يقطع الدوري اللبناني التاسع والثلاثون لكرة القدم مرحلة واحدة مع نهاية مباراة الانصار والسلام زغرتا، اليوم، وسيتوقف 11 يوماً بسبب إشتراك المنتخب في دورة الامارات الدولية الى جانب منتخبي الامارات والسودان وفريق الجيش بديل منتخب سورية، على ان يستأنف في 31 الحالي. انطلق الدوري الجديد بعد مرور 137 يوماً على ختام سابقه، وعادت المنافسة لتنحصر رسمياً بين 12 فريقاً للمرة الاولى منذ الموسم 1974-1975 الدوري ال28... وفي ختام الموسم الجديد سيهبط الفريقان اللذان يحتلان المركزين الأخيرين وسيصعد اللذان في صدارة مجموعتي الدرجة الثانية. واستعداداً للموسم الجديد، حصنت الاندية صفوفها ب58 لاعباً اجنبياً من فلسطين وسورية والعراق ومصر ونيجيريا وارمينيا والسنغال ومالي وروسيا ويوغوسلافيا وترينيداد - توباغو. وكان الاقبال على اللاعبين العراقيين كبيراً 16 لاعباً. لكن اللافت ان غالبية الاجانب ليسوا من النوع السوبر حسب المقاييس اللبنانية، وان كانت الاندية تعتبر انها وجدت فيهم ضالتها المنشودة... وقد افرزوا هداف الدوري في كل من المواسم الخمسة الاخيرة. أين المستوى؟ ومرة جديدة، يطرح المستوى الفني للفرق نفسه، بعدما تحوّلت البطولة في الاعوام الاخيرة الى الحصرية الانصارية، وشكّلت ثلاثة او اربعة اندية دور الكومبارس، وانحصرت مهمة الاندية الاخرى في الكفاح الدائم لتفادي السقوط الى الدرجة الثانية، علماً ان موازنات تقدر بملايين الدولارات التي تنفق للتعاقد مع لاعبين محليين واجانب، في وقت تشكو الساحة الكروية من ندرة الملاعب الصالحة، ما انعكس سلباً على اتساع قاعدة اللاعبين وشكّل فراغاً جلياً خلال تشكيل منتخبات الفئات العمرية، لا سيما ان الوقت لاستحقاق "آسيا 2000" يداهم كرة القدم اللبنانية. "الثانية" مشتعلة في المقابل يجد كثيرون ان بطولة دوري الدرجة الثانية ستكون اكثر اثارة خصوصاً انها تضم سبعة فرق في مقدمها الراسينغ والحكمة والرياضة والادب التي سبق وتذوقت "نعيم" الدرجة الاولى مواسم طويلة، هذه الدرجة التي كان يطلق عليها منذ نحو عقد من الزمن "الدرجة الممتازة"، والتي لحقها تندر خفيف الظل خلاصته "انها تحمل من صفة الممتاز كل ما يجعل الكرة اللبنانية في وضع راوح مكانك"... والاسباب كثيرة. واذا كان الحكمة والرياضة والادب تعرضا من قبل لانتكاسة الهبوط الى الدرجة الثانية قبل ان يعودا الى موقعهما الطبيعي، وهذا ما فعله السلام زغرتا هذا الموسم، فان الراسينغ العريق يتذوق مرارة الدرجة الثانية للمرة الاولى، وما يزيد من صعوبة موقفه اوضاعه الادارية البائسة. ومن خلال القاء الضوء على الفرق الپ16 التي تؤلف مجموعتي الدرجة الثانية، تبدو كفة الحكمة هي الراجحة للاستئثار بالبطاقة الاولى لانه يعيش حالة من الاستقرار في اجهزته الادارية والفنية اكثر من غيره، وقد تعرّض "لتواطؤ مدروس" ادّى الى هبوطه في نهاية الموسم الماضي. اكتملت صفوف الحكمة ودعّمت بلاعب الهومنمن السابق وصانع العابه المخضرم بابكين ماليكيان وتولى مهمتي تدريب الفريق وقيادته في المباريات نظراً لخبرته الكبيرة، كما ضمّ الحكمة