استقال الاتحاد الاردني يوم الاحد الماضي. فما هي القصة؟ لقد اصيبت كرة السلة الأردنية بضربة موجعة، في خضم الجهد المبذول لتنقية صورتها التي اهتزت في الدورة الرياضية العربية الثامنة قبل عام واحد في بيروت، خصوصاً أن الأردن مقبل على استضافة الدورة التاسعة صيف العام المقبل. وسطع نجم كرة السلة الأردنية عندما تدلت المداليات الذهبية من أعناق نجومها في الدورة السادسة عام 1985 في المغرب... لذا، فإن الأردن حريص على أن يعتلي منتخبه منصة التتويج على أرضه وأمام جمهوره. وأعد اتحاد كرة السلة الأردني برنامجاً بدأه قبل نحو ثلاثة أشهر وقد تضمن معسكراً لأسبوع واحد في أثينا مع ست مباريات مع أندية الدرجة الأولى وأحد أندية المحترفين ففاز في اثنتين وخسر أربع. مفاجأة الجزيرة واستبشر الاتحاد خيراً، خصوصاً أن المعسكر اقيم قبل أسبوع واحد فقط من دورة وليم جونز الدولية التي ينظمها سنوياً الاتحاد التايواني. وخاض المنتخب قبل توجهه الى تايوان مباراة واحدة في عمّان مع نظيره العراقي وأنهاها في مصلحته بفارق كبير بلغ 28 نقطة 95-67. لكن نادي الجزيرة أعلن فجأة تجميد مشاركة لاعبيه في المنتخبات الوطنية كافة، فخاض المنتخب الأردني المباراة الثانية من دونهم أمام العراق، وقد انتهى زمنها الأصلي بالتعادل 79-79 ثم آثر العراقيون عدم خوض التمديد لكسر التعادل... وهنا اكتشف الاتحاد مدى الارباك الذي سببه سحب معن عودة ويوسف أبو بكر وحسام لطفي وعلاء بلبيسي من صفوف المنتخب. رئيس نادي الجزيرة وزع بياناً صحافياً كال فيه الاتهامات إلى الاتحاد، وبالخصوص إلى رئيسه مضر مجذوب ومدرب المنتخب مراد بركات الذي كان يوماً ما ألمع نجم سلوي أردني على الاطلاق... وانصبت الاتهامات على محاباة الاتحاد الوطني للنادي الارثوذكسي من خلال اختيار لمجموعة كبيرة من مدربيه للعمل ضمن الجهاز الفني للمنتخبات الوطنية ومجاملة هؤلاءالمدربين للاعبي الارثوذكسي على حساب لاعبي الجزيرة ومن هؤلاء، بالطبع، اللاعبون الأربعة الذين جمدت مشاركتهم في صفوف المنتخب. وكان على البعثة الأردنية أن تغادر في اليوم التالي إلى تايوان، والتقاها وزير الشباب طلال الحسن صبيحة يوم السفر، وأعلن أنه كلف الأمين العام للوزارة بمتابعة الإشكال وحله على وجه السرعة. وكان مقرراً أن يلتحق اللاعبون الأربعة عودة وأبو بكر ولطفي وبلبيسي بالبعثة بعد يومين من سفرها، وجاء ذلك من خلال رسالة بعثها الأمين العام لوزارة الشباب بپ"الفاكس" إلى مضر مجذوب، لكن الرسالة تأخرت يومين قبل أن تصل إلى مجذوب في تايوان. ولما كانت تتضمن استمزاجاً في إلحاق اللاعبين الأربعة، جاء الرد من تايوان بعدم وجود أي داعٍ لالتحاقهم لأن الرحلة تستغرق يومين وسيكون المنتخب قد أنهى أو يكاد ينهي مبارياته في الدور الأول. المراقبون أبدوا دهشتهم بعدم صدور قرار يوضح موقف الاتحاد من سابقة اعتبروها خطيرة، وضربوا على ذلك مثلاً... لو قررت إدارة نادي الوحدات أو إدارة النادي الفيصلي أو كلتاهما معاً تجميد مشاركة نجومهما في المنتخب الأردني لكرة القدم، هل كانت وزارة الشباب ستصمت؟ أو هل كان اتحاد كرة القدم سيقف مكتوف اليدين؟ في الماضي، شكل كل من النادي الأهلي والنادي الارثوذكسي ضغطاً على مجالس إدارات اتحاد كرة السلة، لكن أياً منهما لم يجرؤ حتى على مجرد التفكير بسحب نجومه من المنتخب... ومتى؟ عشية المشاركة ببطولة دولية اعتبرها الاتحاد محطة مهمة قبل المشاركة بدورة الألعاب الآسيوية في بانكوك أواخر هذا العام ورافداً من روافد الإعداد للدورة الرياضية العربية في العام المقبل! وفي الواقع، فإن ضيق قاعدة الأندية وعدم توافر الخيارات الكافية أمام الاتحاد هو ما دفع الأخير إلى ادعاء الحكمة وحل الاشكال بصبر واناة! ففريق نادي الجزيرة ألغى قاعدة قطبي كرة السلة الأردنية التي كان يمثلها الأهلي والارثوذكسي، بل أن الأهلي تراجع في هذا الموسم تحت ضغط الديون الهائلة التي اعجزته عن الانفاق، ووجد الجزيرة نفسه، تالياً، قوة فاعلة في ساحة كرة السلة فخطف لقب البطولة في الموسم الماضي وحل وصيفاً في هذا الموسم، لذا لم يتردد في