أكتفي من حديث مزرعة واي بتعليقات على الهامش، طالما ان كل كاتب عربي يشعر بأن واجبه ان يتابع المفاوضات يوماً بعد يوم. على الهامش قرأت ان مجلس المستوطنين، وهو اكثر المجموعات السياسية الاسرائيلية تطرفاً، على اتصال بسارة نتانياهو للضغط على زوجها رئيس الوزراء كي يرفض الاقتراحات الاميركية للانسحاب. وقد طار بنحاس فالرستين، رئيس المجلس، وأهارون دومب، سكرتيره العام، الى واشنطن لفتح "غرفة عمليات" مع سارة نتانياهو. وأدعو ان ينجح مجلس المستوطنين وتنجح سارة في نسف اي اتفاق لأنني بت مقتنعاً بأنه سيكون على حساب الفلسطينيين. ولم يشجعني على تغيير رأيي ان اقرأ عشية الاجتماع مقابلة مع بن زيون صهيون نتانياهو، والد بنيامين نتانياهو في "هاآرتز"، ترواحت بين التطرف السياسي والانحراف العقلي والسياسي. وتذكرت وأنا اقرأها ان بنيامين ابن ابيه. نتانياهو الأب يؤمن ايماناً مطلقاً بتفوق الجنس الأبيض، وتفوق الحضارة الأوروبية، وتفوق الكنيسة المسيحية، والتخلف العنصري للثقافة الاسلامية، وواجب الصهيونية في ايصال التقدم الغربي الى الشرق. وهو بالتالي يقول انه كان واثقاً من ان الاتحاد السوفياتي لن يستعمل القنبلة النووية لأن روسيا أوروبية. وعلّق الصحافي الاسرائيلي المعروف ناحوم بارنيا على كل هذا الهذر بسؤال نتانياهو الأب عن رأيه في قتل ستالين 40 مليوناً من أهل بلده لشكه في ولائهم، وعن تصفية المانيا الأوروبية "المتحضرة" ستة ملايين يهودي وإثارة حرب عالمية، وعن القاء الولاياتالمتحدة قنبلتين نوويتين على اليابان، من المؤكد ان الثانية منهما التي ألقيت على ناغازاكي لم يكن لها مبرر. اغرب من كل ما سبق ان نتانياهو الأب اكمل لتوه كتاباً ضخماً عن اليهود المعروفين باسم "مارانو"، وبدا فيه مؤيداً للمسيحيين الاسبان، ومقارناً احتلالهم كل اسبانيا سنة 1492 بعودة الصهيونية، مع ان الاسبان طردوا اليهود من اسبانيا او ارغموهم على اعتناق المسيحية، وكانت النتيجة نشوء جماعة "مارانو" في أوروبا، وهم يهود يكتمون امر دينهم. وينتقل نتانياهو الأب من الآراء الغريبة الى الوقاحة المطلقة، فهو يهاجم مناحيم بيغن لتركه سيناء، ويقول ان اسرائيل تغيرت ولم يعد يرى الروح القتالية التي اشتهرت بها في الحروب السابقة. وهو يقول هذا مع انه ترك فلسطين خلال قتال اليهود فيها قبل 1948 ضد الفلسطينيين والانكليز، ولم يعد الا بعد تأسيس دولة اسرائيل، فأقام حتى سنة 1963 ثم عاد الى الولاياتالمتحدة، وأخذ يحاضر الاسرائيليين عن الحرب والسلام. وكان من نتيجة مواقفه هذه ان الجامعة العبرية في القدس رفضت اعطاءه مقعداً للتدريس فيها. وأطلت في الحديث عن نتانياهو الأب الا انني اشعر بأنه يجب ان اشارك القارئ طرفة من مقابلته، مع انه لم يكن يهاذر، فعندما سئل عن اكبر ضعف في بنيامين نتانياهو قال انه "مستقيم". ماذا ازيد؟ فيما كان بيل كلينتون يستقبل ابو عمار ونتانياهو كان يودع رحم ايمانويل، المدير السياسي للبيت الأبيض، منذ ولاية كلينتون الأولى. وما أذكر عن ايمانويل الذي بدأ العمل مع كلينتون في جمع التبرعات لحملته الانتخابية هو انه أدى الخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي، وهذا ما لم يفعل نتانياهو الأب. غير انني بدأت بسارة، وأختتم بهيلاري كلينتون، فقد سئل بيل كلينتون هل يوافق على رأيها المعروف عن وجوب قيام دولة فلسطينية في المستقبل، فلم يوافق او يعارض، وانما قال باسماً انه يحق لزوجته ان تبدي رأيها، الا انها ليست رئيس البلاد. وهيلاري كلينتون محامية ناجحة جداً، اما سارة فمضيفة طيران قليلة التعليم. وقد فشلت هيلاري كلينتون في اصدار قانون للرعاية الصحية والاجتماعية في الولاياتالمتحدة، من نوع اوروبي غربي، اما سارة فلم تحاول، وبالتالي لم تفشل، وانما نجحت في ارهاب زوجها بما يكفي ليبتعد عن ابنته من زواج سابق ويقترب من آرائها السياسية. وبنيامين نتانياهو لا يحتاج الى تشجيع، فهو ابن ابيه تطرفاً وعنصرية واحقاداً مغرقة في خرافات دينية، لذلك اذا فشل اجتماع واي فلن اذرف اي دمع عليه.