الى مدافع الرياضة والادب ابراهيم حصني وهداف الهومنمن السابق ريمون نجم والحارس كريم مناصري، وعزز جانبه بالاوكراني يفغيني الى جانب "قديميه" المولدافي سيرغي الكسندروف والسنغالي سيمباكورسيسي. ويأتي الرياضة والادب في طليعة المنافسين على بطاقة المجموعة الاولى مع الحكمة لتساويهما في الخبرة وخوضهما من قبل تجربة العودة الى الدرجة الاولى، وقد عزز "الفريق الشمالي" صفوفه بلاعبين سنغاليين ولاعب منتخب سورية ياسر السباعي ومهاجم المجد السابق صلاح حداد. ومن الفرق المحصنة ايضاً المبرة بطل الدرجة الثالثة، والاصلاح والبرج الشمالي الذي سبق ان نافس الحكمة من قبل موسم 92-93، لكنه لم يحظَ بفرصه اللعب في الدرجة الاولى، لان الحكمة ظفر ببطاقة العودة الى موقعه الطبيعي آنذاك. وفي المجموعة الثانية، حيث المنافسة مفتوحة امام الجميع، اصبح الراسينغ امام مخاض عسير، لا سيما انه لم يستعدّ جيداً لخوض المنافسة على بطاقة مجموعته، وستخلو صفوفه من اي لاعب اجنبي، ما يضاعف من مهام المحليين ويضعهم امام مسؤولية كبيرة يصعب اجتيازها بسهولة. واستنفر فريق المجد اجهزته كلها بعدما جددها، وقد استقدم لاعبي منتخب سيراليون ابراهيم كامارا لاعب الوسط المهاجم والليبيرو تيا ماتيوس والعراقي علي هاشم، الى كوكبة من لاعبي الاندية المحلية بينهم لاعبا منتخب الشباب مازن عوالي وعلي موسى. ويبقى الشبيبة المزرعة حامل لقب موسم 66-1967 منافساً قوياً على بطاقة الصعود. وتتساوى في فرص البروز ايضاً فرق الاهلي صربا والفتيان صيدا وشعلة الليطاني والاجتماعي طرابلس وجاره حركة الشباب، الذي "أُفرغ" من نجومه البارزين في الموسمين الاخيرين. الشرقي مستاء ومن خلال ما تقدم تبدو الصورة الواقعية التي يرسمها الضالعون بشؤون كرة القدم اللبنانية، اذ يخشون الاتجاه السريع للدوري الحالي للدرجة الاولى الى اللون الباهت، وبالتالي الهجرة المخيفة للجمهور وتجنبه ارتياد الملاعب. عدنان الشرقي، المدير الفني في نادي الانصار، لا يبدو البتة سعيداً بزعامة فريقه، اذا لطالما ردد متسائلاً بعفوية "ما هو هذا الدوري المحصورة المنافسة فيه على اللقب بين فريقين اثنين؟ وكيف للنجمة والانصار ان ينافسا الفرق الاجنبية ولا يجدان من ينافسهما بقوة في لبنان؟ وفي ظل هذا الوضع كيف يمكن لكرة القدم اللبنانية ان تتقدم بسرعة؟ يلعب الانصار والنجمة داخلياً بايقاع معين، ولا يمكن رفعه بنسبة 70 في المئة دفعة واحدة لدى مقابلة فريق اجنبي. فالمطلوب اولاً رفع مستوى اللعبة عموماً حتى نتساوى بالمستوى والامكانات مع الفرق التي نقابلها في المسابقات الخارجية، ولا نستطيع القول ان فريق النجمة سيء حين يخسر امام فريق عربي متطور بل نقول ان النجمة لا يقابل 20 فريقاً على الاقل من مستوى معين. وهذا ما ينسحب على الانصار وغيره... وعلى الجمهور ان يدرك هذه النقطة...". ويشدد الشرقي على ان التنافس بين خمسة أو ستة فرق محلية يعزز المستوى ويطوره... وحول فنيات اللاعبين الاجانب يقول الشرقي: "أجانبنا ليسوا بالمستوى المطلوب، سمّ لي خمسة اجانب مميزين في الفرق كلها. نحن نستقدم اللاعب