المجاهرة بالقول إن رئيس الاتحاد بصفة خاصة وأعضاء الاتحاد ينحازون للنادي الارثوذكسي. المدرب مراد بركات أنكر التهم الموجهة إليه، وأكد أن لا علاقة بين كونه مدرباً للنادي الارثوذكسي ومدرباً للمنتخب الوطني، وقال إن جميع لاعبي المنتخب عنده سواسية، فلا يحابي أحداً ولا يجامل عند اختيار التشكيلة أو لدى إبقاء اللاعب في الملعب أو سحبه. إيضاح من لاعب بيد أن يوسف زغلول، قائد الأهلي، الذي كان ضمن ما يطلق عليه في الأردن "المجموعة الذهبية"، لم يخف تعاطفه مع قضية لاعبي الجزيرة، وقال: "عندما خضنا مباراتنا أمام العراق قبل التوجه إلى تايوان، لم يقم مراد باختيار شقيقه هلال قائد المنتخب ضمن التشكيلة الأولى الأساسية، فرفض هلال بعد ذلك الاشتراك في المباراة، ومع ذلك لم تُوقع عقوبة في حقه بل أصبح يخوض مبارياتنا في دورة وليم جونز أساسياً وقلما خرج للراحة. أما نحن فلا نحصل على فرص كالتي كان مراد يعطيها لشقيقه". ... وإيضاح من متخصص الزميل سمير جنكات الناقد المتخصص في كرة السلة، رافق المنتخب إلى تايوان وتابع على الطبيعة مباريات البطولة التي حل فيها الأردن سادساً بين عشرة منتخبات جلها آسيوية باستثناء منتخب كوستاريكا بطل أميركا الوسطى. ولدى استطلاعنا رأي جنكات أجاب: "أجريت دراسة احصائية حول معدل عدد الدقائق التي لعبها كل لاعب خلال خمس مباريات خاضها المنتخب في الدورة، وتبين بالفعل ان هلال لعب بمعدل 32 دقيقة في المباراة الواحدة زمن المباراة هو 40 دقيقة، وهو معدل مرتفع جداً بالنسبة إلى لاعب في سن هلال 34 عاماً ومؤثر على لياقته البدنية". وأضاف جنكات: "لكن يفترض بنا أن نبحث عن الأسباب، فالمنتخب عانى من غياب اثنين من لاعبي الجزيرة يلعبان في مركز الوسط لاعب ارتكاز، كما أن كمال الحلو اصيب اثناء الاحماء للمباراة الأولى أمام تايوان بتقلصات عنيفة في معدته استدعت نقله على وجه السرعة إلى المستشفى وغاب بعد ذلك عن مباريات الدورة باستثناء دقيقتين لعبهما أمام الإمارات بهدف طمأنة والدته وأهله في عمّان... وهكذا، لم يبق في الفريق كلاعب ارتكاز سوى أشرف سمارة وأيمن دعيس 22 و20 عاماًعلى التوالي، وهما يفتقران إلى الخبرة الميدانية الكافية. فلعب سمارة بمعدل 30 دقيقة في المباراة ودعيس بمعدل 36 دقيقة، ولأن هلال الذي يلعب حالياً في مركز الجناح يتمتع بخبرة لاعب الارتكاز منذ عهده الذهبي، فقد استعان به شقيقه المدرب مراد ليلعب بهذا المركز بمعدل 24 دقيقة، أي أنه لعب بمركز الجناح بمعدل 8 دقائق فقط، وهو معدل يقل ثلاث دقائق عن معدل زغلول الذي تناوب مع ثلاثة لاعبين آخرين على شغل الجناحين وهم جان ساحلية 4 دقائق ومحمد الشمالي 20 دقيقة وناصر بسام 36 دقيقة. وأوضح الناقد: "مراد بركات يتصف بالذكاء، بحث عن سمعته دائماً منذ كان لاعباً، جاد في التدريبات ومقاتل خلال المباريات... والآن، بعد أن اكتمل نضجه، هل نتوقع منه أن يتصرف بغباء؟ انه يبحث عن مجد جديد كمدرب ناجح، والمدرب الناجح لا يقع فريسة عواطفه "النادوية". مائدة مستديرة وأقر جنكات بأن ضيق القاعدة يكبل يد الاتحاد ويجعله عاجزاً عن اتخاذ قرارات صارمة، واستذكر دوره نائباً لرئيس الاتحاد أربع سنوات لتجنب الاشكالات مع الأهلي والارثوذكسي - قبل أن يدخل الجزيرة حلبة الصراع - وقال : "من الأسلم أن تتدخل وزارة الشباب بجدية وفاعلية وتدعو إلى عقد مائدة مستديرة تدعو إليها الاتحاد وأندية الجزيرة والارثوذكسي والأهلي لحل الإشكال والاتفاق على ميثاق شرف يلتزم به كل الأطراف". وقال: "لو وجد لاعبو الجزيرة ضمن صفوف المنتخب، لبلغ الأردن المباراة النهائية، وهناك الآن لاعب جديد قادم من الضفة الغربية اسمه موسى بشير يبلغ من العمر 20 سنة وطوله 210 سم يقال إن الاتحاد الإسرائيلي لكرة السلة عرض عليه الجنسية واللعب ضمن صفوف المنتخب الإسرائيلي مقابل تخليه عن جواز سفره الأردني، لكنه رفض وانضم إلى صفوف الجزيرة وقد يرتدي قميص المنتخب الوطني الأردني... إذا ما عادت الأمور إلى مجاريها وانجلت أزمة الثقة، فمن المحتمل أن يزول الخطر وتعود كرة السلة الأردنية إلى سابق القها ووهجها".