ترك هادي العلوي 1932 - 1998 ثروة فكرية، لم يمهله الموت لاكمال المهم منها، وهو القاموس اللغوي الذي نشر منه جزءين فقط. بدأ العلوي حياته تقياً بالفطرة، لافتاً نظر اترابه من الصبيان والشبان، كان متديناً يطيل العزلة، مواجهاً فقره المدقع بالتأمل والصلاة والصيام، والعفة عن مد اليد او بيع ما لا يمكن بيعه. وفي هذه الخصلة التي رافقته طوال حياته كان على خلاف مع اقرب الناس اليه، من الذين ريضوا انفسهم على القرب من السلطة، واستحلوا مجالسها. كان ذلك محرماً في عرف العلوي، تصرف بهذا السلوك وكأنه احد متصوفة بغداد ومعتزلتها، من الذين حرّموا على انفسهم ومريديهم مجالسة اهل السلطة. لا يندهش الذي يقترب من العلوي فكراً وشخصاً من اقدامه على تبني المذهب النباتي في الغذاء والسلوك، ولا يدهشه اقدامه على الحاق لقب "البغدادي" باسمه، فذلك اللقب، مضافاً الى كنيته "ابو الحسن" يذكره بمفكري بغداد الأوائل، او ان يلحق باسمه لقب "سليل الحضارتين"، او ان يكتب على باب داره عبارة "مرتقي الحضارتين"، وهما الحضارة الاسلامية والحضارة الصينية التي شغف بها وتشبع من روحانيتها. اضافة الى ما تقدم من غرائب العلوي، فقد اختار "معرة النعمان" مكاناً روحياً رمزياًَ، لاصدار مقالاته او كتبه، حتى جعل الآخرين يسألون او يعتقدون بأنه سكن المعرة واعتزل الناس عزلة ابي العلاء المعري. تشير سيرته الشخصية الى انه ولد العام 1932، وبذلك عاش الفترة الملكية، وساهم في تقويضها بانتمائه السياسي المبكر الى حزب "الجبهة الشعبية"، ثم حضوره الاجتماع التأسيسي لحزب "المؤتمر الوطني". بهذا كان قريباً من شعائر الديموقراطية، فالحزب المذكور تكون من حزبي كامل الجادرجي ومحمد مهدي كبة. ولم تعجب العلوي ميوعة الحزبين المذكورين. فنشأته فقيراً الى حد الجوع، وجمعه لنوى التمر من طرقات بغداد ثم بيعه بفلس او فلسين مماثلاً فعل قطب التصوف معروف الكرخي، لا يتفق مع الافندية على حد عبارته، لذا دفعته فورة الشباب الى ان يعتقد في نفسه مفكراً شيوعياً، حال انتمائه للحزب الشيوعي العراقي، مندفعاً في التعجيل بقيام دولة الفقراء التي سعت اليها البشرية في تجارب عدة ولم تبلغها. كذلك لم يستقر حاله في الحزب الشيوعي، فأخبار غيفارا وماو كانت مغرية آنذاك، فالتنظيم الشيوعي كان يحرض بالكتاب دون بندقية، ام الماوية او الغيفارية فتحريضها كان متجاوباً مع حقد العلوي على الاقطاع والبرجوازية. لكنه ما لبث منخرطاً في "القيادة المركزية" فترة وجيزة، حتى خاب ظنه، وعاد ادراجه منكسراً. الحقيقة ان مثل هادي العلوي لا تصلح له السياسة، فهو الحالم الصوفي، لا يناقض قلبه لسانه، روحه منبسطة وصافية صفاء النهر عند الفجر، ما له والسياسة وسرعة تقلبها وكثرة وجوهها، وهو لا يجيد ابسط مقتضيات المجاملة. فقد تفادى مصافحة الملك فيصل الثاني عند توزيع الشهادات على المتخرجين المتفوقين من كلية التجارة والاقتصاد العام 1954. وفي اواخر ايامه تمثل بسلوك المهاتما غاندي، فقد خلع البذلة الأوروبية، وعاد يلبس اللباس العراقي التقليدي، فروحه لا تستطيع تحمل ابسط انواع النفاق، ناهيك