عرف الحبيب رويدك فالصبابة لا تدوم ولا يبقى لك الوجه الوسيم وسوف إذا رأتك العين يوماً يغضّ بها الأباء فلا تشيم وسوف أراك لكن ما أرى ما به قد كنت من قبل أهيم وهبتك في الهوى قلبي فأمسى وفيه منك يا قمري كلوم فكيف تريد أن أبقى مقيماً على حفظ العهود ولا تقيم وتطلب في الهوى خلاً جديداً ويرغب فيك صاحبك القديم محال أن تكون لنا حبيباً وأن نرضى بودّ لا يدوم وأن تختال من عجب علينا ولا نشكو اليك ولا نلوم فيا مَن لجّ في الأعراض مهلاً فليس لما أتيت به لزوم ليالينا التي مرّت سلامٌ عليها كلّما هبّ النسيم نعم أنسى أتحسبني أنسى ليالينا التي رشفنا الهوى فيها على نور بدرها أتحسبني أنسى خفوق جوارحي وقد شدّ رأسي زندها نحو صدرها أأنسى الذي أملت عليّ عيونها فنظّمته عقداً نفيساً لنحرها أأنسى؟ نعم أنسى إذا صحّ زعمهم بأنّ فتى غيري يلمّ بفكرها على ثغرها قبلاً طبعت قصائدي بثغري فليهنأ فتاها بثغرها في الهوى ولي في الهوى شعرٌ أرقّ من الهوا وأصفى من الدمع الذي أنا ساكبه تميس به الأغصان يانعة الجنى وتختال في برد الجمال كواعبه سرت كهرباء الروح سرت كهرباء الروح منك فأثّرت عليّ بما في الروح من قوّة الجذب فلا بدع أن يهتزّ قلبي كلّما تسرّب روح الكهرباء الى قلبي ملائك أم شياطين فواتن كتب الله الشقاء لنا بهنّ هل من فتى فيهنّ يفتينا شيخ المحبّين قل لي هل فواتننا كنّ الملائك أم كنّ الشياطينا يا بدر لك الله يا بدر من صابر على حالة ذاب منها الحجر فلم أجتز السنوات القلائل حتى سئمت فعال البشر وأنت على طول عهدك بالناس لم تبرح الدهر هذا المقر فما أنت يا بدر إلا جماد وما فيك للروح أدنى أثر وربّك لو كان فيك شعور لكان تولاّك منا الضجر كيف لا أشتهي سألتني وطفلها يعلقُ النهد فيمتصّ نهلة غبّ نهله ويشمّ الأريج من جنّة الصدر ويروي من نبعها العذب غلّه أفلا تشتهي لو أنّك طفل مثل هذا؟ فقلت قول مولّه كيف لا أشتهي إذا كان حظّي حظّ هذا الصغير أفعل مثله ابسمي للشباب ارقدي تحرس الملائك عينيك فعيناك عزّ هذا الملكِ وابسمي للشباب فهو جميل واتركي مقلتي الشقية تبكي في عروقي بقية من دمائي لم يدعها جفناك من غير سفكِ * * * هوذا البدر جاء يلثم خدّيك فلمَ لا تقصين ذا الصبّ عنكِ إن يكن في النجوم حبّة نور فأنا في الأنام حبّة مسكِ تحت رسم سوف تبقى يا رسم ذكرى الصبا ما دمت حياً ودمت غضّ الأهاب وسأرنو يوماً اليك وأشدو يا حنيني الى زمان الشبابِ بين الأرض والسماء الى جانب البدر نجم جميل يرفرف قلبي دوماً عليه فيحسبه النجم طيراً فيهدي إليّ السلام على جانحيه ولا يرجع القلب حتى يعود ورسوم وجدي في مقلتيه فيا قلب ما أنت إلا بريد فمنه إليّ ومنّي إليه ما أظلمك أنحلتني بالهجر ما أظلمك! فارحم عسى الرحمان أن يرحمك مولاي حكمتك في مهجتي فارفق بها يفديك مَن حكّمك كنت غريقاً في بحار الهوى فصادني جفناك صيد السمك سلِ الدجى كم راق لي نجمه لما حكى مبسمه مبسمك مولاي إن واصلتني بالجفا وملت في شرخ الصبا مغرمك قل للدجى مات شهيد الهوى فانثر على أكفانه أنجمك * هذه القصائد مختارة من شعر الأخطل الصغير المجهول وكان نشرها في جريدته "البرق" من العام 1909 الى العام 1921، ولم يضمها ديوانه "الهوى والشباب" ولا المختارات التي حملت عنوان "شعر الأخطل الصغير". وفي الذكرى الثلاثين لرحيل الشاعر تحتفل به في بيروت مؤسسة البابطين من 14 الى 17 الجاري.