لندن - رويترز - العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين اسرائيل وتركياوالاردن لا يمكن تجاهلها في الشرق الاوسط. ففي الوقت الذي يعتبرها المنتقدون محورا عسكريا جرت صياغته للسيطرة على المنطقة، ينظر الىها المؤيدون على انها شراكة بين عقليات ديموقراطية متشابهة لاحلال السلام والرخاء في منطقة صعبة. وفي الوقت الذي يصارع فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في محاولة لانهاء الجمود في عملية السلام وفي ظل التهديدات التي وجهتها تركيا الى سورية بعد مزاعم بأنها تؤوي الثوار الاكراد اجتمع ديبلوماسيون وخبراء كبار من الدول الثلاث في لندن لمناقشة علاقاتهم الجديدة. واوضحت رسائل مساندة من نتانياهو والامير حسن ولي العهد الاردني ومسعود يلماظ رئيس الوزراء التركي اهمية الشراكة المتزايدة والطرق المختلفة التي ينظر بها كل من الثلاثة الى هذه العلاقة. وشدد نتانياهو على "الاحترام المتبادل للحاجات السياسية لكل دولة والفهم المتبادل للاولوية الممنوحة للامن والحاجة الملحة لمحاربة الارهاب والحيلولة دون امتلاك انظمة الحكم المتعصبة لاسلحة غير تقليدية". اما الامير حسن فأكد الحاجة "الى النظر الى قضية الامن على نطاق اوسع يتضمن الاجراءات الامنية الهادئة واحترام كرامة الانسان والابعاد الثقافية" في الشرق الاوسط. وتحدث يلماظ عن مبادرة بناءة للكشف عن المزيد من امكانات المنطقة وأصر على ان "المؤتمر سيوضح ان هذه المبادرة ليست تحالفاً عسكريا وانها غير موجهة ضد اي دولة اخرى". ولكن هذا لم يمنع السفير التركي اوسديم سانبيرك من الهجوم على سورية متهما دمشق بشن حرب غير معلنة على أنقرة بتوفير المساعدة والمأوى لثوار حزب العمال الكردستاني. واضاف في تصريحات اسعدت الاسرائيليين ووضعت الاردنيين في موقف محرج: "تركيا مصممة على طرد الارهابيين من الاراضي السورية الى الابد". وكان هذا قبل ان يوقع مسؤولون سوريون واتراك اتفاقا الثلثاء الماضي تعهدت فيه دمشق بمنع اي نشاطات لپ"حزب العمال" على أراضيها ووافقت على معظم مطالب أنقرة لتفادي تهديد تركيا بالقيام باجراء عسكري. ويتهم وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع اسرائيل بمحاولة اقامة تحالف عسكري سيضعف من عملية السلام في الشرق الاوسط وسيضع المنطقة على طريق محفوف بالمخاطر والتوتر والانفجارات المحتملة. ومؤتمر لندن الذي اطلق علىه اسم "النظرة الاستراتيجية في الشرق الاوسط" ونظمه المركز البريطاني - الاسرائيلي للشؤون العامة لن يسهم في تهدئة المخاوف السورية من التطويق المحتمل او القلق المصري من تأسيس تحالف اقليمي جديد. ورسم دافيد ايفيري وهو مسؤول دفاع اسرائيلي كبير وقائد سابق للقوات الجوية صورة كئيبة للشرق الاوسط بانها ستغرق في التطرف والارهاب وأسلحة الدمار الشامل. وأضاف ان الصواريخ ذاتية الدفع بدأت تغير بالفعل المنطقة وتضعف من الردع التقليدي للصراع المسلح0 ولاسرائيل وتركياوالاردن اهتمام مشترك في التعاون في مجال انظمة التحذير المبكر والصواريخ المضادة للصواريخ التكتيكية. وسعى بارلاس اوزينير سفير أنقرة لدي اسرائيل للتقليل من شأن الجانب العسكري في التعاون التركي - الاسرائيلي الذي وصفه نتانياهو في ايلول سبتمبر بأنه "المحور الاساسي" في ترتيب امني اقليمي. وأضاف "ماذا يمكن ان نفعله لكي نقنع اخوتنا العرب بأن ما يرونه ليس تحالفاً". واعترف بالقيمة الاستراتيجية للتدريبات التي يقوم بها الطيارون الاتراك على معدات الكترونية عسكرية في صحراء النقب في اسرائيل ولحصول الطيارين الاسرائيليين على فرصة فريدة للتدريب في اجواء تركيا. ويتعاون البلدان ايضا في مجال المخابرات. ويقوم الاردنوتركيا بمناورات عسكرية مشتركة ايضا ويعتزمان القيام بتدريبات بالطائرات في مجالىهما الجوي. واوضح اوزينير ان التجارة التركية - الاسرائيلية ارتفعت من 220 مليون دولار في 1993 الى 850 مليوناً هذه السنة في مجال السلع المدنية فقط. واكد افرايم اينبار مدير "مركز بيغين والسادات للدراسات الاستراتيجية" في جامعة بار ايلان اهمية التعاون بين الدول الثلاث التي تواجه تهديدات من سورية والعراق وايران. وقال ان لاسرائيل والاردن هدفا مشتركا يتمثل في احتواء القومية الفلسطينية والراديكالىة الاسلامية0 واضاف ان الاردن منح اسرائيل "عمقا استراتيجيا" مقابل "مظلة وقائية". ومضى يقول ان اسرائيل وتركيا أقوى قوتين عسكريتين في الشرق الاوسط. وزاد: "الدول الثلاث موالىة للغرب ومهتمة بنفوذ الولاياتالمتحدة ومتشككة من محاولات روسيا العودة الى المنطقة، وتفهم الدول الثلاث... قواعد اللعبة في الشرق الاوسط بما في ذلك استخدام القوة والردع ... وللدول الثلاث حدود مع سورية مصدر التهديد الفوري لها كما انها تسعى الى كبح الراديكالىة الاسلامية... وتشعر بالقلق من سوء استخدام اسلحة الدمار الشامل". وقال المخطط السياسي في الادارة الامريكية هنري باركي ان "العلاقة العسكرية الاستراتيجية" لعبت دورا بارزا في العلاقات بين اسرائيل وتركياوالاردن، ولكن الولاياتالمتحدة تود ان تمتد الشراكة بحيث تشمل العلاقات الاقتصادية. ولا يشعر الاردن براحة من فكرة الشراكة الاستراتيجية وربما يرجع ذلك الى رفض "الشارع العربي" للعلاقات مع اسرائيل. وقال اللواء المتقاعد ومفاوض السيطرة على الاسلحة الاردني معروف البخيت ان هناك مخاوف مشتركة بين الدول الثلاث وليست علاقات هيكيلة. ودافع عن بناء الثقة الاقليمية واتخاذ اجراءات للحيلولة دون نشوب صراعات بدل تطوير اسلحة مضادة للصواريخ.