يتوقع ان يسجل الحساب الجاري في معظم دول الخليج العربية عجزاً السنة الجارية بسبب انخفاض اسعار النفط واستمرار التحويلات الخارجية ما قد يدفعها مجددا الى الاقتراض من الاسواق الدولية. وقال اقتصاديون ومصرفيون ان العجز ربما تجاوز ثمانية بلايين دولار بعدما حقق فائضاً خلال عامي 1996 و1997 عندما ادى تحسن اسعار النفط الى ارتفاع ايرادات دول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من 15 بليون دولار. واشار الاقتصادي السعودي احسان ابو حليقة الى ان العجز في الحساب الجاري للمملكة العربية السعودية وحدها سيزيد عن خمسة بلايين دولار السنة الجارية بعدما حقق فائضاً بلغ متوسطه نحو 250 مليون دولار خلال العامين الماضيين. وقال في اتصال مع "الحياة" ان "وجود عجز في موازنات دول الخليج ليس مشكلة كبيرة لانه يمول عن طريق الاقتراض الداخلي". وأضاف "ان المشكلة الحقيقية هي العجز الخارجي اي الفجوة في الحساب الجاري نتيجة ضعف اسعار النفط والتحويلات المالية سواء للسعوديين او الوافدين وارتفاع واردات الخدمات... واعتقد انه اذا استمرت هذه المشكلة في السنوات المقبلة من دون اتخاذ اجراءات لمعالجتها فسيكون الاتجاه الى الاقتراض وارداً جدا". وعانت دول المجلس من عجوزات ضخمة في حساباتها الجارية في الفترة الاخيرة بسبب تقلبات سوق النفط وازمة الخليج وتحويلات العمال الوافدين وارتفاع الانفاق الدفاعي وواردات السلع والخدمات. وقدر العجز للدول الست بنحو بليوني دولار عام 1995، وبلغ اعلى مستوى له عام 1991 وهو نحو 50 بليون دولار. وعانت السعودية والكويت اكثر من غيرها اذ تجاوز العجز في حسابهما الجاري 90 في المئة من اجمالي العجز في دول المجلس. وحسب تقديرات رسمية، وصل العجز التراكمي في هاتين الدولتين الى اكثر من 115 بليون دولار بين 1991 و5199. وقال الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون "ان دول المجلس تعاني من عجوزات داخلية وخارجية بسبب غياب الاجراءات الفعالة لمعالجة الخلل في الاوضاع المالية واعتمادها شبه الكلي على مبيعات النفط والنفقات الضخمة على المشتريات العسكرية منذ ازمة الخليج". واضاف "ينبغي ان تتوقف دول المجلس عن الرهان على تحسن اسعار النفط والعمل على تنمية مصادر اخرى للعملات الصعبة... ونأمل ان نرى هذا الاتجاه في الفترة المقبلة لانه ليست هناك بوادر على عودة الازدهار الى سوق النفط". وقال ابو حليقة ان في امكان دول المجلس معالجة مشكلة العجز الخارجي تدريجاً عبر زيادة الصادرات غير النفطية وتشجيع المشاريع التي توفر فرص العمل وتقلل واردات الخدمات والسلع وتخفيف حركة خروج رؤوس الاموال. واضاف "آن لدول الخليج ان تنظر الى المشكلة بموضوعية وان تعمل على توفير الفرص المناسبة لتوظيف المدخرات السعودية وغير السعودية اضافة الى تقليل الحاجة الى الواردات من الخدمات واعادة هيكلة التعامل مع مصادر الدخل والحصيلة السنوية من العملة الصعبة". وقدر مصرفيون حجم التحويلات الشخصية الى خارج السعودية بنحو 23 بليون دولار عام 1997 منها 14 بليوناً تحويلات للوافدين.