لكي يؤيده أو يمانعه. والله وحده يعلم اذا اقتنع ريمون بهذا الكلام، لكن الصديقين عادا من العشاء في تلك الليلة منهكين. مهرجان قرطاج السينمائي مناسبة للكشف عن مواهب مخفقة مختلطة بأعمال تصدر بلا خامات حقيقية. وهو مناسبة لاستعراض واقع السينما العربية، كل عامين. مثل الطبيب الذي يطلب من مريضه العودة إليه بعد سنتين للمعاينة العامة، خلالهما يكبر، لا المريض وحده، بل الطبيب المعالج. تشعر وأنت هنا، ان كلاهما أصبح بحاجة إلى "كاراج" لإجراء تصليحات كبيرة. السؤال المشروع هو إذا كان المهرجان العربي - الافريقي يستطيع وحده أن يبعث في جسد السينما العربية الحياة التي يستحق. الأفلام تصل إليه محملة ومثقلة بالأعباء: احباطات وتوقف عجلة الانتاج أو ايقافها عند حد معين وأعباء الاخفاق في صنع عمل يتحدث عنه الناسب بخلاف مخرجه على أنه فاصل مهم في تاريخ السينما العربية حتى القريب منها مع تعثر مسيرة العالم العربي بأسره. ما عرض في هذه الدورة إلى الآن خمسة أفلام متسابقة هو تأكيد لما سبق. أهم تلك الأفلام هو "عرق البلح" لرضوان الكاشف و"الترحال" لريمون بطرس، على حسناتهما لا يخلوان من متاعب عمل وتنفيذ وابداع، هي حالة منتشرة نجدها في العديذ من أفلام اليوم التي يؤازرها بعض النقاد أو يعارضونها على أساس الرغبة أو النيّة.