عن ان السياسة المخالفة للسلطة، في العراق خصوصاً لا يصلح لها العلوي روحاً وجسماً. نقل عن العلوي شدة تدينه، فكان قساً بين زملائه. لكن تلك الروحية، بعد تحوله الى الماركسية، لم تفارقه، فما كتبه من نقد للدين والتدين لا يقصد فيه غير نقد التحايل على الدين واستغلاله، وكان كثير النقد للاعلام الرسمي والشعبي في المناسبات الدينية، بل كان يتهم الاعلام بالنفاق في مثل هذه الامور. آخر عمل سياسي جربه العلوي كان المشاركة في تأسيس "التجمع الديموقراطي" في منتصف الثمانينات، وقد خص صحيفته الشهرية "الغد الديموقراطي" بلمحة تراثية، عميقة المعنى. بعد ذلك، وقبل مماته بفترة وجيزة، تبنى مشروعاً اطلق عليه اسم "المشاعية الاجتماعية"، احسب انه طرحه، عبر صحيفة عربية تصدر في لندن العام 1994، كان بصيغة رسالة الى الحزب الشيوعي العراقي والمجتمع العراقي، والمناسبة كانت تأسيس الحزب المذكور، وجاء فيها نقد للشيوعيين، وعرض مشروعه المشاعي الذي يقوم بالأساس على الرصيد الحضاري العراقي، وان هذه الحركة ليست سياسية، وانما هي ناصح وموجه للدولة. وأية دولة ستقبل النصيحة والتوجيه من خارجها؟؟ لعلّ العلوي في هذا الطرح الخيالي اطلع على تجربة المعتزلة مع أبي جعفر المنصور، حين كان رئيسهم عمرو بن عبيد الباب زاهداً في منصب الوزارة والقضاء، بل زهد في مجالسة المنصور الذي كان يتودد له كثيراً لفضله عليه في ايام الحركة العباسية السرية زمن الامويين. ظل العلوي مغرماً بالتجربة الصينية في بناء الاشتراكية، لكنه تراجع عن احترام رائدها ماو بعد ان شن الاخير حملة ضد الكونفوشيوسية، حتى لقب فيلسوف الصين الأول كونفوشيوس بپ"حكيم الطبقات الرجعية". وزاد ضجر العلوي من الثورة الثقافية اكثر بعد ان كشف ان ماو اتخذ موقف العداء من تلك الفلسفة بغضاً للمنشق عليه لين بياو الذي كان معجباً بتلك الفلسفة. لكن ذلك لم يؤثر في اعجاب العلوي باشتراكية الصين التي وازنت، على حد رأيه، بين الحاجات الروحية والمادية، بل كان ميلها الروحاني ارجح كفة. وبعد قضاء مدة طويلة بالصين مدرساً للغة العربية، ثم عودته للاقامة فيها فترة اخرى، اطلع العلوي على الكثير من خصوصيات تاريخ الصين الروحي، وكان كرهه للغرب وماديته الصارخة يزيده قرباً الى الصين وفلاسفتها، وكأنه يبحث عن ملاذ دولي آخر خارج الملاذ الاميركي - الأوروبي. كتب العلوي، في طلبه للتقارب بين الفكر الصيني القديم والفكر الاسلامي، تحت عنوان "الميتافيزيقيا الانسانية بين تشوانغ تسه والفكر الاسلامي" الثقافة الجديدة، العدد 250: "من الفوات المزعج في تاريخ الفكر عدم اكتشاف المسلمين للفلسفة الصينية، فقد كان لحادث كهذا ان يوجه الفكر الاسلامي في مسارات مختلفة، مع تعدد مصادره، وعدم اقتصارها على مصدر واحد هو فلسفة اليونان". ويسبق العلوي الى التقليل من شأن عامل اللغة، فاللغة الصينية ليست كغيرها من اللغات، صعبة الكتابة والنطق، بقوله: "ولا يصح الاحتجاج بالحاجز اللغوي، فاللغة الصينية ليست احجية، وقد تعلمها المسلمون الذين وفدوا الى الصين، وأقاموا فيها، ولو انهم كتبوها اول الامر