الاجنبي لان ذلك بات "موضة" وكذلك لوجود نقص عددي باللاعبين... هناك 12 نادياً هذا الموسم في الدرجة الاولى يحتاج كل منها الى 30 لاعباً، اي يحتاج الدوري اللبناني للدرجة الاولى الى 360 لاعباً. وكيف يطالبون ان يكون هناك مستوى رفيعاً؟! ويشدد المدير الفني لمنتخب لبنان المصري محمود سعد، الذي سبق ان اختبر كرة القدم اللبنانية لاعباً، على ضرورة ايجاد معهد لكرة القدم لاعداد المدربين، وبذلك تبدأ الخطوات الفاعلة في الطريق الصحيح.. والاندية اساساً تقوم بالدور المناط بها بل تفتش عن اهدار مئات آلاف الدولارات لتطوير نفسها والتقدم بمستواها تصطدم بمعوقات لوجستية ابرزها الملاعب واعتماد التمويل على مبادرات فردية ورعاية متمولين تطير احلام الفريق بمجرد عزوفهم او ابتعادهم... خصوصاً ان الجمعيات العمومية للاندية وهمية بغالبيتها..". ظلال ثقيلة انطلق الدوري اللبناني لكرة القدم والخلاف بين اتحاد اللعبة والنجمة يرخي بظلاله على وهج البداية من خلال البيانات الصحافية المضادة التي دخل النائب عدنان عرقجي طرفاً فيها باتهام امين عام الاتحاد رهيف علامة بالتسلط. وردّ الاخير، ثم اعلان عرقجي عن العمل لاسقاط الاتحاد ورموزه "الطغاة"، واعتزامه اشهار تجاوزات الاتحاد الادارية والمالية. وعشية انطلاق البطولة، اعلن النجمة ان الاجراءات التعسفية والجائرة متواصلة بحقه من قبل الاتحاد "وما فتىء يتلقى الضربات بسبب قرار انسحابه من كأس الكؤوس الاسيوية، وهو قرار ملك للنادي ويحاسب عليه من قبل الاتحاد القاري..". وناشد النجمة قاعدته الجماهيرية العريضة "العض على الجراح والاستمرار في جرع كؤوس الصبر رغم مرارتها لتفويت الفرصة على الذين يحاولون جرّه الى مواقف غير مسؤولة ينفذون منها لاتخاذ المزيد من الاجراءات التعسفية الهادفة الى افلاس النادي والايقاع بينه وبين جماهيره الوفية التي أضحت نموذجاً حياً للوعي والانضباط...". ونشدان الانضباط الجماهيري، مسألة تقض مضاجع الاندية كلها، وقد أحيا ذلك افكاراً ومبادرات سابقة لتشكيل ما يمكن تسميته لجنة ارتباط بين الاتحاد والاندية تسعى الى المعالجة الهادئة حفاظاً على وحدة عائلة كرة القدم وعدم تسميم الموسم وتعطيله لاحقاً. واعلن رئيس نادي الاخاء الاهلي عاليه بهيج ابو حمزه عن سعيه لايجاد مثل هذه اللجنة، وقد بدأ اتصالات بهذا الخصوص "لان ذلك ضروري لاستدراك اية سلبيات..". واكد ابو حمزه انه من غير المقبول ان تبقى المدرجات عرضة للفلتان الجماهيري الذي يرخي بظلاله القاتمة، مشدداً على ان الاندية لا تطرح نفسها بديلاً عن الاتحاد. "دورنا كأندية مساعدة الاتحاد ومسؤوليتنا كبيرة في هذا المجال، على الجميع معالجة الامور على نار هادئة ضمن عائلة كرة القدم، وهناك دائماً مسببات للازمات، وعقد اجتماع اسبوعي لعرض المشاكل وطرح المعالجة حل سريع ومجدي..". واعتبر ابو حمزه ان على لجنة الاندية مواكبة النشاط اسبوعياً وتقويم السلبيات والايجابيات لتعالج كل حالة بحالتها. لان ما يحصل حالياً تراكم لبعض الشوائب التي تشهدها المباريات، ما يؤدي الى الانفجار ويخلق التباعد فتصعب المعالجة.