بحروف عربية، قبل ان يتمكنوا من اتقان المقطع". اهمل العلوي، ربما عن غير قصد، مهام الترجمة عن اليونانية التي قام بها المترجمون السريان الذين نقلوا عن اليونانية الى السريانية اولاً ثم الى العربية، لتسهيل المهمة، ويصعب وجود عربي كان يجيد اليونانية، من غير السريان من العراقيين والشاميين، لكن التفاتاته لترجمة التراث الصيني تبقى امنية في ذمة التاريخ. ان طلب الانفتاح على الصين بات القضية التي يطرحها العلوي في كل مناسبة، ففي ذلك استغنى عن الغرب والثقافة الغربية التي لم يتردد في اعلان العداء العميق لها، قال في ذلك: "كشفت لي دراسة الفلسفة الصينية عن نقاط مشهودة مع الفكر الفلسفي الاسلامي، وينطبق ذلك على المدارس الفلسفية المعروفة في الصين، لا سيما الكونفوشيوسية، التاوية، الموهية، التاوشية". في مكان آخر يعتبر العلوي امر الانفتاح على الصين قضية غير منتهية، بالنسبة الى الفكر الاسلامي والفكر الاشتراكي العلماني، فبعد اتهام المثقفين المتمركسين، على حد عبارته، يدعو الى قيام الاشتراكية الصحيحة بالانطلاق من تاريخ البلدان وحضارتها، بالاتفاق مع الاقتصاد الماركسي، وهذا ما حصل في الصين التي "انطلقت من تراثها الكموني، لانجاز تنمية ناجحة في قطاعي الزراعة والصناعة الخفيفة، احدثت تحولاً جذرياً في حياة الشعب، حين وفرت الحاجات الأساسية لمليار نسمة" مجلة مواقف، العدد 63. والغريب في الامر ان حنين العلوي للتراث القديم وتوجهه اليه في بناء مجتمع اشتراكي معاصر لم يدفعاه الى دراسة تلك الحضارة، الرافدية منها او المصرية، ما عدا ما ورد في كتابه الاخير "المرئي واللامرئي" 120 - 128. ولو اهتم العلوي مبكراً في هذا المجال، كاهتمامه بدراسة حضارة الصين مثلاً، لحقق نتائج هائلة، فالمعروف عنه المثابرة والعمق في البحث والدراسة. وبقدر اعتزازه بالتجربة الصينية، ما قبل الثورة الثقافية، التي وازنت كما اسلفنا بين الحاجات الروحية والمادية، وحافظت الى حد كبير على قيم المجتمع الصيني التاريخية، لام العلوي التجربة السوفياتية في بناء الاشتراكية، وعاب عليها الاعتماد الكلي على الجانب المادي من دون اي اعتبار للجانب الروحي. وفي ذلك يكمن، على حد اعتقاده، فشل تلك التجربة بصورة مذهلة وحول ذلك كتب معقباً على "القاموس الفلسفي" ترجمة مالك مسلماني: "المادية الصرفة هي كالاكليروسية الصرفة، اتجاه حسي مفرغ من القيم الانسانية، يحتقر العلاقات الروحية بين الناس، ويستهين بالاخلاقيات الصوفية مرادفاً بينها وبين الدين، ولكن من غير الدعوة الى اللذائذية المنطلقة من تصور الانسان مجرد بهيمة يأكل ويشرب وينكح لا غير. كان غوركي ولوناتشارسكي وصحبهما يمتلكان بعداً روحياً كونياً، يتلاقى مع الموقف الصوفي الذي يدعو على لسان اقطاب التصوف الاجتماعي الاسلامي، الى اطعام الجياع من غير اقتران باللذائذية والحسية والبهيمية. إن رفض الشيوعية السوفياتية والصينية، تحديداً الثورة الثقافية، للبعد الروحي في الانسان افرغ الشيوعية من نبضها الانساني العميق" مجلة النهج، العدد 45. لهادي العلوي الكثير من الملاحظات المثيرة حول الظواهر الفكرية والفلسفية واللغوية. ففي الفلسفة اعترض على مصطلح "الفلسفة العربية الاسلامية" الذي قبل به حسين مروة عنواناً لكتابه "النزعات المادية"، باعتبارها تزاوجاً بين الواقع العربي والفكر الاسلامي. يقول العلوي معترضا: "وأنا افضل تسمية حضارة اسلامية وفلسفة اسلامية وفكر اسلامي وعلوم اسلامية، لأنها ادق الدلالة على التركيب الحقيقي لهذا التراث، وعندما نتحدث عن تراث العقلانية العربية، فالحديث يجب ان يكون عن العقلانية الاسلامية، لأن العصر الجاهلي لا يصنف في عصور الحضارات، وبذلك يرجع تاريخ العقلانية الى القرن الأول الهجري" النهج، العدد 43. ويعرف العلوي العقلانية بقوله: "تنشأ مع الفكر الفلسفي، لأنها تقترن بالتفكير العقلي المنظم، تأتي على الضد من التفكير الاسطوري السابق للتفلسف". ولا ادري الى اي مدى يتناقض هذا الطرح مع الدعوة للعودة الى الفكر القديم، العراقي منه او المصري او الصيني، الذي كانت الاسطورة شكله ومضمونه السائدين. ومع ذلك فللمفكر العلوي حجته في الطرح، فالعقلانية لا تعني اقل او اكثر من ذلك، والفكر الاسطوري بدوره كان يجمل قوانين اجتماعية معروفة، وما زال منها ساري المفعول في دساتير الدول وشرائعها. كان موقفه من الاستشراق مماثلاً لموقفه من الثقافة الغربية تماماً، حتى اطلق على المستشرق تسمية "الحرامي الغربي"، والمستشرقون، في نظره، رسل الاستعمار الى الشرق. لكنه يستثني بعض الاسماء من الذين اعترفوا بقيمة الشرق الحضارية، كاعترافهم بوجود فلسفة صينية وهندية واسلامية، ومثاله في ذلك المستشرقة الفرنسية غواشون مؤلفة كتاب "التمييز بين الماهية والوجود عند ابن سينا". ويؤكد العلوي ان غواشون ليست ماركسية، بمعنى انه برأ المستشرقين الماركسيين من خطايا الاستشراق. حاول العلوي التقريب بين اللغة المحكية واللغة المكتوبة، اي بين اللهجات والفصحى. تبنى ذلك للمرة الأولى، على حد علمي، في مقاله "حول الحداثة في اللغة" مجلة "مواقف" 1980، آنذاك دعا الى: "اسقاط الاكليروس اللغوي من حسابنا، والتعامل مع اللغة من منظورنا الخاص، شرط الاحاطة بها: صرفاً، ونحواً، ومفردات". كانت مقالات العلوي المتحررة من الاكليروس اللغوي محرجة لناشري كتبه ومقالاته، حتى دفعهم ذلك الى التنويه، على سبيل المثال لا الحصر، ورد في هامش مقاله "الفكر العربي الاسلامي وضرورة التجديد المنهجي" "مواقف" 1990: "للأستاذ العلوي وجهة نظر في النحو والصرف والاعراب، وتبعاً لذلك في تهجئت الكلمات وكتابتها، واحتراماً لوجهة النظر هذه، دون ان يعني تبنياً بالضرورة". لعلّ اهتمامات العلوي التراثية تبلورت بصدور كتابه "اضواء على معضلة الكنز، اقدم محاولة لتحريم التملك الخاص في الاسلام" بغداد 1962. وفي تلك الفترة صدرت له، ايضاً، ثلاثة بحوث مساهمة في احتفالات بغداد بألفية الفيلسوف الكندي، في عهد رئيس الوزراء عبدالكريم قاسم. لم يذكر للعلوي من الكتب الفلسفية غير كتاب "نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي" بغداد 1971، وكُتيب "الرازي فيلسوفاً" عدن 1985، الذي ضمه، فيما بعد، الى كتابه "شخصيات غير قلقة في الاسلام". وملا صدرا الشيرازي ت 1059، من القائلين بوحدة الوجود، وكان يسمى الأخوند الاستاذ. ومن اهم كتبه التي اعتمدت بالتأليف "الاسفار الأربعة بالحكمة". يقول العلوي عن تلك النظرية: "هذه النظرية بدعة خاصة للملا صدرا، فهي نتاج منهجه الفلسفي، وان كانت بعض تفاصيلها مستقاة من بعض قدماء الفلاسفة، مثل هيراقليطس". يبدو العلوي، في هذا الكتاب، معجباً جداً بشخص الشيرازي وفكره حتى انه عزا له ما لغيره من سبق في مجال الحركة من المتكلمين والفلاسفة. ومن كتب العلوي ذات المادة التراثية، وما فيها من دلالة الماضي على الحاضر، كتابه "المستطرف الجديد" دار الطليعة 1980، مقلداً البهشي في كتابه "المستطرف"، وقد أضاف له، فيما بعد، مادة غزيرة تحت عنوان "ذيل المستطرف الجديد" نشرتها مجلة "المدى" في الأعداد 14 - 18. وعلى المنوال نفسه الف كتابه "المستطرف الصيني" دار المدى 1994. وقبل ذلك اصدر "ديوان الهجاء العربي" دار حوار 1982، بعدها اصدر كتيبين: "من تاريخ التعذيب في الاسلام"، و"تاريخ الاغتيال في الاسلام" مركز الدراسات والبحوث الاشتراكية، ثم كتاب "من قاموس التراث" الأهالي 1988، وضمن هذا الكتاب مادة كبيرة من كتابه السابق "معضلة الكنز" مع الاضافة والتعديل. الف العلوي في علم التاريخ "محطات في التاريخ والتراث" دار الطليعة 1997، و"فصول من تاريخ الاسلام السياسي" مركز الابحاث والدراسات الاشتراكية، 1995، وضمَّن الاخير كتيبه "من تاريخ التعذيب في الاسلام". وفي شأن المرأة كان كتابه "فصول عن المرأة" دار الكنوز الأدبية 1996، زيادة على ما نشره في مجلة "النهج" تحت عنوان "المرأة في الجاهلية والاسلام" العدد 41. في اللغة صدر له "المعجم العربي الجديد" دار حوار 1983، وكان هذا الكتاب بمثابة التمهيد لمعجمه الكبير: "قاموس الانسان والمجتمع و"قاموس الدولة والاقتصاد" دار الكنوز الادبية 1997 وكان المحتمل في المشروع الاخير ان يصدر في عشرة اجزاء، لكن انشغالات العلوي بالكتابة في موضوعات متنوعة اخرى، ووفاته المبكرة نسبياً حالت دون تحقيق ذلك. اما آخر تركته، على حد علمي، فكان كتاب "المرئي واللامرئي في الأدب والسياسة" دار الكنوز الادبية 1998، وهو كتاب جامع، يتضمن نقوداً ومثيرات لا حصر لها. وترجم العلوي عن الصينية "كتاب التاو" دار الكنوز الادبية 1995، من تأليف الفيلسوف الصيني تشوانغ تسه. ومن كتبه التي لم نتمكن من تحديد ماهيتها كتاب "آراء وأصداء" بغداد 1973 الذي اشارت اليه مجلة "ابداع" العراقية. وفي خاتمة الجولة في مؤلفاته اود التذكير بأني لم اعثر على كتابيه "الدين والثورة" و"اللزوميات". ما أريد قوله وأنا اختم مقالي عن المفكر هادي العلوي انه حقق في البحث التراثي ما لم يحققه غيره حين جمع بين سلاسة الاسلوب وعمق الفكرة، بذلك حبب قراءة التراث لمستويات مختلفة من القراء. تمرد العلوي ولكن لم يخرج من داخله رجل الدين، المتواضع والصافي السريرة. وفي احاطته بتخصصه، الذي لم يأخذه من دراسة اكاديمية يصدق عليه القول: عنده ما عند الآخرين، وليس عند الآخرين ما عنده. * باحث عراقي.